تجري الخواطر مطلقات أعنّة |
|
فيه فتكبو عن مداه قصورا |
بمرخّم الساحات تحسب أنه |
|
فرش المها وتوشّح الكافورا |
ومحصّب بالدّرّ تحسب تربه |
|
مسكا تضوّع نشره وعبيرا |
تستخلف الأبصار منه إذا أتى |
|
صبحا على غسق الظّلام منيرا(١) |
ثم ذكر بركة فيه عليها أشجار من ذهب وفضة ترمي فروعها المياه ، وتفنن فذكر أسودا على حافاتها قاذفة بالمياه أيضا ، فقال : [الكامل]
وضراغم سكنت عرين رياسة |
|
تركت خرير الماء فيه زئيرا |
فكأنّما غشّى النّضار جسومها |
|
وأذاب في أفواهها البلّورا |
أسد كأنّ سكونها متحرّك |
|
في النّفس لو وجدت هناك مثيرا |
وتذكّرت فتكاتها فكأنّما |
|
أقعت على أدبارها لتثورا |
وتخالها والشّمس تجلو لونها |
|
نارا وألسنها اللواحس نورا |
فكأنّما سلّت سيوف جداول |
|
ذابت بلا نار فعدن غديرا |
وكأنّما نسج النّسيم لمائه |
|
درعا فقدّر سردها تقديرا |
وبديعة الثّمرات تعبر نحوها |
|
عيناي بحر عجائب مسجورا |
شجريّة ذهبيّة نزعت إلى |
|
سحر يؤثّر في النّهى تأثيرا |
قد صولجت أغصانها فكأنّما |
|
قنصت بهنّ من الفضاء طيورا |
وكأنّما تأبى لوقّع طيرها |
|
أن تستقلّ بنهضها وتطيرا(٣) |
من كلّ واقعة ترى منقارها |
|
ماء كسلسال اللجين نميرا |
خرس تعدّ من الفصاح فإن شدت |
|
جعلت تغرّد بالمياه صفيرا |
وكأنّما في كلّ غصن فضّة |
|
لانت فأرسل خيطها مجرورا |
وتريك في الصّهريج موقع قطرها |
|
فوق الزبرجد لؤلؤا منثورا |
ضحكت محاسنه إليك كأنّما |
|
جعلت لها زهر النّجوم ثغورا |
__________________
(١) في الديوان :
يستخلف الإصباح منه إذا انقضى |
|
صبحا على غسق الظلام منيرا |
(٢) الضراغم : جمع ضرغام ، وهو الأسد.
(٣) في ب : وكأنما تأبى لواقع طيرها.