الامر الثاني : لو تعقّب العلم الإجمالي بالتفصيلي فله صور :
الاولى : أن يكون كلّ منهما بلا عنوان ، كما لو كان متعلّق الإجمالي موطوئيّة غنم واحد من القطيع ، ومتعلّق التفصيلي موطوئيّة غنم معيّن منه.
الثانية : أن يكون الإجمالي مع العنوان والتفصيلي بدونه ، كما لو تعلّق الأوّل بموطوئيّة غنم واحد أسود مثلا من القطيع ، والثاني بموطوئيّة واحد معيّن بدون إحراز اتّصافه بالسواد وعدمه ، وهذا على قسمين ؛ لأنّ العنوان الموجود إمّا له دخل في خطاب الشرع وإمّا اجنبيّ
عنه ، فالثاني مثل المثال المرقوم ، فإنّ السواد خارج عن موضوع نهي الشارع ، وإنّما الموضوع عنوان الموطوء ، والأوّل مثل ما لو تعلّق العلم الإجمالي بمغصوبيّة واحد من القطيع والتفصيلي بحرمة أكل لحم معيّن منه بدون إحراز أنّ الحرمة لأجل المغصوبيّة أم الموطوئيّة ، فإنّ العنوان هنا وهو المغصوبيّة دخيل في موضوع التحريم.
الثالثة : أن يكون متعلّق العلم التفصيلي محتمل الحدوث ، كما لو احتمل في المثال الأوّل ـ مثلا ـ أن يكون موطوئيّة الغنم المعيّن حادثة ، فيكون الموجود في القطيع على هذا التقدير غنمين موطوءين.
لا إشكال في القسم الأوّل ، (١) فإنّ الإجمال يزول عن النفس بالمرّة ، فلا يمكن
__________________
(١) فإن قلت : كيف يحصل الانحلال والحال أنّ كلّا من الإجمالي والتفصيلي المتأخّر متعلّق بصورة غير ما تعلّق به الآخر ، فإنّ متعلّق الأوّل هو الصورة الإجماليّة ، ومتعلّق الثاني هو التفصيليّة وهما أمران منحازان ، ولهذا يصير الثاني معروضا للشكّ في حال كون الأوّل معروضا لليقين.
والحاصل : الواقع إن كان في الطرفين موجودا فمن باب عدم لزوم الترجيح بلا مرجّح نقول : إنّ العلم إنّما نجّز الجامع الذي نسبته إليهما على السواء ، وأمّا إن كان أحدهما واقعا والآخر أجنبيّا عنه فحينئذ المنجّز بسبب العلم نفس الواقع الموجود في أحد الطرفين على ما هو عليه من جميع الخصوصيّات الشخصيّة الثابتة له واقعا وتعلّق علمنا باشتماله عليها إجمالا ، والمعلوم بالتفصيل ـ