بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قالت (١). « وأنه كان يقول سفيهنا » أي جاهلنا ، والمراد به إبليس « على الله شططا » والشطط السرف في ظلم النفس والخروج عن الحق « وأنا ظننا أن لن تقول الانس والجن على الله كذبا » أي حسبنا أن مايقولونه من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد صدق ، وأنا على حق حتى سمعنا القرآن وتبينا الحق به « وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن » أي يعتصمون ويستجيرون ، وكان الرجل من العرب إذا نزل الوادي في سفره ليلا قال : أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه ، وكان هذا منهم على حسب اعتقادهم أن الجن تحفظهم ، وقيل : معناه أنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من أجل الجن ومن معرة الجن « فزادوهم رهقا » أي فزاد الجن للانس إثما على إثمهم الذي كانوا عليه من الكفر والمعاصي ، وقيل : « رهقا » أي طغيانا ، وقيل : فرقا وخوفا ، و قيل : شرا ، وقيل : ذلة ، وقال الزجاج : يجوز أن يكون الانس الذين كانوا يستعيذون بالجن زادوا الجن رهقا ، لانهم كانوا يزدادون طغيانا في قومهم بهذا التعوذ ، فيقولون : سدنا الجن والانس ، ويجوز أن يكون الجن زادوا الانس رهقا.

« وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا » أي قال مؤمنوا الجن لكفارهم إن كفار الانس الذين يعوذون برجال من الجن في الجاهلية حسبوا كما حسبتم يا معشر الجن أن لن يبعث الله رسولا بعد موسى عليه‌السلام أو عيسى عليه‌السلام ، وقيل : إن هذه الآية مع ما قبلها اعتراض من إخبار الله تعالى ، يقول : إن الجن ظنوا كما ظننتم معاشر الانس أن الله لا يحشر أحدا يوم القيامة ولا يحاسبه ، أو لن يبعث الله أحدا رسولا ، ثم حكى عن الجن قولهم : « وأنا لمسنا السماء » أي مسسناها ، وقيل : معناه طلبنا الصعود إلى السماء ، فعبر عن ذلك باللمس مجازا ، وقيل : التمسنا قرب السماء لاستراق السمع « فوجدناها ملئت حرسا شديدا » أي حفظة من الملائكة شدادا « وشهبا » والتقدير ملئت من الحرس والشهب « وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع » أي كان يتهيأ لنا فيما قبل القعود في مواضع الاستماع فنسمع منا صوت الملائكة وكلامهم « فمن يستمع » منا « الآن »

__________________

(١) أقول : الجد : الحظ والبخت : ويأتى بمعنى العظمة والجلال أيضا ، والظاهر أن المعنى المنفى في الحديث هو الاول ، لانه من صفات الادميين التى يمكن أن يفقدوها مرة ، ويجدوها اخرى.

٨١

ذلك «يجد له شهابا رصدا» يرمى به ويرصد له ، و «شهابا» مفعول به و «رصدا» صفته ، قال معمر : قلت للزهري : كان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال : نعم ، قلت : أفرأيت قوله : « أنا كنا نقعد منها » الآية ، قال : غلظ وشدد أمرها حين بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال البلخي : إن الشهب كانت لا محالة فيما مضى من الزمان ، غير أنه لم يكن يمنع بها الجن عن صعود السماء ، فلما بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله منع بها الجن من الصعود «وأنا لا ندري أشر اريد بمن في الارض» أي بحدوث الرجم بالشهب وحراسة السماء ، جوزوا هجوم انقطاع التكليف أو تغيير الامر بتصديق نبي من الانبياء ، وذلك قوله : « أم أراد بهم ربهم رشدا » أي صلاحا ، وقيل : معناه أن هذا المنع لا يدرى ألعذاب سينزل بأهل الارض أم لنبي يبعث ويهدي إلى الرشد ، فإن مثل هذا لا يكون إلا لاحد هذين « وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك » أي دون الصالحين في الرتبة « كنا طرائق قددا » أي فرقاشتى على مذاهب مختلفة ، وأهواء متفرقة ، « وأنا ظننا » أي علمنا « أن لن نعجز الله في الارض » أي لن نفوته إن أراد بنا أمرا « ولن نعجزه هربا » أي أنه يدركنا حيث كنا « وأنا لما سمعنا الهدى » أي القرآن « آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا » أي نقصانا فيما يستحقه من الثواب « ولا رهقا » أي لحاق ظلم وغشيان مكروه « وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون » أي الجائرون عن طريق الحق « فمن أسلم فاولئك تحروا رشدا » أي التمسوا الصواب والهدى « وأما القاسطون فكانوا لجنهم حطبا » يلقون فيها فتحرقهم كما تحرق النار الحطب انتهى (١).

