الإشكال في لزوم الثانى ، فإنّ ، مرجع «لا تأت بهذا المجموع» إلى الخطاب بلزوم ترك واحد من أفراد الطبيعة ، وكما قلنا في الخطاب بفعل واحد : إنّه لا بدّ من تسليم مقطوع المصداقيّة ، ولا يجوز الاكتفاء بالمشكوك ، فكذا في الثاني لا يجوز أن يأتي بجميع المقطوعات ويترك واحدا مشكوك المصداقيّة امتثالا لذلك الخطاب ، فإنّهما من واد واحد كما هو واضح.
بقى ما إذا كان الموضوع الكلّي متعلّقا للأمر أو النهي باعتبار مرآتيّته للأفراد وقد عرفت أنّه في الحقيقة ينحلّ إلى أوامر ونواهي عديدة بعدد الأفراد ، فإذا شكّ في أنّ هذا الشيء الخاص من أفراد هذا الكلّي أو لا فقد شكّ في تكليف مستقلّ إيجابي أو تحريميّ متعلّق به بدوا.
وبعبارة اخرى : توجّه عشرة تكاليف معلوم ، وتوجّه الحادي عشر غير معلوم ، فيكون موردا للبراءة ؛ إذ لا فرق في جريان البراءة بين الشكّ في التكليف الناشي من الشكّ في الكبرى كما لو لم يعلم أصل حرمة الخمر ، والناشي عن الشكّ في الصغرى ، كما لو لم يعلم خمريّة هذا المائع الخاص ، فالحجّة على التكليف في هذا الخاصّ غير تامّة في هذه الصورة ، كما تكون غير تامّة على التكليف في العام في الصورة الاولى ، فيكون العقاب على المخالفة في كليهما عقابا بلا بيان فتدبّر.
الأمر الثاني : أنّ التمسّك بالبراءة والحليّة في الشبهة الموضوعيّة إنّما هو في ما لم يكن في البين أصل حاكم عليها مثل الاستصحاب ، ومن جملة الموارد التي وجد فيها هذا الأصل اللحم المردّد بين المذكّى والميتة فإنّ المرجع فيه أوّلا ليس ما اشتهر من قولهم : الأصل في اللحوم هي الحرمة ، إذ لم يرد به آية أو رواية ، بل المرجع استصحاب عدم التذكية الثابت حال الحياة فإنّ الحليّة قد علّقت في الآية الشريفة أعني قوله تعالى : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) على التذكية.
فإذا شكّ في الحليّة لأجل الشكّ في التذكية كان استصحاب عدم التذكية جاريا ؛ فإنّ التذكية أمر وجودى ، وبه يحكم بالحرمة والنجاسة وهو حاكم على