منه نحو وجود له عقلا وعرفا ، فإذا شكّ في أنّه في الزمان الأوّل كان موجودا بوجود واحد أو اثنين وفي ضمن فرد أو فردين لم يكن الشكّ في نحو وجوده ، بل الشكّ في وجوده بنحو آخر غير ما علم من نحو وجوده ، فما علم من وجوده فقد علم ارتفاعه ، وما شكّ فيه فقد شكّ في أصل حدوثه ، فاختل أحد ركني الاستصحاب فيه على كلّ حال ، ومنه يظهر الحال في القسم الثاني ، بل الأمر فيه أظهر.
وجه المنع أنّا لو أغمضنا عن الكلام الأوّل من عدم ابتناء صدق البقاء على عدم تعدّد أنحاء الوجود فلا محيص عن القول بجريان الاستصحاب في القسم الأوّل وعدم جريانه في القسم الثاني ، كما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره ، وذلك لتماميّة أركانه في القسم الأوّل وعدم تماميّتها في القسم الثاني ، فإنّ القطع بوجود أصل الإنسان قد حصل بواسطة القطع بوجود الزيد ، والشكّ في وجود عمرو في الزمان الثاني شكّ في بقاء أمر واحد خارجي واستمرار وجود واحد كذلك حقيقة ، وبذلك يتمّ الشكّ في بقاء أصل الإنسان الذي قد فرض القطع بأصل وجوده.
وهذا بخلاف القسم الثاني ، لوضوح أنّه ليس لنا في البين أمر واحد مستمر خارجي ، وإنّما نشكّ في حدوث وجود آخر مقارنا لزوال الوجود الأوّل ، فالقطع بحدوث أصل الإنسان وإن كان حاصلا ولكنّ الشكّ في بقائه غير حاصل ، نعم لو قيل باعتبار كون الشكّ متعلّقا ببقاء ذاك الوجود الخاص المتيقّن سابقا ، كان الأمر كذلك في القسم الأوّل أيضا ، ولكن لا دليل على اعتبار ذلك.
فتحقّق من جميع ما ذكرنا أنّ استصحاب الكلّي لا مانع منه في كلا القسمين من جهة اختلال الأركان.
نعم هو محكوم لاستصحاب عدم الفرد المشكوك ، فإنّ الشكّ في بقاء الكلّي مسبّب عن الشكّ في حدوثه ، وترتّب عدم الكلّي على عدم أفراده وإن كان ترتّبا علقيّا ، ولكنّه غير مسلّم في مثل النجاسة من الجوامع الشرعيّة ، فإنّ الحكم غير معلّق على عنوان الكلّي والجامع ، وإنّما ذلك مفهوم ينتزعه العقل ، والأثر ثابت