يتفاوت الحال في ذلك بين أن يكون المحقّق له فردا واحدا أو أفرادا متعدّدة بأن يكون المحقّق لحدوثه فردا ولبقائه فردا آخر ، ألا ترى أنّه يصحّ أن يقال : إنّ نوع الإنسان باق من أوّل زمان خلقة آدم عليهالسلام إلى زماننا هذا ، مع كثرة تبدّل الأفراد والأشخاص حسب اختلاف القرون والأعصار؟ ، هذا.
مع أنّه لا دليل على اعتبار الشكّ في البقاء في باب الاستصحاب ؛ إذا الدليل على حجيّة الاستصحاب وهو أخبار عدم نقض اليقين بالشكّ لا إشعار فيه باعتبار ذلك ، نعم يستفاد منه اعتبار وحدة متعلّق اليقين والشكّ بحسب الذات ، وهذا المعنى متحقّق في المقام قطعا ؛ فإنّ اليقين بوجود زيد سابقا يقين بوجود الإنسان قطعا ، والشكّ في وجود عمرو في اللاحق شكّ في وجود الإنسان بلا إشكال ، فقد صدق اتّحاد متعلّقي اليقين والشكّ سواء صدق الشكّ في البقاء أم لا ، ولهذا نقول بجريان الاستصحاب في الامور التدريجيّة الغير القارّة التي توجد فتوجد ، من دون أن يكون لها بقاء حتّى يتعلّق الشكّ ببقائها ، فيستصحب جريان الماء وحركة الزيد وتكلّمه وغير ذلك.
ومن هنا يظهر ما في تفصيل شيخنا المرتضى بين القسم الأوّل من القسم الثالث وهو ما إذا احتمل وجود عمرو مقارنا لوجود زيد ، وبين القسم الثاني منه ، وهو ما إذا احتمل وجود عمرو مقارنا لذهاب زيد بالجريان في الأوّل وعدمه في الثاني.
وحاصل تقريبه أنّه لا بدّ من تعلّق البقاء بالأمر الخارجي ، فلا بدّ من تعلّق الشكّ ببقاء أمر في الخارج ، ومن المعلوم أنّ قضيّة ذلك أن يكون في البين أمر واحد خارجي ، وهذا مفقود في القسم الثاني ، والجامع وإن كان واحدا لكنّه تعرضه الجامعيّة والوحدة في الذهن عند التعرية من الخصوصيات لا في الخارج ، وموجود في القسم الأوّل كما هو واضح.
وفيه أنّ الجامع الذي ينتزعه العقل من الأفراد ويجرّده عن الخصوصيّات يكون موجودا بعينه وذاته في الخارج ، غاية الأمر على نحو الاندكاك في