الاحكام الوضعية
ثمّ إنّه لا بأس بصرف الكلام هاهنا إلى تحقيق حال الوضع في كونه كالتكليف مستقلّا بالجعل أو منتزعا عن جعله ، أو فيه تفصيل؟ فنقول وبالله الاستعانة :
اعلم أنّ المعنى الجامع للتكليف والوضع كلّ شيء كان بيانه وظيفة للشارع وكان هو المرجع عند الشكّ للسؤال عن حاله ، وبعبارة اخرى : ما تناله يد الجعل ، سواء كان مجعولا بالاستقلال أم بتبع منشأ الانتزاع ، أم كان غير مجعول ، بل أمرا واقعيّا. كشف عنه الشارع.
وحيث كان الكشف وظيفة للشارع كالطهارة والنجاسة بناء على كونهما أمرين واقعيين وحينئذ فتحقيق المقام يقتضي بسط الكلام في كلّ قسم من الوضع على حدة.
فمن الأحكام الوضعيّة السببيّة ، فاعلم أنّ هنا مطلبا لا يصحّ أن ينسب النزاع فيه إلى أهل العلم ، وهو أن يكون الشيء الغير المرتبط ذاتا بشيء آخر بإنشاء العليّة فيه من دون أن يتفاوت بذلك في صفاته وذاتياته علّة لذاك الشيء الآخر ومؤثّرا فيه تكوينا ، فإنّ العليّة منوطة بالخصوصيّة القائمة بذات العلّة ، وإلّا لأثّر كلّ شيء فى كلّ شيء ، فمع وجود ذلك الربط والعلقة يتحقّق العليّة وإن لم ينشأ السببيّة ، ومع عدمها لا يتحقّق وإن انشأت ألف مرّة ، بل لا يقبل الجعل بالاستقلال تكوينا أيضا فضلا عن التشريع.
ولهذا قيل : ما جعل الله المشمشة مشمشة بل خلقها ، نعم من الممكن أن يكون نفس الجعل تمام السبب لأمر أو جزئه ، كما أنّ جعل الوجوب محرّك عقلي تكويني ،