في ما يتعلّق بعدم حجيّة الأصل المثبت. (١)
اعلم أنّ النهي عن نقض اليقين لا بدّ بدلالة الاقتضاء من حمله على النهي عن النقض العملي ؛ إذ النقض الحقيقي غير قابل لورود النهي ، ومعنى النقض العملي هو عدم المعاملة في حال الشكّ المعاملة التي كانت لوصف اليقين بعنوان الطريقيّة ، والنهي عن النقض بهذا المعنى قد يكون موجبا لجعل حكم مماثل للسابق ، وقد يوجب جعل أثره ، وقد لا يوجب شيئا منهما.
مثلا المتيقّن بوجوب صلاة الجمعة سابقا الشاكّ فيه في اللاحق إذا قيل له : عامل مع الشكّ معاملتك التي كنت تعاملها سابقا لوصف اليقين بما هو طريق ، فمعنى ذلك إيجاب صلاة الجمعة ، وهو مماثل للمستصحب ، والمتيقّن بحياة زيد الشاك فيها إذا قيل له : عامل عمل اليقين ، فمعناه انفق على زوجته ، والمتيقّن بعدم التكليف في الأزل الشاك فيه إذا قيل له : اعمل عمل اليقين بعدم التكليف ، فمعناه جعل الإباحة ، وهو غير المستصحب وغير أثره ، وقد مرّ هذا في ما تقدّم أيضا.
وعلى هذا فكلّ مورد كان لليقين السابق على تقدير بقائه عمل فهو مجرى الاستصحاب بلا كلام ، وأمّا ما لم يكن لليقين السابق عمل فهو على أقسام يختلف وضوحا وخفاء في عدم الاندراج تحت لا تنقض.
منها : أن ينتهي إلى ما له عمل وكان الانتهاء من الملزوم إلى اللازم العقلي أو العادي.
ومنها : أن ينتهي إلى ما له عمل ، ولكن كان الانتهاء من أحد المتلازمين في الوجود إمّا عقلا وإمّا اتّفاقا إلى الآخر.
__________________
(١) راجع ص ٣٤٤