بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

١١ ـ يج : الصفار ، عن أبي بصير ، عن جذعان بن أبي نصر البرقي ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بينما علي عليه‌السلام بالكوفة إذ أحاطت به اليهود ، فقالوا : أنت الذي تزعم أن الجري منا معشر اليهود ثم مسخ؟ فقال لهم : نعم ، ثم ضرب بيده إلى الارض فتناول منها عودا فشقه باثنين ، وتكلم عليه بكلام وتفل عليه ، ثم رمى به في الفرات ، فإذا الجري يتراكب بعضه على بعض يقولون بصوت عال إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) : نحن طائفة من بني إسرائيل ، عرضت علينا ولايتكم فأبينا أن نقبلها ، فمسخنا الله جريا (٢).

١٢ ـ قب : عمر بن (٣) حمزة العلوي في فضائل الكوفة أنه كان أمير المؤمنين عليه‌السلام ذات يوم في محراب جامع الكوفة إذ قام بين يديه رجل للوضوء فمضى نحو رحبة الكوفة يتوضأ فإذا بأفعى قد لقيه في طريقه ليلتقمه ، فهرب من بين يديه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فحدثه بمالحقه في طريقه ، فنهض أمير المؤمنين عليه‌السلام حتى وقف على باب الثقب الذي فيه الافعى فأخذ سيفه وتركه في باب الثقب وقال : إن كنت معجزة مثل عصا موسى فأخرج الافعى ، فما كان إلا سعاعة حتى خرج يساره ، ثم رفع رأسه إلى الاعرابي وقال : إنك ظننت أني رابع أربعة لما قمت بين يدي ، فقال : هو صحيح ، ثم لطم على رأسه وأسلم.

في الامتحان : عمار بن ياسر وجابر الانصاري : كنت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام في البرية فرأيته قد عدل عن الطريق ، فتبعته فرأيته ينظر إلى السماء ، ثم تبسم ضاحكا فقال : أحسنت أيها الطير إذ صفرت بفضله ، فقلت له : يا مولاي أي الطير؟ (٤) فقال : في الهواء أتحب أن تراه وتسمع كلامه؟ فقلت : نعم يا مولاي ، فنظر إلى

____________________

(١) في المصدر : يقولون بصوت عال : يا أمير المؤمنين اه.

(٢) الخرائج والجرائح : ١٣٥.

(٣) في المصدر : عمرو.

(٤) في المصدر : اين الطير.

٢٤١

السماء ودعا بدعاء خفي ، فإذا الطير يهوي إلى الارض ، فسقط على يد أمير المؤمنين عليه‌السلام فمسح يده على ظهره فقال : انطق بإذن الله وأنا علي بن أبي طالب ، فأنطق الله الطير بلسان عربي مبين فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرد عليه وقال له : من أين مطعمك ومشربك في هذه الفلاة القفراء التي لا نبات فيها ولا ماء؟ فقال : يا مولاي إذا جعت ذكرت ولايتكم أهل البيت فأشبع ، وإذا عطشت فأتبرأ من أعدائكم فأروى ، فقال : بورك فيك ، فطارت ، وهذا مثل قوله تعالى : « يا أيها الناس علمنا منطق الطير » (١).

محمد بن وهبان الازدي الدبيلي (٢) في معجزات النبوة عن البراء بن عازب في خبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه عبر في السماء خيط من الاوز (٣) طائرا على رأس أمير المؤمنين عليه‌السلام فصرصرن وصرخن ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام للقنبر : قد سلمن علي وعليكم ، فتغامز أهل النفاق بينهم ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ناد بأعلى صوتك : أيها الاوز أجيبوا أمير المؤمنين وأخا رسول رب العالمين ، فنادى قنبر بذلك فإذا الطير ترفرف على رأس أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال : قل لها : انزلن ، فلما قال لها ، رأيت الاوز وقد ضربت بصدورها إلى الارض حتى صارت في صحن المسجد على أرض واحدة ، فجعل أميرالمؤمنين عليه‌السلام يخاطبها بلغة لا نعرفها ، وهن يلززن (٤) بأعناقهن إليه ويصرصرن ، ثم قال لهن : انطقن بإذن الله العزيز الجبار ، قال : فإذاهن ينطقن بلسان عربي مبين : السلام عليك يا أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين الخبر ، وهذا كقوله تعالى : « يا جبال أوبي معه والطير (٥) ».

ابن وهبان والفتاك : فمضينا بغابة فاذا بأسد بارك (٦) في الطريق وأشباله خلفه

____________________

(١) سورة النمل : ١٦.

(٢) في المصدر « الديبلى » والديبل ـ بفتح الدال وسكون الياء وضم الياء ـ مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند.

(٣) الاوز ـ بالكسر فالفتح وتشديد الزاى المعجمة ـ : البط.

(٤) لز الشئ بالشئ : شدة والصقه به. ألزمه به.

(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٤٥١ و ٤٥٢. والاية في سورة سبأ : ١٠.

(٦) برك البعير : استناخ وهو أن يلصق صدره بالارض. برك بالمكان : أقام فيه.

٢٤٢

فلويت بدابتي لارجع ، فقال عليه‌السلام إلى أين؟ أقدم يا جويرية بن مسهر (١) إنما هو كلب الله؟ ثم قال « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها (٢) » الآية ، فإذا بالاسد قد أقبل نحوه يبصبص (٣) بذنبه وهو يقول : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله و بركاته يا ابن عم رسول الله ، فقال : وعليك السلام يا أبا الحارث ما تسبيحك؟ فقال : أقول : سبحان من ألبسني المهابة وقذف في قلوب عباده مني المخافة.

ورأى أسد أقبل نحوه يهمهم ويمسح برأسه الارض : فتكلم معه بشئ ، فسئل عنه عليه‌السلام فقال : إنه يشكو الحبل ودعا لي وقال : لا سلط الله أحدا منا على أوليائك (٤).

