الثلاثة ولا رابع لها حتّى علقة التضايف كالأُبوّة والبنوّة ، فإنّهما معلولان لعلّة ثالثة وهي تولّد هذا من ذاك. ثمّ إنّ تسمية الثالث وهو كونهما معلولين لعلّة ثالثة بالبرهان الإنّي اصطلاح ، وإلاّ فإنّه يشتمل على كلا الانتقالين ، لأنّه يكون الانتقال فيه من الأوسط الذي هو أحد المعلولين إلى علّته ، ثمّ الانتقال من هذه العلّة إلى معلولها الآخر الذي هو الأكبر.
قوله : فإنّ الحجّة باصطلاح الأُصولي عبارة عن الأدلّة الشرعية من الطرق والأمارات التي تقع وسطاً لإثبات متعلّقاتها بحسب الجعل الشرعي ... الخ (١).
الظاهر أنّ الحجّة الأُصولية لا تنحصر بالأدلّة الشرعية ، بل إنّ الحجّة الأُصولية أعمّ شاملة لذلك وللحجّة المنطقية المعبّر عنها بالدليل العقلي ، حيث إنّ أدلّة الفقه أربعة : الكتاب والسنّة والإجماع ودليل العقل ، الذي هو مأخوذ من قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، الذي يكون لسانها هو الحسن والقبح العقليين ، فيقال : هذا قبيح عقلاً ، وكلّ ما حكم العقل بقبحه فقد حرّمه الشارع ، وهو استدلال لمّي ، لأنّ القبح العقلي علّة للحرمة الشرعية.
ثمّ بعد بيان مصطلح المنطقيين والأُصوليين في الحجّة ينبغي تحرير البحث في مقامات ثلاثة :
المقام الأوّل : في القطع الطريقي ، ولا ريب في عدم كونه دليلاً لا باصطلاح المنطقيين ولا باصطلاح الأُصوليين.
المقام الثاني : في القطع الموضوعي ، وهو بالنسبة إلى متعلّقه يكون حاله حال القطع الطريقي ، وبالنسبة إلى الحكم المترتّب عليه ، أو عليه وعلى متعلّقه
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٧.