على خصوص المرتبتين السابقتين ، مدفوعة بملاحظة مرادفه في اللغة الفارسيّة أعني «پرهيزكارى» حيث يساوي نسبته إلى جميع المراتب الثلاث.
وإذن فإبقاء كلّ من الهيئة والمادّة في هذه الأوامر غير ممكن ، لعدم الوجوب بالنسبة إلى المرتبة الأخيرة ، فلا بدّ من ارتكاب أحد أمرين ، إمّا التصرّف في الهيئة وحملها على مطلق الرجحان الذي هو قدر مشترك بين الوجوب والندب ، فيكون بالنسبة إلى كلّ مرتبة على حسبها ، فيكون بالنسبة إلى الواجب وجوبا وإلى المستحب استحبابا.
وإمّا من إبقاء الهيئة على ظاهرها والتصرّف في المادّة بتقييدها بغير المرتبة الأخيرة ، وقاعدة التعارض بين الظهورين هو الأخذ بالأظهر لو كان ، وإلّا فالتوقّف ، ولا نسلّم أظهريّة الهيئة في الوجوب من المادّة في جميع المراتب ، وذلك لشيوع استعمال الهيئة في غير الوجوب حتى أنكر صاحب المعالم أصل ظهورها فيه ، لكون استعماله في الندب كثيرا شايعا ، ونحن وإن لم نسلّم ذلك وقلنا بظهوره في الوجوب ، لكن في خصوص ما إذا لم يعارض بظهور المادّة ولم يوجب تقييدها ، وأمّا في هذا المورد فإن لم نقل بأرجحيّة المادّة ، فلا أقلّ من التكافؤ والإجمال والسقوط عن قابليّة الاستدلال.
وأمّا الأخبار فما كان منها بمضمون الآيات من النهي عن القول بغير علم ، أو الأمر بالتقوى فقد ظهر جوابها ، وبعد ذلك يكون هنا ثلاث طوائف من الأخبار : الاولى : الطائفة الآمرة بالوقوف عند الشبهة في مقابل المضيّ معلّلا بأنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وهي كثيرة بالغة حدّ القطع ، والمراد بالتوقّف مقابل المضيّ الذي هو بمعنى المرور والحركة سمت العمل ، فيختصّ بالشبهات التحريميّة ؛ إذ هي التي يكون الاحتياط فيها التوقّف المذكور ، بخلاف الشبهات الوجوبيّة ، فإنّ الاحتياط فيها مقتض للحركة ، فيكون موضوعها مساوقا لمحلّ الكلام بناء على ما نسب إلى الأخباريين من القول بالبراءة في الشبهة الوجوبيّة.