غير موارد وجود الجمع العرفي ، ولهذا استقرّ ديدن أهل الاستدلال من الصدر الأوّل إلى الحال على عدم ملاحظة التخيير والترجيح بين العام والخاصّ وأشباههما.
نعم يبقى هنا خبران قد يتخيّل شهادتهما على ملاحظة ذلك بين النصّ والظاهر ، أحدهما : ما رواه عليّ بن مهزيار وفيه الإرجاع إلى التخيير بين قوله : صلّهما في المحمل ، وبين قوله : لا تصلّهما إلّا على وجه الأرض ، مع أنّ مقتضى الجمع العرفي هو الجواز في المحمل على كراهة حملا لظاهر كلّ منهما على نصّ الآخر.
والثاني : ما في التوقيع الشريف عن الحجّة عليهالسلام وفيه أيضا الإرجاع إلى التخيير بين قوله عليهالسلام : «إذا انتقل من حالة إلى اخرى فعليه التكبير» وبين قوله عليهالسلام : «إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير» الخ ، مع وضوح ما بينهما من العموم والخصوص المطلقين.
ولكن فيه أنّ التخيير في الأوّل يمكن كونه من قبيل التخيير المتقدّم في خبر العيون ، فيكون مؤكّدا للجمع العرفى لا منافيا له ، وأمّا الثاني فمخدوش بأنّ المحكيّ عدم العمل والفتوى بمضمونه في الفقه.
الامر الثاني :
قد عرفت تقديم الجمع الدلالي على التخيير والترجيح ، فاعلم أنّه متى علم كون أحد الدليلين أظهر فلا كلام ، ومتى اشتبه الحال فقد ذكروا لتشخيص الأظهر أمورا لا بأس بذكر بعضها.
منها : أنّه لو دار الأمر بين التقييد والتخصيص فالأوّل أولى ، وعلّل تارة بأنّ ظهور الإطلاق متقوّم بعدم البيان ، والعموم يصير بيانا ، فيرتفع موضوع الإطلاق ، واخرى بأنّ الإطلاق ظهور مستند إلى المقدّمات والعموم إلى الوضع ، والظهور الوضعى أقوى ، وفي كلا الوجهين ما لا يخفى.