أقول : سيأتي الكلام في حقيقة الجن وكيفياتهم وأحوالهم في كتاب السماء و العالم إنشاء الله تعالى.

وقال القاضي في الشفا : رأي عبدالله بن مسعود الجن ليلة الجن ، وسمع كلامهم ، وشبههم برجال الزط (٢) ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن شيطانا تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته ، فأردت أن أربطه إلى سارية (٣) من سواري المسجد حتى

__________________

(١) مجمع البيان ١٠. ٣٦٧ ـ ٣٧١.

(٢) الزط : قوم من السودان والهنود طوال.

(٣) السارية : الاسطوانة.

٨٢

تنظروا إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمان عليه‌السلام : « رب اغفري وهب لي (١) ملكا » الآية ، فرده الله خاسئا (٢).

١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن محمد بن راشد ، عن عمر بن سهل ، عن سهيل بن غزوان قال. سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن امرأة من الجن كان يقال لها : عفراء ، كانت تنتاب (٣) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتسمع من كلامه فتأتي صالحي الجن فيسلمون على يديها ، وإنها فقدها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأل عنها جبرئيل فقال : إنها زارت اختا لها تحبها في الله ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى للمتحابين في الله ، إن الله تبارك وتعالى خلق في الجنة عمودا من ياقوتة حمراء ، عليه سبعون ألف قصر ، في كل قصرسبعون ألف غرفة ، خلقها الله عزوجل للمتحابين والمتزاورين في الله ، ثم قال : يا عفراء أي شئ رأيت؟ قالت رأيت عجائب كثيرة ، قال : فأعجب مارأيت؟ قالت : رأيت إبليس في البحر الاخضر على صخرة بيضاء مادا يدي إلى السماء وهو يقول : إلهي إذا بررت قسمك وأدخلتني نار جنهم فأسألك بحق محمد و علي وفاطمة والحسن والحسين إلا خلصتني منها ، وحشرتني معهم ، فقلت : يا حارث ما هذه الاسماء التي تدعوبها؟ قال لي : رأيتها على ساق العرش من قبل أن يخلق الله آدم بسبعة آلاف سنة ، فعلمت أنهم أكرم الخلق على الله عزوجل ، فأنا أسأله بحقهم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : والله لو أقسم أهل الارض بهذه الاسماء لاجابهم (٤).

٢ ـ فس : قال الجن من ولد الجان ، منهم مؤمنون وكافرون ، ويهود ونصارى وتختلف أديانهم ، والشياطين من ولد إبليس ، وليس فيهم مؤمن (٥) إلا واحدا اسمه هام ابن هيم بن لاقيس بن إبليس ، جاء إلى رسول الله (ص) فرآه جسيما عظيما وامرءا مهولا فقال له : من أنت؟ قال : أناهام بن هيم بن لاقيس بن إبليس ، كنت يوم قتل قابيل هابيل

__________________

(١) ص : ٣٥.

(٢) شرح الشفاء ١ : ٧٣٦ و ٧٣٨.

(٣) تأتى خ ل.

(٤) الخصال ٢ : ١٧١.

(٥) مؤمنون خ ل.

٨٣

غلاما ابن أعوام أنهى عن الاعتصام وآمر بإفساد الطعام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس لعمري الشاب المؤمل ، والكهل المؤمر ، فقال : دع عنك هذا يا محمد ، فقد جرت توبتي على يد نوح عليه‌السلام ، ولقد كنت معه في السفينة فعاتبته على دعائه على قومه ، ولقد كنت مع إبراهيم عليه‌السلام حيث القي في النار ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، ولقد كنت مع موسى عليه‌السلام حين غرق الله فرعون ونجى بني إسرائيل ، ولقد كنت مع هود عليه‌السلام حين دعا على قومه فعاتبته على (١) دعائه على قومه ولقد كنت مع صالح عليه‌السلام فعاتبته على دعائه على قومه ، و لقد قرأت الكتب فكلها تبشرنى بك ، والانبياء يقرءونك السلام ، ويقولون ، أنت أفضل الانبياء وأكرمهم ، فعلمني مما أنزل الله عليك شيئا ، فقال رسول الله (ص) لامير المؤمنين عليه‌السلام : علمه ، فقال هام : يا محمد إنا لانطيع إلا نبيا أو وصي نبي : فمن هذا؟ قال : هذا أخي ووصيي ووزيري ووارثي علي بن أبي طالب ، قال : نعم نجد اسمه في الكتب اليا ، فعلمه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلما كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى أمير المؤمنين عل السلام (٢).

