وينبغي التنبيه على امور ، قد عرفت سابقا لزوم ملاحظة مراتب الضرر الدائر بين الشخصين كالمالك لو منع من الحفر ، والجار لو لم يمنع وقد نقل هذا شيخنا المرتضى في رسالته المعمولة لهذه القاعدة عن بعض من عاصره ، ثمّ قال : وهو ضعيف مخالف لكلمات الأصحاب ، نعم لو كان تضرّر الغير من حيث النفس أو ما يقرب منه ممّا يجب على كلّ أحد دفعه ولو بضرر لا يكون حرج في تحمّله فهذا خارج عن محلّ الكلام ؛ لأنّ ما يجب تحمّل الضرر لدفعه لا يجوز إحداثه لدفع الضرر عن النفس ، انتهى كلامه ، رفع مقامه.
قال شيخنا الاستاد دام أيّام أبحاثه الشريفة : لا شكّ أنّا نفهم من قول الشارع : لا ضرر ، كون الضرر مبغوضا له مطلقا ، حتّى لو دار أمره بين إضرار أحد عبديه فقد فات منه في حقّ المتضرّر منهما هذا الغرض ، ومن العلوم أيضا أنّ عباده متساوون في نظره ، وبعد ذلك لا يعقل أن لا يلاحظ عند الدوران مراتب الضرر المختلفة حسب اختلاف الموارد والأشخاص حالا ومالا.
ثمّ الظاهر حيث جوّزنا للمالك إضرار الغير هو الضمان ، لعدم منافاة الإذن الشرعي مع عموم الضمان ، هذا وإن كان كلّ من هذين ـ أعني ملاحظة المراتب وثبوت الضمان ـ على خلاف ما في كلمات المشهور رضوان الله عليهم.
المغبون من البائع والمشتري إن كان عالما بمطابقة الثمن للقيمة الواقعيّة فلا كلام في أنّ حكم لزوم البيع عليه حكم ضرري ، وكذلك إن لم يعلم ، لكن أحرز ذلك بطريق معتمد عند العقلاء مثل إخبار أهل الخبرة أو تميز نفسه مع كونه من أهل الخبرة ، ثمّ انكشف خطاء الطريق فإنّ اللزوم أيضا حكم ضرري ولم يتحقّق من المغبون أيضا إقدام ؛ فإنّه وإن كان محتملا ، لكن كان غير معتنى به ، لقيام الطريق العقلائي على خلافه ، ومعه لا يصدق الإقدام على الضرر الموجب لعدم جريان نفي الضرر المبني على الامتنان في حقّه ، لوضوح كون النفي في حقّه أيضا امتنانيّا.
وأمّا إذا لم يعلم ولم يقم عنده طريق ، وكان إقدامه على البيع بالثمن المسمّى مع الجهل والترديد في مطابقته مع القيمة وعدمها لأجل شدّة الاضطرار ونحوها ، فإنّ