عليه ثمّ إفتاؤه بالتخيير في الأخذ بأيّ الخبرين شاءه المقلّد ، أو أنّ المجتهد يجوز له اختيار أيّ الطريقين شاء؟ الظاهر هو الوجه الأخير.
لا يقال : بل المتعيّن هو الإفتاء بالتخيير ؛ لأنّ المقلّد موضوع قبل الاستحضار التفصيلي ؛ لأنّ المقصود من المجيء هو المجيء على نحو المتعارف كما في الأخبار الغير المتعارضة ، فالتكليف الواقعي في حقّه كمجتهده هو التخيير في الأخذ ، فالفتوى بالتعيين في المسألة الفرعيّة حكم بغير ما أنزل الله.
لأنّا نقول : ليس الموضوع نفس المجيء كما في الممثّل به ، بل هو التعارض ، وحاله حال اليقين والشكّ في الاستصحاب ، فكما لا يكتفى بوجودهما للمجتهد في حقّ المقلّد ، بل لا بدّ من تحقّقهما له فعلا ، فكذلك الحال في التعارض ، وإذن فالمجتهد لكونه موضوعا يندرج تحت الخطاب ، وإذا عمل بهذا التكليف التخييري وأخذ بأحد الخبرين كان له الإفتاء بمضمونه وهو أنّه حكم الله تعيينا في حقّ جميع الناس.
فإن قلت : بعد إرجاع هذا الخطاب إلى العمل كخطاب «صدّق» حيث إنّه التصديق العملي لا الجناني فحال هذا التخيير حال التخيير في خصال الكفّارة وشبهها من المسائل الفرعيّة ، غاية الأمر ضميمة الالتزام والتديّن في المقام أيضا في الطرفين ، فكما أنّه ليس للمجتهد الإفتاء إلّا بالتخيير في مسألة الخصال ، فكذا في المقام.
قلت : نعم ، ولكنّ الفرق أنّ نفس الفتوى أيضا عمل ، فيقع تحت التخيير ، وكما أنّ عمل الجوارحي يتعلّق بالمتعيّن أبدا ، كذلك الفتوى أيضا إذا وقع تحت التخيير فهو يتعلّق لا محالة كالعمل بالمتعيّن ، وأمّا مسألة الخصال فالتخيير فيها إنّما هو في المفتى به ومتعلّق الفتوى.
وبالجملة ، كما أنّ المجتهد مخيّر في المقام بين العمل بهذا أو ذاك ، كذلك مخيّر بين الفتوى بهذا أو ذاك ، هذا على تقدير عدم إدراجه للمقلّد في الموضوع ، وله أيضا ذلك بعرض الخبرين عليه ثمّ إفتائه بالتخيير في المسألة الاصوليّة ، هذا.
الثاني : بناء على التخيير هل هو ابتدائي بمعنى أنّه لو ابتلى بتلك الواقعة في وقت