الأمر ، وحكم العقل في مورد الأمر إنّما هو من جهة كشفه عن الغرض.
الثالث : أن يكون كلّ واحد من الأمر والغرض موضوعا مستقلّا لحكمه ، وأمّا في مقام الإثبات فلا بدّ من مراجعة العقل عند موارد انفكاك كلّ منهما عن الآخر.
فنقول : الحقّ أنّ الغرض بما هو ولو كان منفكّا عن الأمر ليس موضوعا لحكم العقل، ويحصل وضوح ذلك بمراجعة الوجدان في ما لو علم العبد بمحبوب للمولى وأنّ الشيء الفلاني يكون مطلوبه ومحبوبه ، وعلم أيضا أنّه ليس للمولى مع كونه ملتفتا إلى محبوبيّة ذاك الشيء حالة الطلب عن العبد والإرادة منه إمّا لكونه لا يحبّ تحميل المنّة من الغير أو لغير ذلك ، فهل ترى من نفسك أنّه مأخوذ بحكم عقله بإتيان هذا الشيء ويستحقّ العقاب بتركه؟
ولا فرق في ذلك بين الغرض الذي يرجع إلى جهة مولويّة المولى كما لو رأى ابنه ساقطا في البئر ، أو الغرض الراجع إلى جهة كونه من العقلاء ، فإنّه لو علم العبد من حال المولى في مثال سقوط ابنه في البئر أنّه قلبا وباطنا غير مريد منه إخراجه ، لأنّ تحمّل المنّة مشقّة عليه مثلا ، فمجرّد كون ذات الإخراج في غاية المحبوبيّة له هل يصلح عند العقل لأن يقع موضوعا للحجيّة عند مقام الاحتجاج؟
فعلم أنّ الغرض بما هو غير مصحّح للعقاب نعم الغرض المجرّد قد يكون كذلك في ما إذا كان المانع عن إظهار الطلب والإرادة حاصلا للمولى مع تحقّق أصلهما في نفسه ، كما لو كان عند سقوط ابنه غير ملتفت واحرز من حاله أنّه لو كان ملتفتا لأمر بالإخراج ، ففي مثل تلك الموارد يصحّ المؤاخذة ، وفي الحقيقة ليس موضوعه نفس الغرض ، بل ذاك الطلب القلبي الذي يكشف عنه الغرض ، فالقول بوجوب الإطاعة حينئذ ليس قولا بموضوعيّة الغرض ، فافهم.
ومثال ما إذا كان ذات العمل موردا للتعشّق الأكيد والشوق الشديد وكان المانع في نفس الإرادة دون إظهارها في الشرعيّات هو السواك على ما يستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : «لو لا أن أشقّ على أمّتي» الخ ، فهل ترى أحدا يحكم بوجوب السواك نظرا إلى أنّ المستفاد من هذا القول وجود الغرض اللزومي فيه.