الموضع الخامس (١) : رواية ابن أبي يعفور الواردة في باب الوضوء مع قيام الإجماع والصحيحة على عدم جريان قاعدة الشكّ بعد التجاوز في هذا الباب لا بدّ فيها من اختيار أحد المذهبين ، الأوّل : ما اختاره بعض الأساتيد قدسسره من كونها إشارة إلى قاعدة الفراغ وقد مرّ أنّه على هذا لا يسلم عن محذور التخصيص إلّا مع التمحّل الذي سبق ، والثاني : ما اخترناه من كون ضمير «غيره» راجعا إلى الوضوء ، وفرق بين الوضوء وبين سائر المركّبات ، ومن هنا أمكن للشيخ المرتضى قدسسره أن يقول بكون الأمر في الطهارات الثلاث متعلّقا بالأمر البسيط الوحداني ، ولهذا اختار الاشتغال في كلّ شرط أو شطر مشكوك ، فيمكن أن يلاحظ الوضوء بلحاظ البساطة والوحدانيّة بملاحظة بساطة أثره ، ولا بلحاظ سائر المركّبات بهذا اللحاظ مع وجود الأثر البسيط فيها أيضا.
ويؤيّد هذا الوجه أنّه على هذا يكون الشيء في الذيل عين الشيء في الصدر ، وعلى الأوّل يكون غيره كما هو واضح ، ولا يمكن أن يقال : إنّ الضمير راجع إلى الشيء مع ارتكاب هذا التمحّل أو مع التخصيص في أفراد الغير ، أمّا الأوّل فلأنّ الإجماع والصحيحة أوجبا رجوع الضمير إلى الوضوء ، والتمحّل المذكور إنّما هو لتصحيح ذلك ، فافهم ، وأمّا الثاني فلأنّه موجب للتخصيص بالفرد النادر كما لا يخفى.
ويمكن أن يقال : إنّ الضمير راجع إلى الوضوء ، وجريان قاعدة الشكّ بعد التجاوز لا شبهة فيه بالنسبة إلى هذا المورد المذكور في الخبر الذي هو الشكّ في شيء من الوضوء بعد الدخول في غير الوضوء ، وإنّما الإشكال في غير هذا المورد وهو
__________________
(١) كتب قدسسره الشريف صدر هذه الصفحة روايات أخلاقيّة أوردناها تذكارا لأنفسنا واخواننا الطلبة : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله ، اطلبوا العلم وتزيّنوا بالحلم والوقار. بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبّر، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل. لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من الكبر. من حقّر الناس وتجبّر عليهم فذلك الجبّار. من استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزوجل.