الزمان اللاحق أعني ما بعد حدوث الاضطرار ، فإنّ ذلك غير معتبر في تنجيز العلم قطعا ، بل المعتبر هو كونه في كلّ جزء جزء من الأزمنة بحيث متى لاحظ الحال في الزمان المتقدّم أعني زمان حدوث العلم الإجمالي كان الإجمال والترديد في النفس باقيا ، فبقاء العلم الإجمالي في الأزمنة المتأخّرة معتبر في تنجيزه فيها بهذا المعنى لا بالمعنى السابق ، ولا إشكال في تحقّقه هنا ، فلا إشكال في بقاء أثره وهو التنجيز بالنسبة إلى الطرف الغير المضطرّ إليه.
وهكذا الكلام بعينه توهّما ودفعا بالنسبة إلى الخروج عن الابتلاء الطاري بعد العلم في أحد الطرفين فإنّ الكلام فيه من هذه الجهة عين الكلام هنا حرفا بحرف وإن كان فيه لنا كلام مستقلّ يأتي إن شاء الله تعالى.
هذا كلّه هو الكلام في الاضطرار إلى الواحد بعينه ، وأمّا الاضطرار إلى واحد لا بعينه فالحقّ على ما هو الحقّ من عدم المراتب للحكم الواقعي وكونه ذا مرتبة واحدة وبالغا حدّ الفعليّة وعدم نقص في ما يكون من قبل المولى هو كون العلم معه منجّزا بالنسبة إلى المخالفة القطعيّة مطلقا ، سواء حصل الاضطرار قبل العلم أم معه أم بعده.
وجه ذلك يعلم بالمقايسة إلى صورة حصول العلم التفصيلي بالخمريّة في الواحد المعيّن من الإنائين مع الاضطرار على النحو المذكور ، فإنّه لا إشكال حينئذ في أنّه يتعيّن على المكلّف بحكم العقل أن يدفع ضرورته بالإناء الذي ليس بخمر ، ويجتنب عن الذي يعلم أنّه خمر ، ولا يجوز له مجرّد الاضطرار إلى الأحد لا بعينه ارتكاب الخمر ، فإنّ مقتضي الجمع بين الغرضين هو تعيين ما ذكر عليه ، فإنّ الاضطرار لا يجوّز أو لا يوجب عليه سوى ارتكاب الواحد من هذين بدون تعيين للخصوصيّة ، وأمّا الخمريّة فمقتضية للاجتناب عن هذا بخصوصيّته ، وهذا واضح.
فإذا كان هذا حال العلم التفصيلي ، فإذا حصل العلم الإجمالي بالخمريّة مع الاضطرار المزبور فإمّا أن يقال : إنّه يجب عليه أيضا دفع ضرورته بخصوص الذي ليس بخمر واقعا مع الاجتناب عمّا يكون خمرا واقعا ، ولا يخفي أنّ تعيين هذا عليه