ولكن صحّ أن يقال : هو إمّا حلال وإمّا حرام ، فإنّ هذا خلاف ظاهر «فيه حلال وحرام» وإذن فإمّا يراد به التقسيم الخارجي وإمّا التقسيم الذهني.
فإن كان المراد هو التقسيم الخارجي بأن يكون في الخارج منقسما إلى القسمين فيكون مورد الرواية هو المجموع من حيث المجموع الذى كان فيه الحلال والحرام مختلطين ، مثل أموال الإنسان إذا مزج بمال غيره واختلط الحلال بالحرام ، فإنّه شيء يكون القسم الحلال والقسم الحرام موجودين فيه في الخارج فعلا ، وعلى هذا يكون مدلول الرواية حكما بالحليّة في الشبهة المحصورة المقرونة بالعلم الإجمالي في الموضوعات ، غاية الأمر خرج مقدار القطع بالمخالفة عقلا.
وإن كان المراد هو التقسيم الذهني كان مورد الرواية هو الجنس والكلّي الذي اندرج تحته بحسب الذهن قسم حلال وقسم حرام فعلا وإن لم يصحّ تقسيمه إليهما بحسب الخارج، فجنس اللحم يصحّ تقسيمه في الذهن إلى القسم الحلال الفعلي وهو المذكّى ، والقسم الفعلي الحرام وهو الميتة ، فهذا الجنس الذي اندرج تحته القسمان في الذهن يكون في الخارج حلالا حتى يعرف كونه من الميتة ، فاللحم المشتبه كونه حلالا أو حراما للشكّ في اندراجه تحت المذكّى أو الميتة يكون حلالا حتّى يعرف كونه من الميتة.
وبالجملة ، فعلى هذا يكون مورد الرواية هو الشكّ في الاندراج تحت أحد القسمين الثابتين للكلّي في الذهن معيّنا ، فيكون مدلولها حكما بالحليّة في الشبهة الموضوعيّة ، وإذن فتكون الشبهة الحكميّة التي هي محلّ الكلام خارجا عن موضوع الرواية على كلا التقديرين ؛ إذ على الأوّل منهما يكون مخصوصا بالشبهة المقرونة بالعلم من الشبهة الموضوعيّة ، وعلى الثاني منهما يكون مخصوصا بالشبهة الموضوعيّة الابتدائيّة ، هذا
وقد يقال لتصحيح تعميم موضوع الحديث للشبهة الحكميّة بأنّا نختار الشقّ الثانى وهو أن يكون المراد هو التقسيم الذهنى ، ولكن نقول : الجنس الذى تحقّق