وجوب الظهر ومقتضى الآخر عدم وجوبه ، وهكذا الجمعة.
فإن كان أحدهما مطابقا فالمخالف هو المؤثّر ، فيتردّد أمر كلّ من الفعلين بين الوجوب وعدمه ، وحيث إنّ أحدهما واجب يجب الاحتياط ، وإن كانا مخالفين يرجع أمر كلّ من الفعلين إلى الإباحة بعد تساقط مقتضى الإلزام ومقتضى عدم الإلزام.
فقد تحقّق أنّه لا ينجرّ الأمر في شيء من الصور إلى التزاحم في الحجّتين المقتضي لتخيير العقلي بين الالتزامين كما هو ظاهرهما قدسسرهما.
وإن قيل بالوجه الرابع فإن قيل بعموم المصلحة حتّى في التديّن القلبي على طبق مضمون الخبر المطابق فعند التعارض يتعيّن العمل بمؤدّى المحتمل المطابقة ملتزما به لو كان ، وإلّا فالتخيير بين كليهما ملتزما به ، فحينئذ يتمّ ما ذكراه قدسسرهما ، وكذا إن قيل باختصاص المصلحة بخصوص الخبر المخالف ، حيث إنّ الدليل ليس إلّا العقل دفعا لمحذور تحليل الحرام وتحريم الحلال الذي أورده ابن قبة على التعبّد بالخبر ، وهو يندفع بمجرّد ذلك.
ولهذا قال شيخنا المرتضى قدسسره لو أتى بالصلاة مثلا بلا سورة على طبق أحد الخبرين ثمّ انكشف في الوقت وجوبها وجبت الإعادة ؛ إذ لا تفويت هنا حتّى يجب بحكم العقل تداركه ، وعلى هذا فلا بدّ في المخالف أيضا من التفكيك بين التديّن بالمدلول المطابقي والالتزامي ، فما لا محيص عنه في حكم العقل هو الأوّل ، فلا وجه للقول به في الثاني ، وعلى هذا فإن كان الخبران واقعا كلاهما مخالفين ففي التديّن بكلّ مصلحة ملزمة ، وحيث لا يمكن الجمع تعيّن التخيير ، وإن كان أحدهما مطابقا كان التخيير بين ذات العمل في المطابق والتديّن في المخالف ، وحيث اشتبها تعيّن اختيار أحدهما ملتزما به على أنّ الخبر صادر صادق على تقدير المخالفة.
هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل مع قطع النظر عن الأخبار الواردة في المقام.
وأمّا بالنظر إليها فهل يحكم بالتخيير أو التوقّف أو الأخذ بما يوافق الاحتياط؟ قد اختلفت الأخبار في ذلك ، فيظهر من بعض منها التخيير وأنّه «بأيّ من الخبرين أخذت من باب التسليم وسعك»