وعبّر ابن ظافر عن معناها بقوله : إنّ أبا عامر كان مع جماعة من أصحابه بجامع قرطبة في ليلة السابع والعشرين من رمضان ، فمرّت امرأة به من بنات أجلّاء قرطبة ، قد كملت حسنا وظرفا ، ومعها طفل يتبعها كالظبية تستتبع خشفا ، (١) وقد حفّت بها الجواري ، كالبدر حفّ بالدراري ، فحين رأت تلك الجماعة ، المعروفة بالخلاعة ، وقد رمقوا ذلك الظبي بعيون أسود رأت فريسة (٢) ، ارتاعت وتخوّفت أن تخطف منها (٣) تلك الدّرّة النفيسة ، فاستدنت إليها خشفها ، وألزمته عطفها ، فارتجل ابن شهيد قائلا :
وناظرة تحت طيّ القناع إلخ
ومرّت في الباب الرابع هذه الأبيات.
وقال الرئيس أبو الحسن عبد الرحمن بن راشد الراشدي (٤) : لمّا نعيت أبا عامر بن شهيد إلى أبي عبد الله بن الخياط (٥) الشاعر ، وكان قد عرف ما بينهما من المنافسة ، فبكى وأنشدني لنفسه بديهة : [السريع]
لمّا نعى الناعي أبا عامر |
|
أيقنت أني لست بالصابر |
أودى فتى الظّرف وترب الندى |
|
وسيّد الأول والآخر (٦) |
وقال ابن بسّام : اصطبح المعتصم بن صمادح يوما مع ندمائه ، فأبرز لهم وصيفة مهدوية متصرفة في أنواع اللعب المطرب من الدك ، وحضر أيضا هناك لاعب مصري ساحر فكان لعبه حسنا ، فارتجل أبو عبد الله بن الحداد : [المتقارب]
كذا فلتلح قمرا زاهرا |
|
وتجني الهوى ناظرا ناظرا |
وسيبك سيب ندى مغدق |
|
أقام لنا هاميا هامرا (٧) |
وإنّ ليومك ذا رونقا |
|
منيرا كنور الضّحى باهرا |
__________________
(١) الخشف : ولد الغزال.
(٢) في أ : «بعيون الأسود رأت الفريس».
(٣) منها : سقطت من بعض النسخ ، وقد أثبتناها من أ، ب.
(٤) انظر بدائع البداءة ج ٢ ص ١٠٩.
(٥) في ب : «أبي عبد الله الحناط».
(٦) ترب الندى : أخو الكرم.
(٧) السيب : العطاء.