الأفراد وأجنبيّتها عنه بالمرّة.
فالمطلوب شيء آخر وهو الإيجاد المتعلّق بأصل الطبيعة أو الترك المتعلّق بها ، فلو أتى بالفرد المشكوك في الثاني وكان في الواقع فردا ، فللمولى أن يؤاخذه بأنّه قد طلبت منك ترك شرب تلك الطبيعة وقد علمت بذلك ، فلم أتيت بها؟ وليس للعبد أن يقول : إنّي علمت منك تحريم شرب هذا وهذا وهذا وقد تركتها ، وأمّا هذا المائع الذي شربته فلم يصل إلىّ حرمته ؛ لأنّه يقول : ما ذكرته وعددته أجنبيّ بالمرّة عمّا تعلّق به إرادتي ونهيي وإنّما نهيتك عن شرب طبيعة الخمر وهي مفهوم مبيّن ، وعلمت بصدور هذه الإرادة منّي ، فلم يكن عقابي عقابا بلا حجّة ؛ إذ طبيعة الخمر وإن كانت يتّحد مع الخصوصيّات لكن وقع تحت إرادتى عند التحليل والتفصيل ، وفي هذا اللحاظ ميز واضح بينها وبين الخصوصيّات ، فكما يتّصف في هذا اللحاظ بالمحموليّة من دون سرايتها إلى الخصوصيّات فكذلك اتّصفت في هذا اللحاظ أيضا بإرادتي فلا ربط لإرادتي أيضا بالخصوصيّات ، فليس الخصوصيات سوى محصّلات لما هو المراد دون أنّها نفس المراد.
فالشكّ الموضوعي والشكّ بين الأقلّ والأكثر إنّما هما في محصّل المراد ، والمراد معلوم لا شبهة ولا إجمال فيه ، فليس هنا مقام الأخذ بالمتيقّن وطرح ما زاد ، وأظنّ أنّ هذا بمكان من الوضوح وإن خفي على الأساتيد قدّس الله تربة ماضيهم وأطال عمر باقيهم.
هذا كلّه بحسب الأصل في المسألة ، وقد عرفت أنّه في صورة يكون البراءة وفي اخرى يكون الاحتياط.
وأمّا تحقيق أنّ الواقع أيّ من هاتين الصورتين أعني تعلّق النهي بالوجود السرياني أو بصرف الوجود ، فالحقّ أنّ صيغة «لا تفعل» ظاهرة في الوجود السرياني من غير فرق في ذلك بين النهي النفسي والغيري ، ولعلّه في النفسي ممّا لا ينكر ، ولهذا نرى أنّ محرّمات الشريعة من الزنا والغناء والربا وغيرها كلّها من هذا القبيل ولا يوجد فيها ما كان النهي فيه صرف الوجود بحيث لو اضطرّ إلى