ثمّ استشكل المحشّي على نفسه بأنّ أصالة عدم حدوث الفرد الطويل معارضة بأصالة عدم حدوث الفرد القصير ، وذلك لأنّ كليها مسبوق بالعدم ، فإذا سقط الأصل في طرف السبب بالمعارضة بالمثل ، يبقى الأصل في طرف المسبّب وهو أصالة بقاء الكلّى سليما عن المعارض ، فأجاب عنه بأنّ أصالة عدم القصير غير جارية ؛ لعدم الأثر له شرعا ؛ فإنّ عدم الكلّى ووجوده في الزمان المتأخر مسبّب عن عدم الفرد الطويل ووجوده ، وأمّا الفرد القصير فهو مقطوع العدم بالفرض ، هذا حاصل ما ذكره دام ظلّه.
أقول : بعد تصوير أصل السببيّة والمسببيّة بين الفرد والكلّى مع ما بينهما من الاتّحاد في الوجود الخارجي ـ بأنّهما في لحاظ التحليل متغايران متباينان والسببيّة والمسببيّة تعرضان لهما في هذا اللحاظ ، وبعد فرض محلّ الكلام في الجوامع الشرعيّة من مثل الملكيّة والطهارة والحدث ، وأمّا في الجوامع الغير الشرعية كالحيوان ونظائره فلا يتمّ إثبات عدم الكلّي بأصالة عدم الفرد الطويل إلّا بالأصل المثبت كما اعترف هو دام ظلّه به ـ يرد على ما ذكره من عدم جريان استصحاب الكلّي في القسم الثاني في خصوص الجوامع الشرعيّة.
أوّلا : أنّ نفي الكلّي حدوثا مسبّب عن عدم كلا فرديه ، كما أنّ وجوده كذلك مسبّب عن وجود أحدهما ، فالفرد القصير والطويل بالنسبة إلى هذا الأثر الذي هو نفي الكلّي حدوثا كلاهما ذو أثر ، فيتساقط أصلا عدمهما بالمعارضة ، وأمّا نفي الكلّي بقاء فهو مسبّب عن كون الحادث هو الفرد القصير ، كما أنّ وجوده كذلك مسبّب عن كون الحادث هو الطويل ، وحيث لا أصل في طرف السبب تعيّن أحد الأمرين ويبقى الأصل في طرف المسبّب سليما عن المزاحم ، ولعلّه إلى ذلك يشير كلام شيخنا المرتضى قدسسره.
وثانيا : أنّه بعد تسليم أنّ عدم الكلّي في الزمان المتأخّر من آثار عدم الطويل فقط ، فعدم جريان استصحاب الكلّي ليس على إطلاقه ، بل الحقّ أنّ هنا ثلاث صور.
الاولى : أن لا يكون لشيء من الفرد القصير والطويل أثر آخر غير أثر نفي الكلّي ،