في قاعدة اليقين (١)
لا إشكال أنّه يعتبر في الاستصحاب ثبوت اليقين بالمستصحب بالنظر إلى زمان السابق ، وتمحّض الشكّ فيه بالنظر إلى الزمان اللاحق ، فلو سرى الشكّ إلى الزمان السابق فليس هو استصحابا ، نعم يمكن ورود التعبّد فيه أيضا بعدم الاعتناء بالشكّ ، ويسمّى حينئذ في لسانهم بقاعدة اليقين وقاعدة الشكّ الساري.
وربّما يتوهّم إمكان إرادة الجامع بين الاستصحاب والقاعدة من قولهم صلوات الله عليهم : لا تنقض اليقين بالشكّ ، ومن كان على يقين فأصابه شكّ فليمض على يقينه ، وتقريب ذلك يكون بأحد وجهين.
الأوّل : أنّ المتكلّم بالكلام المزبور لا يخلو حاله من ثلاثة وجوه لا رابع لها ؛ لأنّه إذا قال مثلا : لا تنقض اليقين بعدالة زيد بالشكّ فيها ، فإمّا يريد من قوله : بعدالة زيد ، عدالته المقيّدة بالزمان السابق ، كعدالة زيد المقيّدة بيوم الجمعة ، فحينئذ لا محالة يرجع الضمير في قوله : بالشكّ فيه ، أو أصابه شكّ فيه إلى ذلك المقيّد ، لا إلى غيره ، لوضوح اختلاف المتعلّق حينئذ مع وضوح استفادة اتّحاده من القضيّة المذكورة ، وحينئذ يتعيّن الكلام في القاعدة.
وإمّا يريد عدالة زيد باعتبار الزمان السابق بحيث يجعل الزمان ظرفا لا قيدا ، ويريد من الشكّ فيها الشكّ باعتبار الزمان اللاحق كذلك ، لوضوح عدم اختلاف النظر واللحاظ في الكلام الواحد ، فإذا لاحظ الزمان ظرفا في جانب اليقين فيكون هكذا الحال في طرف الشكّ ، نعم يمكن اعتبار الزمان الأوّل أيضا ظرفا في جانب المشكوك حتّى ينطبق أيضا على القاعدة ، لكن لا يمكن الجمع بين لحاظ ظرفيّة الأوّل ولحاظ ظرفيّة الثاني ، وقد عرفت أنّ قوام القاعدة بالأوّل ، وقوام الاستصحاب بالثاني.
__________________
(١) راجع ص ٣٨١