وحكي عن محمد بن الحنفية انقضاض غراب على خفه وقد نزعه ليتوضأ وضوء الصلاة فانساب فيه أسود ، فحمله الغراب حتى صار به في الجو ، ثم ألقاه فوقع منه الاسود ووقاه الله من ذلك.

وفي الاغاني أنه قال المدائني : إن السيد الحميري وقف بالكناس (٥) وقال من جاء بفضيلة لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام لم أقل فيها شعرا فله فرسي هذا وما علي ، فجعلوا يحدثونه وينشدهم فيه حتى روى رجل عن أبى الرعل المرادي أنه قدم أمير المؤمنين عليه‌السلام فتطهر للصلاة ، فنزع خفه فانسابت فيه أفعى فلما دعا ليلبسه انقضت غراب فحلقت ثم ألقاها ، فخرجت الافعى منه ، قال : فأعطاه السيد ما وعده وأنشأ يقول :

ألا يا قوم للعجب العجاب

لخف أبي الحسين وللحباب

عدو من عدات الجن عبد

بعيد في المرادة من صواب (٦)

____________________

(١) قال في القاموس ( ٢ : ٥٤ ) : مسهر كمحسن اسم.

(٢) سور هود : ٥٦.

(٣) في المصدر : فتبصبص.

(٤) مناقب آل أبى طالب ١ : ٤٥٠.

(٥) محلة بالكوفة مشهورة.

(٦) في المصدر : في المرارة.

٢٤٣

كرية اللون أسود ذو بصيص

حديد الناب أزرق ذو لعاب

أتى خفا له فانساب فيه

لينهش رجله منها بناب

فقض من السماء له عقاب

من العقبان أو شبه العقاب

فطار به فحلق ثم أهوى

به للارض من دون السحاب

فصك بخفه فانساب منه

وولى هاربا حذر الحصاب

ودافع عن أبي حسن علي

نقيع سمامه بعد انسياب (١)

بيان : تحليق الطائر : ارتفاعه في طيرانه. والحباب بالضم : الحية ومراد الابل : محل اختلافها في المرعي مقبلة ومدبرة (٢). والبصيص : البريق. قوله : حذر الحصاب أي أن يرمى بالحصباء.

١٣ ـ قب : حدثني أبومنصور بإسناده والاصفهاني بإسناده إلى رجل قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام بصفين ، فرأيت بعيرا من إبل الشام جاء وعليه راكبه وثقله ، فألقى ما عليه وجعل يتخلل الصفوف حتى انتهى إلى علي عليه‌السلام فوضع مشفره ما بين رأس علي ومنكبه وجعل يحركها بجرانه (٣) ، فقال علي عليه‌السلام والله إنها لعلامة بيني وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فجد الناس في ذلك اليوم واشتد قتالهم (٤).

تفسير أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام لما ناظرت اليهود عليا عليه‌السلام في النبوة نادى جمال اليهود : أيتها الجمال اشهدي لمحمد ووصيه ، فنطقت جمالهم وثيابهم كلها : « صدقت يا علي إن محمدا رسول الله وإنك يا علي حقا وصيه » فآمن بعضهم وخزي آخرون فنزل : « ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (٥) » الكتاب أمير المؤمنين

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ١ : ٤٥٢ و ٤٥٣ وفيه : فدوفع.

(٢) وهذا المعنى ليس في محله. بل المراد من « المرادة » العتو والعصيان ، وعلى ما قاله المصنف رحمه‌الله اسم مكان من « رود » لكنه لا يناسب المقام كما هو ظاهر.

(٣) الجران من البعير : مقدم عنقه.

(٤) مناقب آل أبى طالب ١ : ٤٥٥.

(٥) سورة البقرة : ١.

٢٤٤

والمتقين (١) شيعته.

أبوبكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن علي عليه‌السلام بالاسناد عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله تعالى : « إنا عرضنا الامانة (٢) » عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب والعقاب فقلن : ربنا لا نحملها (٣) بالثواب والعقاب ولكن (٤) نحملها بلا ثواب ولا عقاب ، وإن الله عرض أمانتي وولايتي على الطيور فأول من آمن بها البزاة البيض والقنابر (٥) وأول من جحدها البوم والعنقاء ، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور ، فأما البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطير لها ، وأما العنقاء ، فغابت في البحار لا نرى ، وإن الله عرض أمانتي على الارضين فكل بقعة آمنت بولايتي جعلها طيبة زكية ، وجعل نباتها وثمرها حلوا عذبا ، و جعل ماءها زلالا ، وكل بقعة جحدت أمانتي وأنكرت ولايتي جعلها سبخا وجعل نباتها مرا علقما ، وجعل ثمره العوسج والحنظل ، وجعل ماءها ملحا أجاجا ، ثم قال : « وحملها الانسان » يعني امتك يا محمد ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام وإمامته بما فيها من الثواب والعقاب « إنه كان ظلوما » لنفسه « جهولا » لامر دينه (٦) ، من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم غشوم (٧).

١٤ ـ عم : معجزات أمير المؤمنين عليه‌السلام ما وراه عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام من قوله عليه‌السلام لجويرية بن مسهر وقد عزم على الخروج أما إنه سيعرض لك في طريقك الاسد ، فقال : فما الحيلة له؟ قال : تقرؤه مني السلام

____________________

(١) كذا في النسخ والمصدر.

(٢) سورة الاحزاب : ٧٢.

(٣) في المصدر : لا تحملنا.

(٤) في المصدر : ولكننا.

(٥) جمع الباز أو البازى : طير من الجوارح يصاد به وهو انواع كثيرة. والقنبر : نوع من العصافير.

(٦) في المصدر : لا مردبه.

(٧) مناقب آل أبى طالب ١ : ٤٥٧ و ٤٥٨.

