وحاصل ما يستفاد من كلامه قدسسره في تقريب ذلك أمّا في وجه الجريان في الثاني فهو أنّ الشدّة والضعف عند العرف من عوارض الموضوع ، فالشديد المتبدّل بالضعيف متّصلا من دون تخلّل عدم في البين يراه العرف أمرا واحدا مستمرّا قد تبادل فيه الحالتان ، فهو كالماء الزائد إذا صار ناقصا ، حيث أنّه عندهم أمر واحد مستمرّ قد تبادل فيه الزيادة والنقصان.
نعم بالدقّة العقليّة ، الشديد بمرتبته موضوع مغاير للضعيف كذلك ، والزائد بمرتبته موضوع مغاير للناقص كذلك ، ولكن الاعتبار في باب الاستصحاب بالمسامحة العرفيّة لا بالمداقّة العقيلة ، فيجوز استصحاب الوجود ولو كان الشديد معلوم العدم والضعيف مشكوك الحدوث ، كما يجوز استصحاب الكريّة مع العلم بانتفاء الزائد وحدوث الناقص.
وأمّا في وجه عدم الجريان في الأوّل فهو أنّ المعتبر في باب الاستصحاب أن يكون الشكّ متعلّقا بنفس المتيقّن سابقا ؛ إذ بدونه لا يصدق الشكّ في البقاء ، والمتيقّن سابقا في المقام وجود الإنسان مثلا في ضمن الزيد ، والمشكوك لا حقا وجوده في ضمن عمرو ، ومتعلّق كلّ من اليقين والشكّ غير متعلّق الآخر ، فلا يصدق تعلّق الشكّ ببقاء موضوع اليقين ، بل بوجود موضوع آخر ، هذا ما يستفاد من كلماته قدسسره.
والحقّ جريان الاستصحاب في هذا القسم أيضا وأنّه يصدق تعلّق الشكّ بالبقاء ، وذلك لأنّ خصوصيّة الفرد غير ملحوظة في استصحاب الكلّي بالفرض ، وقد عرفت أنّ تعلّق الحكم بالطبيعة الكليّة يتصوّر على نحوين ، الأوّل أن يكون باعتبار الوجود الساري ، والثاني أن يكون باعتبار صرف الوجود ، وفي القسم الأوّل يكون الموضوع في الحقيقة هو الأفراد ، غاية الأمر من طريق انطباق الكلّي عليها ، فاستصحاب الكلّي الغير الملحوظ فيه خصوصيّات الأفراد لا يتمّ إلّا في القسم الثاني الذي يكون الموضوع فيه نفس الكلّي من دون دخالة للأفراد.
وحينئذ نقول : إنّ وجود الإنسان باعتبار صرف الوجود يصدق أنّه باق ، ولا