السهوي ، بأن يقال : إنّ من المسلّم المستمرّ عليه سيرة العقلاء حمل أفعال العاقل وأقواله على الصدور لا عن سهو وعدم تحقّق ترك شطر أو شرط سهوا ، ولهذا لو سمعنا القائل يقول: رأيت أسدا ، واحتملنا أنّه أراد ذكر «يرمي» وسها ، كان غير معتنى به ، وهكذا في أفعاله.
وعلى هذا فالكلام المذكور إمضاء لهذه الطريقة ، فتكون قاعدة الشكّ بعد المحلّ محكوما في موارد احتمال السهو بهذا الطريق العقلائي الممضى نظير قاعدة الطهارة في موارد وجوب البيّنة على الطهارة ، ولعلّ الاحتمال الأخير سالم عن ارتكاب مخالفة ظاهر شيء من الدليلين ، هذا حاصل تقريب الطريقيّة.
ولكنّه مع ذلك محلّ الخدشة بملاحظة أنّه ليس من المسلّم استمرار السيرة على عدم السهو عند احتمال ترك شيء في مقام إتيانه ، وبعبارة اخرى : عند الشكّ في الوجود ، وإنّما المسلّم هو الأخذ به عند مفروغيّة صدور عمل من العاقل ، ونشكّ في أنّه بتمامه أو ببعض أجزائه وكيفيّاته اتى به سهوا أو عمدا.
فإذا علمنا صدور عمل مشتمل على تسعة أجزاء مثلا واحتملنا أنّه أراد عشرة فنقص واحدا سهوا ، أو ثمانية فزاد واحدا كذلك ، ندفع الاحتمالين بالأصل ، وأمّا إذا لم نعلم المأتيّ به ما ذا حدّه ، هل العشرة أو التسعة مع العلم بأنّ ما أراده هو العشرة فلا أصل هنا يعول عليه في نفي احتمال التسعة ونقصان الواحد.
فالمقام نظير أصالة الحقيقة حيث إنّه عند تميّز المعنى الحقيقي عن المجازي مع الشبهة في المراد جارية ، وأمّا مع تميّز المراد والشبهة في المعنى الحقيقى غير جارية ، والدليل على عدم الجريان في المقام عند تردّد المأتي بين الزائد والناقص ، وبعبارة اخرى : في مطلق موارد الشكّ في الوجود أنّه إذا علمنا أنّ زيدا يريد اشتراء دار عمرو ، والعمرو أيضا يريد شرائه منه ، وعيّنا لذلك يوما كذا ، وعلمنا بعدم حصول البداء وأنّ ترك البيع على فرضه مستندا إلى سهوهما عن إيقاعه ، فنحن في هذا الفرض بعد انقضاء اليوم الكذائي هل نعامل مع تلك الدار معاملة ملك زيد؟ لا نرى من وجداننا المساعدة لذلك.