٢٤٥

وتخبره أني أعطيتك منه الامان ، فخرج جويرية ، فبينا هو يسير (١) على دابة إذ أقبل نحوه أسد لا يريد غيره ، فقال له جويرية : يا أبا الحارث إن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام يقرؤك السلام وإنه قد آمنني منك ، قال : فولى الليث عنه مطرقا برأسه يهمهم حتى غاب في الاجمة ، فهمهم خمسا ثم غاب ، ومضى جويرية في حاجته ، فلما انصرف إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فسلم (٢) عليه وقال : كان من الامر كذا وكذا فقال : ما قلت لليث وما قال لك؟ فقال جويرية : قلت له ما أمرتني به وبذلك انصرف عني ، فأما (٣) ما قال الليث فالله ورسوله ووصي رسول الله أعلم قال : إنه ولى عنك يهمهم فأحصيت له خمس همهمات ثم انصرف عنك ، قال جويرية : صدقت والله يا أمير المؤمنين هكذا هو ، فقال عليه‌السلام : إنه قال لك : فاقرأ وصي محمد مني السلام وعقد بيده خمسا (٤).

قب : عن الباقر عليه‌السلام مثله ، قال : وذكر أبوالمفضل الشيباني نحو ذلك عن جويرية (٥).

١٥ ـ يل ، فض : بالاسناد يرفعه إلى أبي هريرة أنه قال : صلينا الغداة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أقبل علينا بوجهه الكريم وأخذ معنا في الحديث ، فأتاه رجل من الانصار وقال : يا رسول الله كلب فلان الذمي خرق ثوبي وخدش ساقي فمنعت من الصلاة معك ، فلما كان في اليوم الثاني أتاه رجل آخر من الصحابة وقال : يا رسول الله كلب فلان الذمي خرق ثوبي وخدش ساقي فمنعني من الصلاة معك فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان الكلب عقورا وجب قتله ، ثم قام صلى‌الله‌عليه‌وآله وقمنا معه حتى أتى منزل الرجل فبادر أنس فدق الباب ، فقال : من بالباب؟ فقال أنس : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ببابكم ، قال :

____________________

(١) في المصدر : فبينا هو كذلك يسير.

(٢) في المصدر : وسلم.

(٣) في المصدر : وأما.

(٤) اعلام الورى : ١٨٣ و ١٨٤.

(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٤٥٠.

٢٤٦

فأقبل الرجل مبادرا ففتح بابه وخرج إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : بأبي أنت وامي يا رسول الله ما الذي جاء بك إلي ولست على دينك ، ألا كنت وجهت إلي كنت اجيبك ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لحاجة إلينا ، أخرج كلبك فإنه عقور وقد وجب قتله فقد خرق ثياب فلان وخدش ساقه ، وكذا فعل اليوم بفلان ، فبادر الرجل إلى كلبه وطرح في عنقه حبلا وجره إليه وأوقفه بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما نظر الكلب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال بلسان فصيح بإذن الله تعالى : السلام عليك يا رسول الله ما الذي جاءبك ولم تريد قتلي؟ قال : خرقت ثياب فلان وفلان وخدشت ساقيهما ، قال : يا رسول الله إن القوم الذين ذكرتهم منافقون نواصب ، يبغضون ابن عمك علي بن أبي طالب ، ولولا أنهم كذلك ما تعرضت لهم ، ولكنهم جازوا يرفضون عليا ويسبونه ، فأخذتني الحمية الابية والنخوة العربية ، ففعلت بهم ، قال : فلما سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك من الكلب أمر صاحبه بالالتفات إليه وأوصاه به ، ثم قام ليخرج وإذا صاحب الكلب الذمي قد قام على قدميه وقال : أتخرج يا رسول الله وقد شهد كلبي بأنك رسول الله وأن ابن عمك عليا ولي الله ، ثم أسلم وأسلم جميع من كان في داره (١).

أقول : رواه السيد المرتضى في كتاب عيون المعجزات ، عن محمد بن عثمان عن أبي زيد النميري ، عن عبدالصمد بن عبدالوارث ، عن شعبة ، عن سليمان الاعمش عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مثله.

____________________

(١) الروضة : ٣٧. ولم نجده في الفضائل.

٢٤٧

١١٢

( باب )

* ( ما ظهر من معجزاته عليه الصلاة والسلام في ) *

* ( الجمادات والنباتات ) *

١ ـ ير : محمد بن أحمد ، عن سهل بن زاد ، عن عبدالله ، عن أبي الجارود ، عن القاسم بن وليد النهدي ، عن الحارث قال : خرجنا مع أمير المؤمنين عليه‌السلام حتى انتهينا إلى العاقول : فإذا هو بأصل شجرة قد وقع لحاؤها وبقي عمودها ، فضربها بيده ثم قال : ارجعي بإذن الله خضراء مثمرة ، فإذا هي تهتز بأغصانها الكمثرى (١) فقطعنا وأكلنا وحملنا معنا ، فلما كان من الغد غدونا فإذا نحن بها خضراء فيها الكمثرى (٢).

يج : عن الحارث الاعور مثله (٣).

بيان : اللحاء بالكسر والمد : قشر الشجر.

٢ ـ يج : عن الثمالي عن رميلة ـ وكان ممن صحب عليا عليه‌السلام ـ قال : صار إليه نفر من أصحابه فقالوا : إن وصي موسى كان يريهم الدلائل والعلامات والبراهين والمعجزات ، وكان وصي عيسى يريهم كذلك ، فلو أريتنا شيئا تطمئن إليه (٤) قلوبنا ، فقال : إنكم لا تحتملون علم العالم ولا تقولون على براهينه وآياته ، و ألحوا (٥) عليه ، فخرج بهم نحو أبيات الهجريين حتى أشرف بهم على السبخة (٦)

____________________

(١) في المصدر : تهتز بأغصانها حملها الكمثرى.

(٢) بصائر الدرجات : ٦٩.

(٣) لم نجده في الخرائج المطبوع.

(٤) في المصدر : تطمئن به.

(٥) في المصدر : فألحوا.

(٦) السبخة : أرض ذات نزو ملح.

٢٤٨

فدعا خفيا ثم قال : اكشفي غطاءك ، فإذا بجنات وأنهار في جانب ، وإذا بسعير ونيران من جانب ، فقال جماعة : سحر سحر! وثبت آخرون على التصديق ولم ينكروا مثله (١) ، وقالوا : لقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران (٢).

