الأمر الرابع : فى استصحاب الزمان والزمانى (١)
هل الاستصحاب جار في الامور التدريجيّة الغير القارّة كنفس الزمان والحركة والطيران والجريان والتكلّم وأشباه ذلك من الزمانيات لإثبات ما لها من الآثار والأحكام أو لا؟.
تحقيق المقام أنّ إشكال الجريان أمران.
أحدهما : أنّ من أركان الاستصحاب الشكّ في البقاء ، والأمر التدريجي يتجدّد شيئا فشيئا ، ويتصرّم كلّ جزء منه بتجدّد لا حقه ، فليس له قرار في آنين متّصلين ، فلا يتّصف بالبقاء حتّى نفرض له الشكّ في البقاء.
والثاني : أنّ من أركان الاستصحاب وحدة متعلّق اليقين والشكّ بأن يكون الموجود في الآن الثاني المشكوك ، مع الموجود في الآن الأوّل المعلوم شيئا واحدا ، والأمر التدريجي وجودات متبادلة متغايرة ، فالموجود في الآن الثاني المقصود إثباته بالاستصحاب مغاير مع الموجود في الآن الأوّل المعلوم.
والحقّ اندفاع كليهما ، أمّا الثاني فلأنّ التحقيق أنّ الأمر التدريجي ما دامت أجزائه متّصلة ولم يحصل الوقفة موجود واحد شخصي عقلا ـ كما حقّق في محلّه ـ وعرفا ، فالتدريجيّة والقرار نحوان من الوجود ، فالموجود الثانى متّحد مع الموجود الأوّل شخصا ، نعم لا يندفع بذلك الإشكال الأوّل ؛ لأنّ هذا الموجود على التدريج ليس له قرار في آنين متّصلين حتّى يتّصف بالبقاء ، بل هو ما دام موجودا يكون في التجدّد والحدوث ، فكلّ من اليقين والشكّ متعلّق بمرحلة حدوثه.
لكنّه يندفع أيضا بأنّه لا يعتبر في الاستصحاب سوى صدق نقض اليقين بالشك
__________________
(١) راجع ص ٥٣٦ وص ٦٢٦