ولكنّ التحقيق عدم الجدوى مع ذلك في هذا الاستصحاب ، وذلك لأنّ غاية ما يلزم من هذا البيان ويفيده الاستصحاب المذكور إثبات الصحّة في الأجزاء السابقة ، وأمّا الأجزاء اللاحقة فهي بعد مشكوكة الصّحة والفساد ، وذلك لوضوح أنّ وجود القاطع على تقدير ثبوته واقعا كما يكون مضرّا بالأجزاء السابقة كذلك يكون مضرا باللاحقة ، ففي الأجزاء السابقة حيث كان لإمكان جزئيتها حالة سابقة ، أمكن إثبات التعبّد بعدم القاطعيّة بالاستصحاب ، وأما الأجزاء اللاحقة فلا يمكن فيها ذلك لعدم الحالة السابقة ، لأنّها من أوّل الوجود يشكّ في إمكان جزئيّتها وعدمه.
نعم لازم رفع القاطعيّة واقعا في حال الشكّ وثبوت إمكان الجزئيّة في الأجزاء السابقة ثبوته في الأجزاء اللاحقة أيضا عقلا ، ولكنّ البناء على عدم أخذ اللوازم العقليّة في الاصول، فمن الممكن ثبوت التعبّد بعدم القاطعيّة من حيث إمكان الجزئيّة في الأجزاء السابقة وعدم ثبوته من حيث الإمكان في الأجزاء اللاحقة.
وإذن فاستصحاب الأهليّة والإمكان بالمعنى المذكور لا يجدي في إثبات صحّة المركب، وعلى هذا فيشترك الشكّ في وجود المانع وفي وجود القاطع في عدم الانتفاع بأصل الصحّة فيهما ، نعم لا إشكال في أصالة العدم في كليهما.
الأمر السادس في شرط اجراء البراءة
فنقول : أمّا شرط البراءة العقليّة عند الشكّ في التكليف فهو الفحص عن أدلّته وعدم الظفر بها. وجه الشرطية أنّ ما يجب على المولى إنّما هو نصب الحجّة وإقامة البيان على التكليف للعبد على نحو أمكن الوصول إليه بالأسباب العادية ، وليس عليه أزيد من ذلك بحكم العقل ، فلو كانت الحجّة قائمة واقعا وأمكن الوصول إليها بالأسباب العادية كان وجودها الواقعي بمنزلة وجودها العلمي.