٣ ـ يج : روي عن الباقر عليه‌السلام قال : قد شكا أهل الكوفة إلى علي عليه‌السلام زيادة الفرات ، فركب هو والحسن والحسين عليهم‌السلام فوقف على الفرات وقد ارتفع الماء على جانبيه ، فضربه بقضيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنقص ذراع ، وضربه اخرى فنقص ذراعان ، فقالوا : يا أمير المؤمنين لو زدتنا ، فقال : إني سألت الله فأعطاني ما رأيتم وأكره أن أكون عبدا ملحا.

٤ ـ يج : روي عن أبي جعفر عن آبائه عليهم‌السلام أن الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : كنا قعودا ذات يوم عند أمير المؤمنين عليه‌السلام وهناك شجرة رمان يابسة ، إذ دخل عليه نفر من مبغضيه وعنده قوم من محبيه فسلموا ، فأمرهم بالجلوس ، فقال علي عليه‌السلام : إني اريكم اليوم آية تكون فيكم كمثل المائدة في بني إسرائيل ، إذ يقول الله : « إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني اعذ به عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين (٣) » ثم قال : انظروا إلى الشجرة وكانت يابسة ، فإذا هي قد جرى الماء في عودها ، ثم اخضرت وأورقت وعقدت وتدلى حملها على رؤوسنا ، ثم التفت إلينا فقال للذينهم محبوه : مدوا أيدكم وتناولوا وكلوا ، فقلنا : بسم الله الرحمن الرحيم وتناولنا وأكلنا رمانا لم نأكل قط شيئا أعذب منه وأطيب. ثم قال للنفر الذينهم يبغضوه : مدوا أيديكم وتناولوا فمدوا أيديهم فارتفعت ، فكلما مد رجل منهم يده إلى رمانة ارتفعت ، فلم يتناولوا شيئا ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ما بال إخواننا مدوا أيديهم وتناولا وأكلوا ومددنا أيدينا فلم ننل؟ فقال عليه‌السلام : وكذلك الجنة لا

____________________

(١) في المصدر : مثلهم.

(٢) الخرائج والجرائح : ١٦.

(٣) سورة المائدة : ١١٤.

٢٤٩

ينالها إلا أولياؤنا ومحبونا ، ولا يبعد منها إلا أعداؤنا ومبغضونا ، فلما خرجوا قالوا : هذا من سحر علي بن أبي طالب! قال سلمان : ما ذا تقولون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون.

٥ ـ يج : روي أنه عليه‌السلام اتي بأسير في عهد عمر فعرض عليه الاسلام فأبى فأمر بقتله ، قال : لا تقتلوني وأنا عطشان (١) ، فجاؤوا بقدح ملان ، فقال : لي الامان إلى أن أشرب؟ قال عمر : نعم ، فأراق الماء على الارض فنشفته (٢) ، قال عمر : اقتلوه فإنه احتال ، فقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : لا يجوز قتله فقد آمنته فقال : ما أفعل به؟ قال : تجعله لرجل من المسلمين بقيمة عبد ، قال : ومن يرغب فيه؟ قال : أنا ، قال : هو لك ، فأخذه أمير المؤمنين عليه‌السلام والقدح بكفه ، فدعا فإذا ذلك الماء اجتمع في القدح ، فأسلم لذلك ، فأعتقه أمير المؤمنين عليه‌السلام فلزم المسجد والتعبد.

٦ ـ يج : روي أن الفرات مدت على عند علي عليه‌السلام فقال الناس : نخاف الغرق ، فركب وصلى على الفرات ، فمر بمجلس ثقيف فغمز عليه بعض شبانهم فالتفت إليهم وقال : يا بقية ثمود يا صعار الخدود هل أنتم إلا طغام لئام؟ من لي بهؤلاء الاعبد؟ فقال مشائخ منهم : إن هؤلاء شباب جهال فلا تأخذنا بهم واعف عنا قال : لا أعفو عنكم إلا على أن أرجع وقد هدمتم هذه المجالس وسددتم كل كوة وقلعتم كل ميزاب وطمستم (٣) كل بالوعة على الطريق ، فإن هذا كله في طريق المسلمين وفيه أذى لهم فقالوا : نفعل ، ومضى وتركهم ، ففعلوا ذلك كله ، فلما صار إلى الفرات دعا ، ثم قرع الفرات قرعة (٤) فنقص ذراع ، فقال : يا أمير المؤمنين هذه رمانة قد جاء بها الماء ، وقد احتبست على الجسر من كبرها وعظمها ، فاحتملها

____________________

(١) في ( م ) : لا تقتلوني عطشانا.

(٢) أى شربته الارض.

(٣) طمس الشئ : محاه أو غطاه.

(٤) أى ضربه ضربة.

٢٥٠

وقال : هذه رمانة من رمان الجنة ولا يأكل ثمار الجنة إلا نبي أو وصي نبي ، ولولا ذلك لقسمتها بينكم.

٧ ـ يج : روي عن أبي هاشم الجعفري عن أبيه عن الصادق عليه‌السلام قال : لما فرغ علي عليه‌السلام من وقعة صفين وقف على شاطئ الفرات وقال : أيها الوادي من أنا؟ فاضطرب وتشققت أمواجه ، وقد حضر الناس وقد سمعوا من الفرات أصواتا (١) : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن عليا ولي الله أمير المؤمنين حجة الله على خلقه.

٨ ـ يج : روي عن عبيد ، عن السكسكي عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام أن عليا عليه‌السلام لما قدم من صفين وقف على شاطئ الفرات ، ثم انتزع من كنانته (٢) سهاما ، ثم أخرج منها قضيبا أصفر ، فضرب به الفرات وقال عليه‌السلام : انفجري فانفجرت (٣) اثنتا عشرة عينا كل عين كالطود ، والناس ينظرون إليه ، ثم تكلم بكلام لم يفهموه ، فأقبلت الحيتان رافعة رؤوسها بالتهليل والتكبير وقالت السلام عليك يا حجة الله في أرضه ويا عين الله في عباده ، خذلك قومك بصفين كما خذل هارون بن عمران قومه ، فقال لهم : أسمعتم؟ قالوا : نعم ، قال : فهذه آية لي عليكم وقد أشهدتكم عليه (٤).

