وتقريب المعارضة أنّ العصير الزبيبي مثلا كان قبل الغليان محكوما بالإباحة التنجيزيّة ، وبعده صارت مشكوكة البقاء ، فنستصحبها ، وقد كان مقتضى استصحاب الحرمة التعليقيّة الحرمة الفعليّة بعد الغليان.
لا يقال : كما كانت الحرمة معلّقة بالغليان كانت الحليّة أيضا مغيّاة به ، وهما مع القطع بثبوتهما كما في حال العنبيّة لم يكن بينهما تضادّ ، بل كانتا مجتمعتين ، فكيف يتحقّق التضادّ من وجودهما الاستصحابي.
لأنّا نقول : ليس مقصودنا استصحاب حكم «يحلّ إذا لم يغل» حتّى تقول : لا معارضة بينه وبين استصحاب «يحرم إذا غلى» بل المقصود استصحاب الحليّة الفعليّة الثابتة قبل الغليان ، وهي من المحتمل أن تكون محدودة بالغليان كما كانت في حال العنبيّة ، وأن تكون باقية بعده وكان ذلك من خواصّ حال الزبيبيّة ، فنستصحب الحليّة المتيقّنة قبل الغليان إلى ما بعده.
والظاهر أنّه ممّا لا إشكال في جريانه ومعارضته مع استصحاب الحكم المعلّق وإن جزم بعض الأساطين بوحدة الشكّين خارجا ، أعني الشكّ في بقاء الحكم المعلّق وفي بقاء الحكم المطلق.
وبالجملة ، قد أجاب شيخنا العلّامة الأنصاري أعلى الله مقامه الشريف عن إشكال المعارضة بتقدّم الاستصحاب التعليقي على التنجيزي للحكومة.
وقد استشكل عليه شيخنا الاستاد العلّامة أدام الله أيّامه في كتاب الدرر ، وحاصل مرامه أنّا نسلّم أنّ الحكم التعليقي سواء كان واقعيّا أم ظاهريا أصليّا ، يكون من اللوازم الثابتة له بحكم العقل الفعليّة عند ثبوت المعلّق عليه ، فإذا شككنا في الثاني كان هذا الشكّ مسبّبا عن الشكّ في منشائه أعني الحكم المعلّق.
وبعبارة اخرى : نسلّم أنّ هنا حكمين ، أحدهما ثابت قبل حصول المعلّق عليه ، والآخر يحدث بحدوثه ، والثاني من توابع الأوّل ولوازمه العقليّة ، فمن يحكم بحرمة