لنفس ذات النجاسة ، وليس للعقل حكم بأنّ هذه الذات في أىّ موضع يتحقّق وفي أيّ موضع ينعدم وإن كان له حكم بأنّ الكلّي ينعدم بانعدام أفراده ، لكن هذا غير مربوط بموضوع الحكم.
وحينئذ فإذا قطع بملاقاة الثوب للدم وشكّ في ملاقاته للبول مقارنا لملاقاته مع الدم فبعد الغسل مرّة واحدة يشكّ في بقاء أصل النجاسة ، وهذا الشكّ مسبّب عن الشكّ في حدوث نجاسة البول ، فإذا أجرينا أصالة عدم حدوثها والمفروض حدوث النجاسة بالدم وجدانا كان من أثره شرعا رفع أصل النجاسة عقيب الغسل مرّة واحدة ، وهذا حكم استفدناه من الشرع وليس للعقل سبيل إليه.
ثمّ إنّ شيخنا المرتضى قدسسره استثنى من عدم الجريان في القسم الثاني ما إذا كان الشكّ في تبدّل المرتبة الشديدة إلى المرتبة الضعيفة ، كما إذا شكّ في تبدّل الشديد من السواد إلى الضعيف منه أو انقلابه إلى البياض ، فإنّ العرف يعدّون السواد الضعيف مع السواد الشديد شيئا واحدا وإن كانا بنظر العقل شيئين متغايرين.
وذكر بعض الأساتيد قدسسره في حاشيته أنّا لو قلنا بأصالة الماهيّة فالسواد الضعيف والشديد ماهيّتان مختلفتان ، وإن قلنا بأصالة الوجود فالوجود واحد وإن صار منشئا لانتزاع ماهيّتين مختلفتين حسب اختلافه شدّة وضعفا. فالموضوع حينئذ واحد حتّى بالدقّة العقليّة.
أقول : إن قلنا في الجسم الواحد أنّه مركّب من أجزاء صغار كثيرة مجتمعة متلاصق بعضها مع بعض ، فلا شبهة في أنّه لو انفصل بعض تلك الأجزاء عن الباقي فوجود الأجزاء عين وجودها السابق ، لكن هذا قول بالجزء الذي لا يتجزّى ، وإن قلنا بأنّه موجود بوجود واحد وليس لكلّ جزء منه وجود فعلي ، نعم له وجود تقديري بمعنى أنّه لو انفصل يكون موجودا فحينئذ أيضا لا شبهة في أنّه لو انفصل بعض الأجزاء عن الباقي كان كلّ من المنفصلين موجودا غير الموجود المشار إليه في الأوّل ، وهذا الكلام بعينه جار في السواد الشديد والضعيف.