٩ ـ ما : الفحام ، عن عمه عمر بن يحيى ، عن محمد بن سليمان بن عاصم ، عن أحمد بن محمد العبدي ، عن علي بن الحسن الاموي ، عن العباس بن عبدالله ، عن ابن طريف ، عن ابن نباتة ، عن أبي مريم ، عن سلمان قال : كنا جلوسا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فناوله حصاة (٥) ، فما استقرت

____________________

(١) ليست هذه الكلمة في ( م ).

(٢) الكنانة ـ بكسر الكاف ـ : جعبة من جلد أو خشب تجعل فيها السهام.

(٣) في ( م ) : فانفجرت منه.

(٤) لم نجد الروايات الستة الماضية في الخرائج المطبوع.

(٥) في المصدر : فناول النبي حصاة.

٢٥١

الحصاة في كف علي عليه‌السلام حتى نطقت وهي تقول : لا إله إلا محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رضيت بالله ربا وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نبيا وبعلي بن أبي طالب عليه‌السلام وليا ، ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح منكم راضيا بالله وبولاية علي بن أبي طالب فقد أمن خوف الله وعقابه (١).

١٠ ـ يج : روي عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ كفا من الحصى فسبحن في يده ، ثم صبهن في يد علي عليه‌السلام فسبحن في يده حتى سمعنا التسبيح في أيديهما ثم صبهن في أيدينا فما سبحت (٢).

١١ ـ خص : أبويوسف يعقوب بن إبراهيم ، عن أبي حنيفة ، عن عبدالرحمن السلماني ، عن حبيش بن المعتمر ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجهني إلى اليمن لاصلح بينهم ، فقلت : يا رسول الله إنهم قوم كثير ولهم سن وأنا شاب حدث ، فقال : يا علي إذا صرت بأعلى عقبة أفيق (٣) فناد بأعلى صوته : يا شجريا مدريا ثرى محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤكم السلام ، قال : فذهبت فلما صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي ، مشرعون رماحهم ، مستوون أسنتهم ، متنكبون قسيهم (٤) ، شاهرون سلاحهم فناديت بأعلى صوتي : يا شجريا مدر ياثرى محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤكم السلام ، قال : فلم تبق شجرة ولا مدرة ولا ثرى إلا ارتجت بصوت واحد : وعلى محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليك السلام ، فاضطربت قوائم القوم وارتعدت ركبهم ووقع السلاح من أيديهم (٥)

____________________

(١) أمالى الشيخ الطوسى : ١٧٨.

(٢) لم نجده في الخرائج المطبوع.

(٣) بالفتح فالكسر قرية من حوران في طريق الغور ، ينزل في هذه العقبة إلى الغور وهو الاردن ، وهى عقبة طويلة نحو ميلين.

(٤) القسى ـ بكسر القاف وضمها ـ : جمع القوس. وتنكب كنانته أو قوسه : القاها على منكبه.

(٥) في المصدر : من بين أيديهم.

٢٥٢

وأقبلوا إلي مسرعين فأصلحت بينهم وانصرفت (١).

١٢ ـ ختص : ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ـ وكتبه لي بخطه بحضرة أبي الحسن بن أبان ـ عن محمد بن سنان ، عن حماد البطيخي (٢) ، عن رميلة ـ وكان من أصحابه أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ قال : إن نفرا من أصحابه قالوا : يا أمير المؤمنين إن وصي موسى عليه‌السلام كان يريهم العلامات بعد موسى ، وإن وصي عيسى عليه‌السلام كان يريهم العلامات بعد عيسى ، فلو أريتنا ، فقال : لا تقرون ، فألحوا عليه ، فأخذ بيد تسعة منهم وخرج بهم قبل أبيات الهجريين حتى أشرف على السبخة ، فتكلم بكلام خفي ثم قال : بيده : اكشفي غطاءك ، فإذا كل ما وصف الله في الجنة نصب أعينهم مع روحها وزهرتها ، فرجع منهم أربعة يقولون : سحرا سحرا ، وثبت رجل منهم بذلك ما شاء الله ، ثم جلس مجلسا فنقل منه شيئا من الكلام في ذلك ، فتعلقوا به فجاؤوا به إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وقالوا : يا أمير المؤمنين اقتله ولا تداهن في دين الله ، قال : وماله؟ قالوا : سمعناه يقول كذا وكذا ، فقال له : ممن سمعت هذا الكلام؟ قال : سمعته من فلان بن فلان ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : رجل سمع من غيره شيئا فأداه لا سبيل على هذا ، فقالوا : داهنت في دين الله والله لنقتلنه! فقال : والله لا يقتله منكم رجل إلا أبرت عترته (٣).

١٣ ـ ع ، العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن يحيى بن محمد بن أيوب ، عن علي بن مهزيار ، عن ابن سنان ، عن يحيى الحلبي (٤) ، عن عمر بن أبان ، عن جابر قال : حدثني تميم بن جذيم (٥) قال : كنا مع علي عليه‌السلام حيث توجهنا إلى البصرة ، قال : فبينما نحن نزول إذا اضطربت الارض ، فضربها علي عليه‌السلام بيده ثم قال لها : مالك؟ ثم أقبل علينا بوجهه ثم قال لنا : أما إنها لو كانت الزلزلة

____________________

(١) مختصر البصائر : ١٣ و ١٤.

(٢) في المصدر : البطحى.

(٣) الاختصاص : ٣٢٥ و ٣٢٦. وأبره : أهلكه.

(٤) الكلبى خ ل.

(٥) اختلف في ضبطه راجع جامع الرواة ١ : ١٣٢.

