لأنّا نقول : يمكن دعوى غلبة اخرى ، وهي أنّ الشكّ في الركوع في الغالب لا يتحقّق في حال الهويّ ، وكذلك في السجود في حال النهوض ، وذلك لقرب عهدهما بالمشكوك ، فالشكّ إمّا لا يحدث فيهما ، وإمّا لا يستقرّ ، بل يزول ويرتفع ، فالشكّ الحادث الغير الزائل يكون أوّل أوقات إمكان حصوله بحسب الغالب ما إذا بعد عن الركوع بالدخول في السجود، وعن السجود بالدخول في القيام ، فذكر الدخول في الغير لأجل محقّقيّته للمجاوزة، وذكر الغير الخاصّ لأجل غلبة عدم وقوع الشكّ في الركوع والسجود في ما قبل هذا الغير.
كما أنّ هذا هو السّر أيضا في فرض زرارة الشكّ في الأذان بعد الدخول في الإقامة ، مع أنّ بينهما أيضا بعض الأدعية والأعمال.
وبالجملة ، فلا يبقى لهذه الرواية أيضا ـ كرواية زرارة ـ ظهور في التقييد ، حتّى يزاحم ظهور ذلك الإطلاقين المنفصلين.
هذا مع أنّه قد ورد في رواية اخرى الحكم بعدم الاعتناء ، مع أنّ السائل فرض الشكّ في الركوع في حال الهويّ ، وهذه عبارتها :
«قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع؟ قالعليهالسلام قد ركع».
وفي رواية اخرى : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أستتمّ قائما ، فلا أدري ركعت أم لا؟ قال عليهالسلام : بلى قد ركعت ، فامض في صلاتك ، فإنّما ذلك من الشيطان.
والشيخ قدسسره وإن حمل هذه على القيام من السجدة إلى الركعة التالية ، إلّا أنّه لا داعي ولا شاهد على هذا الحمل ، فإنّ استتمام القيام كما يصدق بذاك ، كذلك بالقيام من الهويّ للركوع ثمّ شكّ في أنّه بلغ هويّه حدّ الركوع أو لا ، فالحقّ أنّ الدخول في الغير غير معتبر في جريان القاعدة ، نعم الشكّ في السجود خرج عن هذه الكليّة ، بواسطة ورود النصّ بعدم اعتبار الشكّ فيه إلّا بعد القيام.
المقام الرابع : قد خرج من هذه الكليّة باب الوضوء بواسطة النصّ بالاعتناء