لا تقوم مقام هذا العلم حتّى لو قلنا بما أفاده شيخنا قدسسره من الحكومة الظاهرية وجعل الاحراز ، وأنّ الإحراز قابل للجعل الشرعي ، وأنّ مقتضى جعله هو ترتيب أثر الإحراز الوجداني عليه ، فإنّ ذلك كلّه لو سلّم لم يكن نافعاً في مقام الشهادة بعد تصريحه عليهالسلام بأنّه لابدّ فيها من العلم التامّ الذي هو كالعلم بالشمس والكفّ الذي عرفت أنّ مرجعه إلى الردع عن الاعتماد على الأُصول والأمارات العقلائية في مقام الشهادة.
نعم ، يمكن ذلك بدليل خاصّ غير دليل اعتبارها يكون متكفّلاً لجواز الشهادة اعتماداً على الأمارة الفلانية أو الاستصحاب ، فإنّ هذا الدليل الخاصّ يكون مخصّصاً لعموم هذا الردع الوارد في خصوص باب الشهادة ، فتكون النتيجة على مسلك شيخنا قدسسره هي عين النتيجة على مسلك صاحب الكفاية قدسسره من الاحتياج إلى الدليل الخاصّ.
وربما يؤيّد جواز الشهادة استناداً إلى الاستصحاب بلزوم اليمين الاستظهارية في دعوى الدين على الميّت سدّاً لباب احتمال الابراء أو الوفاء.
وفيه : أنّ محتمل الوفاء أو الابراء إنّما هو الحاكم لا الشاهد ، فيمكن أن تكون شهادة الشهود مستندة إلى العلم الوجداني ، ولكن الحاكم يحتمل الوفاء أو الابراء وعدم اطّلاع الشهود على ذلك ، فلذلك يكلّف المدّعي باليمين على البقاء سدّاً لباب هذا الاحتمال. هذا كلّه فيما يدّعى الدلالة عليه من الروايات ، أمّا مجرّد السماع والتصرّف فالمجازفة فيه أعظم.
وأمّا الاعتماد على أصالة الصحّة في العقود فهي أعظم من الكلّ ، إذ لا منشأ لذلك إلاّدعوى السيرة ، من جهة أنّ من سمع العقد أو علم بوقوعه ربما كان لا يعلم بصحّته.