الاستصحاب
فى استصحاب الحكم المستفاد من العقل.
أمّا تقريب مرام شيخنا المرتضى قدسسره الشريف فهو أنّه قد يقال : إنّ موضوع حكم العقل أبدا هو البسائط ، وحكم العقل في المركّبات والمقيّدات إنّما هو من باب تطبيق تلك البسائط عليها ، مثلا حكمه بقبح الصدق الضارّ من باب حكمه بقبح عنوان الضار ، وهكذا ، وقد يقال : يمكن أن ينعقد حكمه من الابتداء في موضوع ذي جزء أو قيد.
وعلى كلّ حال لمّا لم يمكن إجمال الموضوع في نظر نفس الحاكم فلا محالة لا يمكن الشكّ في حدّ موضوع حكم العقل ، أمّا على الأوّل فواضح ؛ لأنّ معنى ذلك الجهل بأصل الموضوع ، وأنّه هذا أو ذاك ، وأمّا على الثاني فكذلك ؛ لأنّه يرجع إلى الجهل بأنّ موضوع حكمه هل هو المطلق أو المقيّد أو الناقص أو التامّ ، ولا يمكن هذا الجهل في حقّ نفس الحاكم.
والحاصل موضوع حكم العقل معلوم تفصيلا ، فإن علم بقاؤه علم بثبوت الحكم وإن علم ارتفاعه علم ارتفاع الحكم ، وإن شكّ فإن كان لأجل الاشتباه في الامور الخارجيّة كالشكّ في بقاء الإضرار في السمّ الذي حكم العقل بقبح شربه ، فلا يجوز الاستصحاب ، للقطع بانتفاء حكم العقل مع الشكّ في الموضوع الذي كان يحكم عليه مع القطع ، نعم يثبت باستصحاب بقاء الضرر ، الحرمة الشرعيّة ولو كان ثبوتها سابقا بواسطة الحكم العقلي ، ولا منافاة بين انتفاء الحكم العقلي وثبوت الحكم الشرعي ، لأنّ عدم الحكم العقلى مع الشكّ إنّما هو لاشتباه الموضوع عنده ، وباشتباهه يشتبه الحكم الشرعي الواقعي أيضا ؛ إلّا أنّ الشارع حكم على هذا المشتبه الحكم الواقعي بحكم ظاهريّ هي الحرمة.