قلت : ما ذكرته في مورد العلم الإجمالي أيضا في محلّ المنع ، وكيف يكون العنوان عبرة واللازم منه اجتماع الضدّين ، بل متعلّق العلم هناك عنوان الأحد بنحو الاستقلال والموضوعيّة وعدم سراية النجاسة إلى كلا الفردين منه ؛ لأجل أنّ النجاسة المعلومة ليست متعلّقة بعنوان الأحد ابتداء ، بل في ضمن الخاصّ ، فالمعلوم لنا بالحقيقة ليس إلّا الأحد النجس ، وقولنا : الأحد النجس ، يكون الموضوع فيه ذا تضيّق ملازم مع عنوان النجس ، وليس مطلقا مرسلا.
والشاهد الآخر على هذا أنّه لو فرض نجاسة كلا الإنائين واقعا فلا مفرّ لك عن القول بعدم الميز الواقعي للمعلوم إجمالا ، وأنّه أمر متساوي النسبة إلى الطرفين ، ولا ميز له واقعا ، والفرق بينه وبين صورة نجاسة أحدهما ، فيه ما لا يخفي من عدم اختلاف متعلّق العلم حسب الاختلاف في الواقع ونفس الأمر.
وملخّص الكلام في مجهولي التاريخ أنّا إذا قطعنا تفصيلا بأصل وجود كلا الحادثين في أوّل الزوال مع التردّد في كونه زمان الحدوث أو قبله ، فاستصحاب العدم الأزلي لكلّ منهما إلى الآن المتّصل بالزوال قبله لا إشكال في تحقّق أركانه ، لفرض كونه ظرف الشكّ في البقاء، ولكنّ الموضوع بمجرّد هذا لا يتمّ بواسطة عدم إحراز جزئه الآخر وهو حدوث الآخر في هذا الآن.
كما لا إشكال في أنّ استصحاب العدم إلى نفس الزوال الذي فرض القطع التفصيلي فيه بالانتقاض لا مجرى له ، لعدم الشكّ.
فيبقي استصحاب العدم إلى الزمان الواقعي لحدوث الآخر ، وهو مردّد بين آن قبل الزوال الذي قلنا بتحقّق المجرى للاستصحاب ، ونفس الزوال الذي قلنا بعدم تحقّق المجري له، وهذا معنى كونه شبهة مصداقيّة.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدسسره حاول في الكفاية عدم جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ ببيان آخر ، وهو عدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين.