الثوب ، واستصحاب نجاسة الثوب ليس من أثره نجاسة الماء ؛ إذ لو كان نجسا ليعلم أنّه بغير نجاسة الثوب.
وعلى هذا فالتقريبان المتقدمان من الحكومة والورود تامّان في الاستصحاب الجاري في السبب ، بيانه أمّا على الحكومة فلأنّه يحكم في موضوع الشكّ في الماء بطهارته ، وفي الطول بطهارة الثوب المغسول به ، فحكمه بطهارة الثوب نظير حكم الأمارة حكم بالثبوت بلسان الواقع بدون التعليق على الشكّ ، وإنّما علّق على الشكّ في شيء آخر ، وأمّا الحكم بالنجاسة في جانب استصحاب المسبّب فهو حكم معلّق على الشكّ في نفسه ، فمفاد أحدهما «الثوب طاهر» ومفاد الآخر الثوب عند الشكّ فيه نجس ، فيكون الأوّل حاكما لو اريد من الشكّ الصفة بالملاك الأخصّ ، وواردا لو اريد به ذاك بالملاك الأعمّ ، ولا عكس؛ إذ استصحاب المسبّب ليس له نفي وإثبات في جانب السبب ، لعدم حجيّة الأصل المثبت.
نعم يتمّ فيه أيضا ذلك لو قيل بطريقيّة الاستصحاب وأنّه من باب جعل الظنّ النوعي بأنّ ما ثبت يدوم معتبرا وحجّة ، أو بأصليّته مع القول بحجيّة الأصل المثبت ، وقد رام على هذين شيخنا الاستاد في درره أيضا تقديم الأصل السببي بواسطة تقدّم الرتبة طبعا.
ولكنّه ـ كما نبّه هو دام بقاء في مجلس بحثه ـ مخدوش أولا بأنّا نرى وجدنا انقداح التعارض بين أمارتين إحداهما تخبر بالعلّة والاخرى بعدم المعلول ، أو تقول إحداهما : هذا الرجل ابن زيد والاخرى : زيد لا يقتل ابنه ، ثمّ رأينا الزيد قتل الرجل ، ولو كان التقدّم الطبعي كافيا في حيازة الأمارة الأسبق حكم الحجيّة والاعتبار لما انقدح التعارض في المثال ، والتالي باطل بالضرورة.
وثانيا بأنّ التقدّم والتأخّر في الرتبة بين الفردين للعام بحسب الوجود الخارجي لا ينافي عرضيّتها بحسب المشموليّة للعام وفي لحاظ المنشئ للعموم ، فالمنشئ لأكرم العلماء لاحظ العالم الأب والعالم الابن في فرض واحد وإن كانا في الخارج مترتبين.