حرام وهو الميتة وعدم العلم في اندراج هذا الخاصّ في أحد القسمين.
والاشكال الثاني : أنّه قد جعل في الحديث غاية الحلّ عرفان الحرام ، فيلزم في الشبهة الحكميّة على التقرير المذكور أن يكون عرفان الحرام في قسم موجبا لرفع الحليّة عن قسم آخر، فيكون لحم الحمار حلالا حتى تعرف الحرمة في لحم الخنزير.
والحقّ اندفاع كلا الإشكالين ، أمّا الأوّل فلأنّ التقييد المذكور لا يكون لغوا ، لكونه دخيلا في الموضوع ، وذلك لأنّ الشبهة في لحم الحمار مثلا وإن كانت كما ذكر ناشئة عن عدم النصّ ، لكن لا ينافي هذا أن يكون منشأها وجود القسمين الحلال والحرام ، فإنّه لو كان النصّ على حليّة كلّ لحم موجودا لما يكن شكّ في حليّة لحم الحمار ، ولو كان النصّ على حرمة كلّ لحم موجودا لم يكن شكّ في حرمة لحم ، ولكن لمّا لم يكن شىء من هذين النّصين وإنّما صار بعض اللحوم حراما وبعضها حلالا فهذا أوجب الشكّ في حكم لحم الحمار.
فهذا نظير ما يقال في العرف : لو كان كلّ أفراد الإنسان أمينا لما شككت في أمانة هذا الشخص ، ولو كان كلّ أفراده خائنا ما شككت في خيانة هذا الشخص ، ولكن لمّا كان أفراده مختلفة فبعضها أمين وبعضها خائن فلا جرم شككت في أمانة هذا الشخص وخيانته وهذا مطلب صحيح عرفي.
فإن قلت : وجود الحلال والحرام قد يكون في الحكميّة منشئا وقد لا يكون.
قلت : في الموضوعيّة أيضا كذلك ، فليس الشكّ فيها دائما مستندا إلى وجود القسمين ؛ إذ كثيرا ما يتّفق الشكّ لتردّد الشيء بين أمرين وقعا بخصوصيتهما موضوع الحكم، لا أنّ الجامع صار بهذه الخصوصيّة محكوما بالحلّ وبالاخرى بالحرمة ، مثلا الموضوع المردّد بين الخبز الحلال والبطّيخ الحرام من هذا القبيل ، فإنّه لم يجعل الجامع بين الخبز والبطّيخ موضوعا للحلّ بخصوصيّة الخبزيّة ، وللحرمة بخصوصيّة البطيخيّة ، لا نقول : ليس بينهما جامع عقلا ، بل نقول : إنّ العرف يحكم أنّ الخبز موضوع محكوم بالحلّ والبطّيخ موضوع آخر محكوم بالحرمة ، فهذا القسم من الشبهات الموضوعيّة غير مشمول للحديث ، فكما يكتفي