والحقّ اندفاع هذا الإشكال عن كلا الوجهين بما ذكرنا من كون المنشأ بيد الشارع ، واندفاع الإشكال المذكور بما عرفته سابقا من أنّ الإعادة في حال اليقين بالنجاسة نقض لليقين باليقين لا بالشكّ ، فلا يمكن الاستدلال على عدم وجوبها بقاعدة عدم نقض اليقين بالشكّ.
ومنها صحيحة ثالثة (١) لزرارة ، والمرتبط بالمقام فقرة منها ، وهي قوله : «وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها اخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ ، ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنّه ينقض الشك باليقين ويتمّ على اليقين فيبنى عليه ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات.».
والتكلّم يقع تارة في تقريب الاستدلال واخرى في معنى الحديث ، أمّا تقريب الاستدلال فاعلم أنّ قوله : لا ينقض اليقين بالشكّ في هذه الرواية ليس مثله في الروايتين الأوّلتين ، وذلك لأنّه فيهما كان مسبوقا بإثبات اليقين والشكّ مثل قوله : فإنّه على يقين من وضوئه ، وقوله : فإنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، وهو عند مسبوقيّته بذلك يصير ظاهرا في الكليّة والكبرويّة ، وهذا بخلافه هنا ؛ فإنّه غير مسبوق بذلك ، فمن المحتمل أن يكون تكرارا وتأكيدا لقوله : قام فأضاف إليها اخرى.
وحينئذ لا يمكن استفادة الكليّة منه إلّا أن يتشبّث في استفادة الكليّة منه بقوله في الذيل : ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات ، فإنّه لا إشكال في استفادة الكليّة من هذه العبارة ، غاية ما في الباب أنّه يدور الأمر بين اختصاص الكليّة بباب الصلاة ، وبين عدم اختصاصها بباب ، وقد عرفت في الصحيحة الاولى أنّ خصوصيّة المقام ملقاة بنظر العرف.
__________________
(١) راجع ص ٥٠٦.