وحينئذ يكفي لنا الأصل المحرز لوجود القدر المشترك في الزمان الثاني أو عدمه وإن لم يمكننا إحراز البقاء والارتفاع ، ولا يخفي أنّ أصالة عدم حدوث الفرد الطويل يثبت عدم وجود القدر المشترك في ضمنه في الزمان الثاني ، والمفروض القطع بانعدام الفرد القصير ، فيكون الحاصل من مجموع ما احرز بالأصل والوجدان عدم القدر الجامع في الزمان الثاني.
نعم هذا إنّما يتمّ فيما إذا كان الجامع من الأحكام الشرعيّة ، وأمّا لو كان من الموضوعات الواقعيّة الغير الشرعيّة كالحيوان فلا يتمّ ما ذكرنا ، فإنّه بعد إحراز عدم القدر المشترك في ضمن كلّ من الطويل والقصير أحدهما بالأصل والآخر بالوجدان لا بدّ لنا من الحكم بانعدام الكلّي رأسا ، وهذا أعني ترتّب عدم الكلّي على عدم الأفراد ترتّب عقلي ، فيكون داخلا في الاصول المثبتة.
نعم لو فرضنا الكلّي حكما شرعيّا كالحدث تمّ فيه ما ذكرنا ، مثلا لو نام واستيقظ وشكّ في الاحتلام ، فالحدث الأصغر متيقّن الحدوث مشكوك البقاء ، والأكبر مشكوك الحدوث ، فالأصل وجود الأوّل وعدم الثاني ، فيحكم عليه بوجوب الوضوء ، ثمّ بعد الوضوء نقول : ارتفع الأصغر جزما بالوضوء ، والجنابة أيضا لم يتحقّق بالأصل ، فكلّي الحدث غير متحقّق في هذا الشخص ، فيجوز له الدخول في الصلاة ، وسرّ ذلك أنّ ترتّب وجود هذا الكلّي على وجود أحد الأفراد ، وعدمه على عدمها مستفاد من بيان الشرع ؛ فإنّ الأثر ليس للحدث بعنوان كونه جامعا وكليّا حتّى يقال : إنّ الحاكم هو العقل ، غاية الأمر أنّه الصغرى بيد الشرع.
ولا يخفي أنّ العقل لا يعلم أنّ الحدث بم يتحقّق وفيم ينعدم ، فإذا حكم الشارع بانحصار موارد وجوده في شيئين مثلا فهذا عبارة اخرى عن الحكم بعدم الحدث عند عدمهما ولو لم يبيّن الشرع الانحصار لكان جائزا عند العقل وجود فرد آخر كان لهذا الكلّي ، فلم يمكنه الحكم بعدم الحدث فافهم.