الامر الرابع :
بناء على ما عرفت من تقديم العلاج الدلالي على السندي لا إشكال في النصّ والظاهر ، والأظهر والظاهر ، سواء كان ذلك موجبا للتصرّف في طرف واحد كالعام والخاص ، أم في الطرفين كما مرّ من رفع اليد عن ظهور هيئة الأمرين المعلوم وحدة التكليف في موردهما في التعيينية بنصوصيّة الآخر في أصل الإجزاء وحملها على التخييريّة ، ولا إشكال في هذا.
إنّما الإشكال في ما إذا صلح رفع اليد عن كلّ من ظهوري الدليلين المتنافيين بواسطة ظهور الآخر مع عدم أظهريّة في البين ، كما إذا ورد : اغتسل للجمعة وقلنا بظهور الهيئة في الوجوب ، وورد : ينبغي غسل الجمعة ، وقلنا بظهور لفظة «ينبغي» في الاستحباب ، حيث إنّه من الممكن إرادة الاستحباب من الهيئة ، وليس هذا مخرجا للكلام عن الطريقة المألوفة في المحاورة ، ومن الممكن أيضا إرادة الوجوب من الثاني ، ولا يخرجه ذلك أيضا عن المرسوم في المحاورة ، وفرضنا تساوي الظهورين وعدم رجحان أحدهما على الآخر ، فهل يؤخذ حينئذ بالسندين ويحكم بإجمال الروايتين من حيث المدلول المطابقي فيرجع إلى الأصل الموافق لأحدهما ، أو أنّه يرجع إلى المرجحات السنديّة مع وجودها ، ومع العدم إلى التخيير؟
وكذا لا إشكال في ما إذا كان التنافي بين الخبرين مع تساويهما ظهورا في بعض من المدلول مع اتّفاقهما في البعض الآخر ، مثلا ربّما يكون مفاد أحدهما : أكرم زيدا العالم ، ومفاد الآخر : لا تكرم زيد العالم ، وهذا لا إشكال في شمول أخبار العلاج له لو كانا متساويين في الظهور.
وأمّا إذا كان مفاد أحدهما : أكرم كلّ عالم ، ومفاد الآخر : لا تكرم كلّ فاسق ، فاجتمع العلم والفسق في الزيد وفرض تساويهما في الظهور فحينئذ في شمول الأخبار العلاجيّة لهما إشكال من حيث إنّ المتبادر من الخبرين المتعارضين ما إذا كان التنافي والتكاذب بين نفس الخبرين وهو لا يتمّ إلّا بوقوعه بين مدلوليهما