الأفراد ، لا على نحو الاستقلال كما في الذهن ، والعرف أيضا قد يرى الأثر لهذا الأمر المجرّد في بعض الأحيان ، فيرى رفع العطش من آثار نفس الماء من غير دخل لخصوصيّة الكون في آنية مخصوصة في ذلك.
وكذلك قد يرى الصلاح في صرف وجود الإنسان في الدار من غير فرق بين الواحد والمتعدّد والشخص الخاصّ في ذلك ، وهذا المعنى لا ينثلم وحدته بتبدّل الأفراد المتعدّدة ، فلو دخل الزيد في الدار في اليوم الأوّل وخرج منها ، وقارن خروجه دخول عمرو فيها في اليوم الثاني ، صدق أنّ الدار لم تخل في هذين اليومين عن وجود الإنسان ، فاليقين بذلك يقين بعدم الخلوّ المذكور ، والشكّ فيه بعد اليقين بالوجود الأوّل شكّ في عدم الخلوّ ، فإذا صدق الإبقاء بنظر العرف كفى ذلك في جريان الاستصحاب ، مع أنّك عرفت عدم دليل على اعتبار البقاء في الاستصحاب ، ومعه يصير الأمر أوضح كما ذكرنا.
نعم لا مجال لاستصحاب بقاء الكلّي إذا كان الحكم متعلّقا بالطبيعة السارية ، بل المستصحب حينئذ عدم حدوث الفرد المشكوك حدوثه عند زوال الفرد الآخر ، أو وجوده عند وجود الفرد الآخر ، فإذا تلطّخ الثوب بالتراب المتنجّس ونفض المقدار المتيقّن وشكّ في بقاء شيء منه ، فلا بدّ من ملاحظة دليل مانعيّة المحمول المتنجّس في الصلاة وأنّ المستفاد منه مانعيّة صرف الطبيعة أو الطبيعة السارية.
وتظهر الثمرة فيما لو اضطرّ إلى حمل المتنجّس في الصلاة ، فعلى الأوّل لا فرق بين القليل والكثير ، وعلى الثاني يجب الاقتصار على مقدار الضرورة ، فإن كان على الوجه الأوّل فيجب النفض في المثال ما دام الشكّ بمقتضى استصحاب بقاء الكلّي ، وإن كان على الوجه الثاني لا يجب نفض الزائد على المقدار المتيقّن بمقتضى استصحاب عدم حدوث الفرد المشكوك ، فافهم ذلك واغتنم.
ومن هنا يظهر منع ما ذكره بعض الأساتيد قدسسره من منع جريان الاستصحاب في كلا القسمين بتقريب أنّ وجود الطبيعي وإن كان بوجود فرده إلّا أنّ وجوده في ضمن أفراده متعدّدة ليس نحو وجود واحد له ، بل وجود كلّ فرد