ولكن لا يخفى أنّ التنزيل الثاني وإن لم يحقّق لنا إحرازاً للواقع ، إلاّ أنّه يكفي لترتيب الأثر المرتّب على الواقع والإحراز ، وذلك من جهة تكفّل التنزيل فيه بذلك من دون حاجة إلى جعل الإحراز ، وهذا هو الذي أشار إليه المرحوم الشيخ محمّد علي في حاشية منه في الهامش (١) ، فراجع وتأمّل.
وأمّا ما ذكره في التحرير المشار إليه بقوله : رابعاً (٢) ، فهو ما عرفت من إنكار الملازمة المبنية على اللغوية ، وقد عرفت إمكان بنائها على دعوى الملازمة العرفية. وأمّا ما اشتمل عليه خامساً فهو راجع إلى إبطال ما أفاده في الكفاية ، من أنّه لو تمّت هذه الطريقة لعمّت القطع الصفتي (٣) ، وقد عرفت أنّ الإنصاف هو ذلك.
فقد تلخّص لك من جميع ما حرّرناه : أنّ الإيراد الوحيد هو فساد أصل المبنى ، وهو كون مفاد دليل الاعتبار هو جعل المؤدّى وأنّه منزّل منزلة الواقع ويتلو هذا الإيراد إنكار الملازمة بكلا طريقتيها العرفية ولزوم اللغوية. أمّا ما أُفيد في التحرير المشار إليه ثالثاً وفي هذا التحرير ثانياً فقد عرفت الجواب عنه ، أمّا ما أُفيد في التحريرات المشار إليها بقوله رابعاً ، فقد عرفت أنّه إنّما يرد لو كانت الملازمة المدعاة هي المبنية على أساس دعوى اللغوية ، دون الملازمة العرفية.
والإنصاف : أنّ كلامه قدسسره في الحاشية لا يخلو عن اضطراب ، على وجه لم يتحصّل المراد منه ، وأنّه هل أساس الملازمة المدعاة هو العرف ، أو أنّ أساسها هو لزوم اللغوية. نعم لمّا كان صريح عبارته في الكفاية في المنزّل في التنزيل الثاني أنّه هو العلم بالواقع التعبّدي ، كان لازم ذلك هو كون أساس هذه الملازمة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٣٠ / الهامش (١).
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٣٣.
(٣) كفاية الأُصول : ٢٦٦.