٢٥٣

التي ذكرها الله عزوجل في كتابه لاجابتني ، ولكنها ليست بتلك (١).

كنز : محمد بن العباس ، عن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عن الحسين ابن سعيد ، عن محمد بن سنان مثله (٢).

بيان : أي لو كانت هذه زلزلة القيامة لاجابتني الارض حين سألتها عن أخبارها كما ذكره الله تعالى في سورة الزلزال ، وسيأتي توضيحه في الخبر الآتي.

١٤ ـ ع : العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري عن أبي عبدالله الرازي ، عن البزنطي ، عن روح بن صالح ، عن هارون بن خارجة رفعه عن فاطمة عليها‌السلام قالت : أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر ، ففزع الناس إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه‌السلام فتبعهما الناس إلى أن انتهوا باب علي عليه‌السلام فخرج إليهم علي عليه‌السلام غير مكترث (٣) لما هم فيه ، فمضى وأتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة (٤) ، فقعد عليها وقعدوا حوله ، وهم ينظرون إلى حيطان المدنية ترتج جائية وذاهبة ، فقال لهم علي عليه‌السلام كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا كيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط ، قالت : فحرك شفتيه ثم ضرب الارض بيده ثم قال : مالك اسكني فسكنت ، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم ، قال لهم : فإنكم قد عجبتم من صنيعي؟ قالو : نعم ، فقال : أنا الرجل الذي قال الله : « إذا زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الارض أثقالها وقال الانسان مالها » فأنا الانسان الذي يقول لها : مالك؟ « يومئذ تحدث أخبارها » إياي تحدث (٥).

كنز : محمد بن هارون التلعكبري بإسناده إلى هارون بن خارجة مثله (٦).

١٥ ـ ير : علي بن يزيد ، عن علي بن الثمالي ، عن بعض من حدثه ، عن

____________________

(١) علل الشرائع : ١٨٦.

(٢) مخطوط. وأوردهما في البرهان ٤ : ٤٩٤.

(٣) اكترث للامر : بالى به ، يقال « هو لا يكترث لهذا الامر » أى لا يعبا ولا يباليه.

(٤) التلعة : ما علا من الارض ، ما سفل منها.

(٥) علل الشرائع : ١٨٦. والايات في سورة الزلزال.

(٦) مخطوط. وأورده في البرهان ٤ : ٤٩٤.

٢٥٤

أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه كان مع أصحابه في مسجد الكوفة فقال له رجل : بأبي [ أنت ] وامي إني لاتعجب من هذه الدنيا التي في أيدي هؤلاء القوم وليست عندكم ، فقال : يا فلان أترى (١) إنما نريد الدنيا فلا نعطاها؟ ثم قبض قبضة من الحصى فإذا هي جواهر ، فقال : ماهذا؟ فقلت : هذا من أجود الجواهر ، فقال : لو أردنا لكان ولكن لا نريده ، ثم رمى بالحصى فعادت كما كانت (٢).

يج : عمر بن يزيد عن الثمالي مثله (٣).

ختص : عمر بن علي بن عمر بن يزيد ، عن علي بن ميثم التمار ، عمن حدثه مثله (٤).

١٦ ـ ختص ، ير : علي بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي العباس ، عن محمد ابن سليمان الحذاء البصري ، عن رجل ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري قال : لما فتح أمير المؤمنين عليه‌السلام البصرة قال : من يدلنا على دار ربيع بن حكيم؟ فقال له الحسن بن أبي الحسن : أنا يا أمير المؤمنين ، قال : وكنت يومئذ غلاما قد أيفع ، قال : فدخل منزله ـ والحديث طويل ـ ثم خرج وتبعه الناس ، فلما جاز إلى الجبانة واكتنفه الناس (٥) فخط بسوطه خطة ، فأخرج دينارا ثم خط خطة اخرى فأخرج دينارا ، حتى أخرج ثلاثين دينارا ، فقبلها في يده حتى أبصره الناس ، ثم ردها و غرسها بإبهامه ، ثم قال : ليأتيك بعدي محسن أو مسئ ، ثم ركب بغلة رسول الله و انصرف إلى منزله ، وأخذنا العلامة في موضع فحفرنا حتى بلغنا الرسخ (٦) فلم نصب شيئا ، فقيل للحسن : يا باسعيد ما ترى ذلك من أمير المؤمنين؟ فقال : أما أنا فلا أدري

____________________

(١) أى أتحسب.

(٢) بصائر الدرجات : ١٠٩.

(٣) الخرائج و الجرائح : ١١٤.

(٤) الاختصاص : ٢٧٠ و ٢٧١.

(٥) في الاختصاص ، فلما صار إلى الجبانة نزل واكتنفه الناس.

(٦) أى الصلب.

٢٥٥

أن كنوز الارض تستر إلا بمثله (١).

١٧ ـ يج : روي عن سلمان أن عليا عليه‌السلام بلغه عن عمر ذكر شيعته : فاستقبله في بعض طرقات بساطين المدينة وفي يد علي عليه‌السلام قوس عربية ، فقال : يا عمر بلغني عنك ذكرك لشيعتي (٢) ، فقال : اربع على ظلعك (٣) فقال عليه‌السلام : إنك لهيهنا؟ ثم رمى بالقوس على الارض فإذا هي ثعبان كالبعير فاغرفاه (٤) وقد أقبل نحو عمر ليبتلعه ، فصاح عمر : الله الله يا أبا الحسن لاعدت بعدها في شئ ، وجعل يتضرع إليه فضرب يده إلى الثعبان فعادت القوس كما كانت ، فمر (٥) عمر إلى بيته مرعوبا قال سلمان : فلما كان في الليل دعاني علي عليه‌السلام فقال : صر إلى عمر فإنه حمل إليه مال من ناحية المشرق ولم يعلم به أحد وقد عزم أن يحتبسه ، فقل له : يقول لك علي اخرج إليك مال من ناحية المشرق (٦) ففرقه على من جعل لهم ولا تحبسه فأفضحك قال سلمان : فأديت (٧) إليه الرسالة؟ فقال : حيرني أمر صاحبك من أين علم به؟ فقلت : وهل يخفى عليه مثل هذا فقال لسلمان (٨) : اقبل مني ما أقول لك : ما علي إلا ساحر وإني لمشفق عليك منه ، والصواب أن تفارقه وتصير في جملتنا ، قلت : بئس ما قلت. لكن عليا ورث من أسرار النبوة ما قد رأيت منه وما هو أكبر منه (٩) ، قال : ارجع إليه فقل له : السمع والطاعة لامرك ، فرجعت إلى علي عليه‌السلام فقال : احدثك بما جرى بينكما؟ فقلت : أنت أعلم به مني ، فتلكم بكل ما جرى [ به ]

____________________

(١) الاختصاص : ٢٧١ : بصائر الدرجات : ١٠٩.

