الأمر السادس
لا إشكال في جريان الاستصحاب في ما إذا كان المتيقّن السابق المشكوك لا حقا حكما ثابتا في الشريعة السابقة ، ولا مانع عنه سوى امور موهومة.
منها : أنّ الحكم في الشريعة السابقة كان ثابتا في حقّ أشخاص غير الأشخاص الذين قصد إثبات الحكم بالاستصحاب في حقّهم ، والمعتبر في الاستصحاب وحدة من تيقّن في حقّه الحكم ومن شكّ في بقاء الحكم في حقّه ، وبعبارة اخرى : وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة.
والجواب منع كون الموضوع لحكم الله في أيّ شريعة كان هو الأشخاص بخصوصيّاتهم، بل هو المكلّفون والعباد ، نظير ما هو الموضوع في الوقف على الفقراء والاولاد ، ومن المعلوم أنّ هذا الموضوع لا يتفاوت بتفاوت الأشخاص ، وحينئذ فنقول : قد كان حكم الله على العباد في السابق حكما كذا ، والآن نشكّ في ارتفاع هذا الحكم عنهم وبقائه في حقّهم ، فمقتضى الاستصحاب بقائه ، فأركان الاستصحاب تامّة ، ومن هنا أيضا يصحّ إطلاق النسخ على الشريعة اللاحقة مع أنّه يعتبر في النسخ أيضا وحدة الموضوع ، لأنّ معناه رفع الحكم الثابت في حقّ المكلّف في زمان عنه في زمان آخر ، هذا ملخّص ما أجاب به شيخنا المرتضى قدسسره ، وهو متين.
وقد أجاب قدسسره أيضا ـ بعد تسليم تعدّد الموضوع وكون الموضوع في الحكم السابق هو الأشخاص السابقين بخصوصيّاتهم ـ بأنّا نفرض شخصا مدركا للشريعتين ، فنقول : إنّ هذا الشخص قد تحقّق له اليقين السابق والشكّ اللاحق في