وحينئذ فإذا عرض على الطبيعة في لحاظ انفكاكها عن الفرد عارض فلا وجه لسرايته إلى الفرد ، لمكان التغاير بينهما في هذا اللحاظ ، وبهذا يسهّل الخطب في كثير من المواضع ، ألا ترى أنّ وجود الإنسان بما هو وجود الإنسان متّصف بالتعدّد والكثرة ، وبالنوعيّة والكليّة، مع أنّ شيئا من أفراده لا يتّصف بالتعدّد والكليّة؟ وعلى هذا يبتني حكمهم في بيع الصاع الكلّي من الصبرة بأنّه لا يملك شيئا من الخصوصيّات ، بل تمامها باق في ملك البائع، وعليه فرّعوا كون التلف في مال البائع ما بقي في الصبرة ما اشترى المشتري.
إذا عرفت ذلك فنقول : إذا تعلّق الأمر بإكرام العالم وانحصر أفراد العالم في عشرة معلومة وواحد مشكوك ، وعلم أنّ المراد أصل الإكرام لطبيعة العالم باعتبار صرف وجودها الغير القابل للوحدة والتعدّد فمقتضى العلم بالاشتغال بهذا المعنى الجزم بإتيانه بإكرام واحد من معلومي العلم ، ولا يكفي في حكم العقل الإتيان بذاك الواحد المشكوك ، وكذلك في النهي لو قال : لا تشرب الخمر ، وعلم أنّ غرضه أصل طبيعة الخمر بلحاظ صرف وجودها الناقض للعدم ، فلا محالة يتوقّف على ترك جميع ما يحتمل كونه فردا لهذه الطبيعة ، لأنّه مقتضى مأخوذيته ومشغوليّته بنفس الطبيعة ، فلا بدّ من القطع بعدم حصولها في الخارج ، كما لا بدّ في الأمر من القطع بحصولها فيه ، غاية الأمر في طرف الوجود يكفي وجود واحد من الأفراد ، وفي طرف العدم لا بدّ من عدم تمام الأفراد ، فكما لا يجوز في طرف الوجود الاكتفاء بوجود الفرد المشكوك فلا يجوز الاكتفاء في طرف العدم بعدم ما عداه ، بل لا بدّ من تحصيل الجزم في كلا المقامين بالاقتصار على الفرد المعلوم دون المشكوك في الأوّل وترك المعلوم والمشكوك معا في الثاني.
والقول في الثاني بأنّه مع ترك المعلوم يشكّ في أنّه مكلّف بترك المشكوك أيضا وأنّ تكليفه هل تعلّق بالعشر أو بأحد عشر ، فلا يجب عليه سوى القدر المتيقّن وقد أتى به ، والحادي عشر مشكوك بدوي والأصل البراءة منه ، فاسد بما عرفت من أنّه لا يستقيم مع ما ذكرنا من عدم ارتباط الطلب بعالم الخصوصيات و