(٢) في المصدر : شيعتى.

(٣) الظلع : العيب. يقال « أربع ـ أو إرق ـ على ظلعك » أى لا تجاوز حدك في وعيدك وابصر نقصك وعجزك عنه ، واسكت على ما فيك من العيب.

(٤) في المصدر : فاغرا فاه.

(٥) في المصدر : فمضى.

(٦) في المصدر : أخرج ما حمل إليك من ناحية المشرق.

(٧) في المصدر : فمضيت إليه وأديت اه.

(٨) في المصدر : يا سلمان.

(٩) في المصدر : وما عنده اكثر مما رأيته منه.

٢٥٦

بيننا ثم قال : إن رعب الثعبان في قلبه إلى أن يموت (١).

بيان : قوله عليه‌السلام : « إنك لهيهنا » أي تحسبني عاجزا عن مقاومتك فتقول لي مثل ذلك ، أوأني في حضور الخلق اداريك ففي الخلوة أيضا هكذا ، أتكلمني مع معرفتك بمكاني وعلو شأني؟.

١٨ ـ شف : من كتاب الاربعين لمحمد بن مسلم بن أبي الفوارس ، عن أحمد ابن محمد بن محمود ، عن القاضي شرف الدين أبي بكر ، عن الحسن بن أبي الحسن العلوي ، عن جبير بن الرضا ، عن عبد [ بن ] مسهر ، عن سلمة بن الاصهب ، عن كيسان بن أبي عاصم ، عن مرة بن سعد ، عن محمد (٢) بن جعديان ، عن القايد أبي نصر بن منصور التستري ، عن أبي عبدالله المهاطي (٣) ، عن أبي القاسم القواس ، عن سليم النجار ، عن حامد بن سعيد ، عن خالص بن ثعلبة ، عن عبدالله بن خالد بن سعيد بن العاص قال : كنت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد خرج من الكوفة إذ عبر بالصعيد التي يقال لها : النخلة على فرسخين من الكوفة ، فخرج منها خمسون رجلا من اليهود وقالوا : أنت علي بن أبي طالب الامام؟ فقال : أنا ذا ، فقالوا : لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم ستة من الانبياء ، وهو ذا نطلب الصخرة فلا نجدها ، فإن كنت إماما أو جدنا الصخرة ، فقال علي عليه‌السلام : اتبعوني ، قال عبدالله بن خالد فسار القوم خلف أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أن استبطن فيهم البر ، وإذا بجبل من رمل عظيم ، فقال عليه‌السلام : أيتها الريح انسفي الرمل عن الصخرة بحق اسم الله الاعظم ، فما كان إلا ساعة (٤) حتى نسفت الرمل وظهرت الصخرة ، فقال علي عليه‌السلام : هذه صخرتكم ، فقالوا : عليها اسم ستة من الانبياء على ما سمعنا وقرأنا في كتبنا ، ولسنا نرى عليها (٥) ، فقال عليه‌السلام : الاسماء التي عليها فهي في وجهها الذي على الارض

____________________

(١) الخرائج والجرائح : ٢٠ و ٢١.

(٢) في المصدر : عن أبى محمد.

(٣) في ( م ) : المهاملى

(٤) في ( ك ) : فما كان ساعة.

(٥) كذا في ( ك ) ، وفي غيره من النسخ والمصدر : ولسنا نرى عليها الاسماء.

٢٥٧

فاقلبوها ، فاعصوصب عليها ألف رجل حضروا في هذا المكان فما قدروا على قلبها ، فقال عليه‌السلام : ننحوا عنها ، فمد يده إليها فقلبها ، فوجدوا عليها اسم ستة من الانبياء عليهم‌السلام أصحاب الشرائع : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة و السلام ، فقال (١) النفر اليهود؟ نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و أنك أمير المؤمنين وسيد الوصيين وحجة الله في أرضه ، من عرفك سعد نجا ومن خالفك ضل وغوى وإلى الحميم هوى ، جلت مناقبك عن التحديد وكثرت آثار نعتك عن التعديد (٢).

فض ، يل : عن عمار بن ياسر مثله (٣).

بيان : قال الفيروز آبادي اعصوصبت الابل : جدت في السير واجتمعت (٤).

١٩ ـ شف : جعفر بن الحسين بن جعفر عن أبيه قال : حدثني الرياحي بالبصرة عن شيوخه قال : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام دخل يوما إلى منزله فالتمس شيئا من الطعام ، فأجابته الزهراء فاطمة عليها‌السلام فقالت : ما عندنا شئ وإنني منذ يومين اعلل (٥) الحسن والحسين ، فقال : أعطونا مرطا (٦) نضعه عند بعض الناس على شئ فاعطي فخرج به إلى يهودي كان في جيرانه ، فقال له : أخا تبع اليهود أعطنا على هذا المرط صاعا من شعير ، فأخرج إليه اليهودي الشعير فطرحه في كمه ومشى عليه‌السلام خطوات ، فناداه اليهودي : أقسمت عليك يا أميرالمؤمنين إلا وقفت لاشافهك ، فجلس ولحقه اليهودي فقال له : إن ابن عمك يزعم أنه حبيب الله وخاصته وخالصته وأنه أشرف الرسل على الله تعالى ، فألا سأل الله تعالى أن يغنيكم (٧) عن هذه الفاقة التي أنتم

____________________

(١) في المصدر : فقالوا.

