كان في البين تكليف إلزامي يتوجّه لأحد الطرفين على تقدير كون المجنب هو الآخر كالمنع من الاقتداء به ، أو المنع من استيجاره لصلاة أو صوم عمّن كان ذلك الطرف ملزماً بالاستيجار عنه ، فلا ينبغي الإشكال حينئذ في لزوم الغسل على ذلك الطرف ، لما عرفت من العلم الاجمالي المردّد بين لزوم الغسل عليه ولزوم عدم الاقتداء بالآخر أو عدم استيجاره للعبادة المذكورة ، وحينئذ يكون حكمهم بعدم لزوم الغسل مختصّاً بما إذا لم يكن في البين إلاّمجرّد وجوب الغسل المردّد بين الطرفين ، كما يومئ إليه استدلالهم على ذلك كما في الجواهر بعدم تعارض الأُصول.
ولعلّه يشير إلى ذلك المرحوم الحاج آغا رضا قدسسره في أوائل كتاب الطهارة في مبحث الشبهة المحصورة في مقام الردّ على صاحب المدارك ، حيث إنّه قال فيها بجواز الارتكاب ، واستدلّ على ذلك بأُمور منها قوله : وقد ثبت نظيره في حكم واجدي المني (١) فقال المرحوم الحاج آغا رضا قدسسره في مقام الردّ عليه ما هذا لفظه : وأمّا ثالثاً : فما ذكره من النقض بواجدي المني ، ففيه ما عرفت من عدم تنجّز التكليف بالنسبة إلى كلّ منهما في مثل هذا الفرض ، لخروج الطرف الآخر في حقّ كلّ منهما عن مورد ابتلائه ، فالأصل في حقّ كلّ منهما سليم عن المعارض (٢).
ولعلّ ما في طهارة الشيخ قدسسره ما هو أظهر من ذلك ، فإنّه قال : ثمّ إنّ الوجه في عدم وجوب الغسل على واحد منهما ، أنّ أصالة الطهارة في كلّ واحد منهما في حقّ نفسه لا تعارضه أصالة طهارة الآخر إذا لم يكن طهارة الآخر ممّا يتعلّق به
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٢) مصباح الفقيه ( كتاب الطهارة ) ١ : ٢٥٢.