له بحسب الذهن قسمان فعلا ، أحدهما حلال والآخر حرام إذا فرض انّ له قسما ثالثا كان هو مشكوك الحكم ، فلا إشكال في كون هذا الجنس محكوما بالحليّة إذا تحقّق في هذا القسم الثالث بمقتضى عموم الحديث.
مثلا جنس اللحم يكون له قسم حلال وهو لحم الغنم ، وقسم حرام وهو لحم الخنزير، وله أيضا قسم ثالث وهو لحم الحمار ، فهذا الجنس إذا تحقّق في لحم الحمار أيضا يكون محكوما بالحليّة ؛ لأنه جنس يكون فيه فعلا بحسب الذهن قسم حلال وقسم حرام ، فيندرج تحت قوله : «فهو لك حلال» ولا شكّ أنّ الشبهة في لحم الحمار حكميّة ، فإذا عمّ الحديث هذه الشبهة الحكميّة أعني ما كان قسما ثالثا للقسم الحلال والقسم الحرام تمّ المدّعى في غير هذا المورد مثل شرب التتن بعدم القول بالفصل.
وقد استشكل شيخنا المرتضى قدس سرّه على هذا التقرير إشكالين :
الأوّل : أن التقييد في الحديث بقوله : «فيه حلال وحرام» يكون فيه الشبهة الحكميّة لغوا ، لأن عدم لغويّة القيد إمّا لكونه دخيلا في الموضوع أو في الحكم ، وهذا القيد ليس له دخل في الشبهة الحكميّة لا في الموضوع ولا في الحكم ، فإنّ الموضوع هو الكلّي المشكوك الحكم ، والحكم هو الحليّة الظاهريّة ، أمّا عدم دخله في الموضوع فلأنّ الشبهة في حكم لحم الحمار مثلا ليست ناشئة عن وجود لحم الغنم الحلال ولحم الخنزير الحرام ، وإنّما منشأها عدم وجود النصّ لا على حرمة لحم الحمار ولا على حلية ، فلو كان كلا من لحمي الغنم والخنزير حلالا أو كلا منهما حراما كان هذا الشكّ أيضا ثابتا ، وأمّا عدم الدخل في الحكم فلأنّ حليّة لحم الحمار ظاهرا لا يرتبط بحليّة لحم الغنم وحرمة لحم الخنزير فإن ، الأوّل موضوع وراء ذينك الموضوعين ، فلا يرتبط حكمه بحكمهما ، ولا دخل لحكمهما في حدوث حكمه أصلا وهذا بخلاف الشبهة الموضوعيّة ، فإنّ التقييد المذكور لا يكون فيها لغوا ، لكونه دخيلا في الموضوع ، فإنّ الشكّ في حرمة اللحم الخاص وحليته إنّما هو ناش عن كون مطلق اللحم ذا قسمين ، قسم حلال وهو المذكّى وقسم