(٢) اليقين في امرة أمير المؤمنين : ٦٤.

(٣) الروضة ٣٦. الفضائل : ٧٧.

(٤) القاموس ١ : ١٠٥.

(٥) علله بكذا : شغله ولهاء به.

(٦) المرط ـ بالكسر فالسكون ـ كساء من صوف ونحوه يؤتزر به.

(٧) في المصدر : فقل له : فاسأل الله تعالى أن يغنيك.

٢٥٨

عليها فأمسك عليه‌السلام ساعة ونكت بإصبعه الارض وقال له : يا أخا تبع اليهود والله إن لله عبادا لو أقسموا عليه أن يحول هذا الجدار ذهبا لفعل ، قال : فاتقد (١) الجدار ذهبا ، فقال له عليه‌السلام : ما أعنيك إنما ضربتك مثلا ، فأسلم اليهودي (٢).

٢٠ ـ يج : عن أبي جعفر بن بابويه ، عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى ، عن الاهوازي عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن فضيل الرسان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال أصحاب علي عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين لو أريتنا ما نطمئن إليه مما أنهى إليك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لو رأيتم عجيبة من عجائبي لكفرتم وقلتم : ساحر كذاب وكاهن! وهو من أحسن قولكم ، قالوا : ما منا أحد إلا وهو يعلم أنك ورثت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصار إليك علمه ، قال : علم العالم شديد ولا يحتمله إلا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان وأيده بروح منه ، ثم قال : أما إذا أبيتم الآن اريكم بعض عجائبي وما آتاني الله من العلم ، فاتبعه سبعون رجلا كانوا في أنفسهم خيار الناس من شيعته فقال لهم علي عليه‌السلام : إني لست اريكم شيئا حتى آخذ عليكم عهد الله وميثاقه ألا تكفر وابي ولا ترموني بمعضلة ، فوالله ما اريكم إلا ما علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. فأخذ عليهم العهد والميثاق أشد ما أخذه الله على رسله ، ثم قال : حولوا وجوهكم عني حتى أدعو بما اريد ، فسمعوه يدعو بدعوات لم يسمعوا بمثلها ، ثم قال : حولوا وجوهكم ، فحولوها فإذا جنات وأنهار وقصور من جانب والسعير تتلظى من جانب ، حتى أنهم لم يشكوا في معاينة الجنة والنار ، فقال أحسنهم قولا : إن هذا لسحر عظيم! ورجعوا كفارا إلا رجلين ، فلما رجع مع الرجلين قال لهما : قد سمعتم مقالتهم وأخذي عليهم العهود والمواثيق ورجوعهم يكفرون ، أما والله إنها لحجتي عليهم غدا عندالله ، فإن الله ليعلم أني لست بكاهن ولا ساحر ولا يعرف ذلك لي ولا لآبائي ، ولكنه علم الله وعلم رسوله أنهاه الله إلى رسوله وأنهاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلي وأنهيته إليكم ، فإذا رددتم علي رددتم على الله ، حتى إذا صار إلى المسجد

____________________

(١) أى تلالا.

(٢) اليقين في إمرة أمير المؤمنين : ١٧٣ و ١٧٤.

٢٥٩

الكوفة دعا بدعوات ، فإذا حصى المسجد د وياقوت ، فقال لهما : ما الذي تريان؟ قالا : هذا در وياقوت ، فقال : لو أقسمت على ربي فيما هو أعظم من هذا لابر قسمي ، فرجع أحدهما كافرا ، وأما الآخر فثبت ، فقال عليه‌السلام له : إن أخذت شيئا ندمت وإن تركت ندمت ، فلم يدعه حرصه حتى أخذ درة فصيرها في كمه ، حتى إذا أصبح نظر إليها فإذا هي درة بيضاء لم ينظر الناس إلى مثلها ، فقال : يا أمير المؤمنين إني أخذت من ذلك الدر واحدة ، قال : وما دعاك إلى ذلك؟ قال : أحببت أن أعلم أحق هو أم باطل ، قال : إنك إن رددتها إلى الموضع الذي أخذتها منه عوضك الله الجنة ، وإن أنت لم تردها عوضك الله النار ، فقام الرجل فردها إلى موضعها الذي أخذها منه ، فحولها الله حصاة كما كان ، فبعضهم قال : كان هذا ميثم التمار وقال بعضهم : بل كان عمرو بن الحمق الخزاعي (١).

٢١ ـ عم ، شا : من معجزات أمير المؤمنين عليه‌السلام ما رواه اهل السير واشتهر به الخبر في العامة والخاصة حتى نظمه الشعراء وخطب به البلغاء ورواه الفهماء والعلماء من حديث الراهب بأرض كربلاء والصخرة ، وشهرته تغني عن تكلف إيراد الاسناد له ، وذلك أن الجماعة روت أن أمير المؤمنين عليه‌السلام لما توجه إلى صفين لحق أصحابه عطش شديد ، ونفد ما كان عندهم من الماء ، فأخذوا يمينا وشمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثرا ، فعدل بهم أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الجادة وسار قليلا ، ولاح (٢) لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه حتى إذا صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم ، فنادوه فأطلع ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : هل قرب قائمك هذا من ماء يتغوث به هؤلاء القوم؟ فقال : هيهات بيني وبين الماء أكثر من فرسخين ، وما بالقرب مني شئ من الماء ، ولولا أنني اوتي بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشا ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أسمعتم ما قال الراهب؟ قالوا : نعم ، أفتأمرنا بالمسير إلى حيث أوما إليه لعلنا أن ندرك الماء (٣) وبنا قوة؟

____________________

(١) لم نجده في الخرائج المطبوع.

(٢) في المصدرين : فلاح.

(٣) في الارشاد : لعلنا ندرك الماء.

٢٦٠