وقال فيه : [الطويل]
وأبيض ليل الآبنوس إذا سرى |
|
تمزّق عن صبح من العاج باهر |
وإن غاص في بحر الشعور رأيته |
|
تبشّرنا أطرافه بالجواهر |
وقال فيه : [السريع]
ومشرق يشبه ضوء الضحى |
|
حسنا ويسري في الدّجى الفاحم (١) |
وكلّما قلّب في لمّة |
|
أضحكها عن ثغره الباسم |
وجلس بمصر في دار الأنماط يوما مع جماعة ، فمرّت بهم امرأة تعرف بابنة أمين الملك ، وهي شمس تحت سحاب النّقاب ، وغصن في أوراق الشباب ، فحدّقوا إليها تحديق الرقيب إلى الحبيب ، والمريض إلى الطبيب ، فجعلت تتلفّت تلفّت الظبي المذعور ، أفرقه القانص فهرب (٢) ، وتتثنّى تثني الغصن الممطور عانقه النسيم فاضطرب ، فسألوه العمل في وصفها ، فقال : هذا يصلح أن يعكس فيه قول العطار الأزدي القيرواني : [الكامل]
أعرضن لمّا أن عرضن ، فإن يكن |
|
حذرا فأين تلفّت الغزلان |
ثم صنع : [المتقارب]
لها ناظر في ذرا ناضر |
|
كما ركّب السنّ فوق القناة |
لوت حين ولّت لنا جيدها |
|
فأيّ حياة بدت من وفاة |
كما ذعر الظبي من قانص |
|
فمرّ وكرّر في الالتفات |
ثم صنع أيضا : [الكامل]
ولطيفة الألفاظ لكن قلبها |
|
لم أشك منه لوعة إلّا عتا (٣) |
كملت محاسنها فودّ البدر أن |
|
يحظى ببعض صفاتها أو ينعتا |
قد قلت لمّا أعرضت وتعرضت |
|
يا مؤيسا يا مطمعا قل لي متى |
قالت أنا الظبي الغرير وإنما |
|
ولّى وأوجس نبوة فتلفّتا |
قال علي بن ظافر : وحضر يوما عند بني خليف بظاهر الإسكندرية في قصر رسا بناؤه
__________________
(١) في ب ، ه : «ومشرق يشبه لون الضحى».
(٢) أفرقه : أخافه. والقانص : الصياد.
(٣) عتا : استكبر وجاوز الحد.