نعم هذا الإشكال لا يرد على مذاقه (قدسسره) المتقدّم من اختيار عدم الجريان في القسم الثانى من القسم الثالث مع عدم المسامحة العرفيّة الذي مقامنا من قبيله ، لكن كلام المحقّق قابل للحمل عليه.
ونختار الشقّ الثاني اخرى ونقول : المفروض وإن كان ظرفيّة الزمان للوجوب ، لكن لنا شكّ ويقين بالنسبة إلى المقيّد بالزمان ، وعموم «لا تنقض» يشمله ، وهو معارض لاستصحاب الوجوب.
ألا ترى أنّه لو كان دليلان اجتهاديّان مفاد أحدهما أنّ الجلوس واجب في ما بعد زوال الجمعة ، ومفاد الآخر أنّ جلوس ما بعد زوال يوم الجمعة غير واجب ، كانا متعارضين، فإنّ الحكم في الأوّل وإن كان على المطلق ، وفي الثاني على المقيّد ، لكنّ المطلق أيضا مقيّد في اللبّ ؛ إذ ليس المراد أنّ ما بعد الزوال ظرف التكليف مع كون المكلّف به موسّع الزمان ، فكذا الحال في الاستصحابين.
وقد أجاب عن هذا شيخنا الاستاد دام ظلّه في الدرر بما لفظه : «وأمّا الشق الثاني فاستصحاب الوجوب ليس له معارض ، فإنّ مقتضى استصحاب عدم وجوب الجلوس المقيّد بالزمان الخاص أنّ هذا المقيّد ليس موردا للوجوب على نحو لوحظ الزمان قيدا ، ولا ينافي وجوب الجلوس في ذلك الزمان الخاصّ على نحو لوحظ الزمان ظرفا للوجوب» انتهى كلامه الشريف.
واستشكل دام ظلّه على هذا الكلام في مجلس البحث بما حاصله أنّ المنافاة العرفيّة حاصلة بين قولنا : عتق الرقبة واجب ، وقولنا : عتق الرقبة الكافرة غير واجب ، وقولنا : العالم واجب الإكرام ، وزيد غير واجب الإكرام ، ضرورة أنّ المطلق والمقيّد لا يمكن عروض المتضادّين أو المتناقضين عليهما ، والمقيّد بما هو مقيّد وإن كان يصحّ سلب الوجوب عنه مع إثباته للمطلق ، لكن سلب الوجوب عنه بقول مطلق وبلا قيد ـ كما هو المستصحب في المقام ـ لا إشكال في عدم اجتماعه مع الإثبات للمطلق.
هذا مضافا إلى إمكان دعوى إرجاع المطلق في المقام إلى المقيّد ، فإنّ الزمان ـ أعني ما بعد الزوال مثلا ـ وإن كان ظرفا للوجوب بحسب الصورة ، لكنّ الجلوس