المأكول يوجب تخصيص أدلّة مانعيّة أجزاء الغير المأكول بالأجزاء المعلومة كونها من غير المأكول ، فإنّه غير مستلزم لشيء من المحذورين.
وبالجملة ، ففي صورة نسيان الجزئيّة والمانعيّة وجهلهما لا بدّ من كون المرفوع آثارهما لا نفسهما ، فيكون الجزئيّة والمانعيّة ثابتتين في حقّ الناسي والشاك ، ولكن أثرهما وهو العقوبة على الترك ما دام شاكّا مرفوعة ، فإذا ارتفع الشكّ وجب الإعادة والقضاء بقضيّة الجزئيّة والشرطيّة.
وممّا يحتجّ به للاصوليين صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج في من تزوّج امرأة في عدّتها؟ «قال : أمّا إذا كان بجهالة فليزوّجها بعد ما ينقضي عدّتها ، فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك ، قلت : بأيّ الجهالتين أعذر ، بجهالته أنّ ذلك محرّم عليه أم بجهالته أنّها في العدّة؟ قال : إحدى الجهالتين أهون من الاخرى ، الجهالة بأنّ الله حرّم عليه ذلك ، وذلك لأنّه لا يقدر معها على الاحتياط ، قلت : فهو في الاخرى معذور؟ قال : نعم ، إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوجها» حيث إنّه حكم فيه بالعذر في الشبهة الحكميّة وهو الجهل بحرمة التزويج في العدّة ، والموضوعيّة وهو الجهل بكون المرأة في العدّة مع العلم بأصل الحكم ، بل جعل العذر في الحكميّة أقوى منه في الموضوعيّة ، هذا.
ولكن هنا إشكالان من جهة فقه الحديث وفهمه :
أحدهما أنّ الحكم بالبراءة والعذر في الشبهة الحكميّة في مفروض الرواية محلّ إشكال حتّى عند الاصولي ، فإنّه يخصّص ذلك بالشكّ بعد الفحص ، والحكم المذكور أعنى حرمة تزويج ذات العدّة ، لكونه من الواضحات بين المسلمين لا يتحقّق بحسب الغالب فيه الشكّ بعد الفحص ، لعدم بقاء الشكّ بعده وزواله ، فالشكّ فيه غالبا لا يكون إلّا قبل الفحص ، وإنّما ذكرنا ذلك لئلا يقال : يمكن تقييد إطلاق الحكم بالعذر في الحكميّة بما بعد الفحص ، فإنّه تقييد بفرد نادر وإلّا أمكن التقييد ، كما يتقيّد الحكم بالعذر في طرف الموضوعيّة بصورة عدم سبق الشكّ بالعلم بكونها في العدّة ، حيث إنّه مع ذلك لا مجرى للبراءة ، بل للاستصحاب.