فالمقصود من الخبر تعداد موارد رفع الحيرة إمّا من ناحية السند بأخذ المرجّحات المنصوصة ، وذكر منها موافقة الكتاب وموافقة السنّة ، وإمّا من ناحية الدلالة ، وذكر منها هذا الفرد الذي يكون بينهما جمع مقبول عرفي ، فما خرج عن الصورتين ما لم يكن في البين مرجّح منصوص ولا جمع مقبول عرفي وامر فيه بالتوقّف والكفّ والتثبّت يعني عن التعرّض لرفع التنافي إمّا سندا وإمّا دلالة بالآراء والظنون والاستحسانات والقرينة مضافة إلى ما مرّ في الأخبار الأخر من عدم شيوع العمل الجزاء في قوله عليهالسلام في هذا الخبر عند أمره بالتوقّف : «ولا تقولوا بآرائكم» ، وبالجملة لا أرى في الأخبار ما يأبى عن هذا الحمل.
ثمّ على فرض تنزيل أخبار التوقّف على مقام العمل فهل المراد منه ما يستلزم الاحتياط في العمل أو يلائم مع البراءة العمليّة؟. صرّح شيخنا المرتضى قدسسره بالاوّل.
وفيه نظر ؛ فإنّ متعلّق التوقّف على هذا امور : القول بالرأي ، والأخذ بأحد الخبرين تعيينا ، والأخذ به تخييرا ، وهذه الامور كلّا كما يمكن التوقّف فيها مع الاحتياط في مقام العمل ، يمكن أيضا مع البراءة العمليّة ، كما هو واضح.
فإن قلت : حذف المتعلّق يفيد العموم ، فيدخل تحت الأمر بالتوقّف التوقّف في مقام العمل عن الإقدام على الشبهة.
قلت : إطلاق التوقّف الذي هو مقابل الحركة سمت الفعل إنّما يصحّ في خصوص الشبهة التحريميّة لا مطلق الشبهة الأعمّ منها ومن الوجوبيّة.
وهاهنا امور ينبغي التنبيه عليها.
الأوّل : بناء على التخيير ، فلا إشكال أنّه وظيفة القاضي في ما إذا تعارض الخبران في ميزان فصل الخصومة وهذا واضح.
وأمّا في الفروع العمليّة التي يشترك العمل بين العامي والمجتهد وإنّما نصيب المجتهد فيها الإفتاء فهل اللازم هو تخيير المجتهد في مقام الإفتاء فيفتي بمضمون ما اختار وهو حكم تعييني، فيختص التخيير بالمجتهد في عمله وفي إفتائه ، أو أنّ اللازم على المجتهد إدراج المقلّد في موضوع من جاءه الخبران المتعارضان بعرض الخبرين