بيان : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الشاب المؤمل ، لعل المعنى بئس حالك في حال شبابك حيث كنت مؤملا ـ على بناء المفعول ـ (٣) ، يأملون منك الخير ، وفي حال شيخوختك حيث صيرورك أميرا ، وفي روايات العامة : « بئس لعمر الله عمل الشيخ المتوسم ، والشباب المتلوم » قال الجزري : المتوسم المتحلي بسمة الشيوخ ، والمتلوم المتعرض للائمة في الفعل السيئ ، ويجوز أن يكون من اللؤمة وهي الحاجة إي المنتظر لقضائها.

٣ ـ عم : جاء في الآثار عن ابن عباس قال : لما خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى بني المصطلق ونزل بقرب واد وعر ، فلما كان آخر الليل هبط عليه جبرئيل يخبره عن طائفة من كفار الجن قد استبطنوا (٤) الوادي ، يريدون كيده وإيقاع الشر بأصحابه ، فدعا أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : اذهب إلى هذا الوادي ، فسيعرض لك من أعداء الله الجن ، من

__________________

(١) فعاتبته عن دعائه على قومه خ ل.

(٢) تفسير القمى : ٣٥١.

(٣) أو على بناء الفاعل ، أى يأمل كل ما تطلبه نفسه. وافق الصواب أم لا.

(٤) أى دخلوا بطن الوادى.

٨٤

يريدك فادفعه بالقوة التي أعطاك الله إياها ، وتحصن منه (١) بأسماء الله التي خصك بعلمها وأنفذ معه مأة رجل من أخلاط الناس ، وقال لهم : كونوا معه ، وامتثلوا أمره ، فتوجه أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى الوادي ، فلما قارب (٢) شفيره أمر المأة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئا حتى يأذن لهم ، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بالله من أعدائه ، وسماه بأحسن أسمائه ، وأومأ إلى القوم الذين تبعوه أن يقربوا منه فقربوا وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة ، ثم رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد القوم أن يقعوا على وجوههم لشدتها ولم تثبت أقدامهم على الارض من هول مالحقهم ، فصاح أميرالمؤمنين عليه‌السلام : أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب وصي رسول الله وابن عمه اثبتوا إن شئتم ، وظهر للقوم أشخاص كالزط تخيل في أيديهم شعل النار ، قد اطمأنوا بجنبات الوادي (٣) ، فتوغل (٤) أميرالمؤمنين عليه‌السلام بطن الوادي وهو يتلو القرآن ، و يؤمئ بسيفه يمينا وشمالا ، فما لبثت الاشخاص حتى صارت كالدخان الاسود ، وكبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم صعد من حيث هبط ، فقام مع القوم الذين تبعوه حتى أسفر الموضع عما اعتراه ، فقال له أصحاب رسول الله (ص) : ما لقيت يا أبا الحسن فقد كدنا نهلك خوفا و إشفاقا عليك؟ فقال عليه‌السلام : لما تراءى لي العدو جهرت فيهم بأسماء الله فتضاءلوا ، وعلمت ما حل بهم من الجزع فتوغلت الوادي غير خائف منهم ، ولو بقوا على هيئاتهم لاتيت على آخرهم ، وكفى الله كيدهم ، وكفى المسلمين شرهم ، وسيسبقني بقيتهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيؤمنوا به ، وانصرف أمير المؤمنين عليه‌السلام بمن معه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره الخبر فسري عنه ، ودعا له بخير ، وقال له : قد سبقك يا علي إلي من أخافه الله بك ، فأسلم وقبلت إسلامه (٥).

__________________

(١) في المصدر : تحصن منهم.

(٢) في المصدر : قرب.

(٣) في المصدر : قد اطمأنوا فأطافوا بجنبات الوادى.

(٤) توغل : ذهب وابعد

(٥) اعلام الورى : ١٠٧ و ١٠٨ ط ١ و ١٨٢ و ١٨٣ ط ٢.

٨٥

بيان : ضؤل ضئالة : صغر ، ورجل متضائل : دقيق وسري عنه الهم على بناء المفعول مشددا : انكشف.

٤ ـ عيون المعجزات : من كتاب الانوار عن أحمد بن عبدويه (١) ، عن سليمان بن علي الدمشقي ، عن أبي هاشم (٢) الزبالي ، عن زاذان ، عن سلمان قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا بالابطح وعنده جماعة من أصحابه ، وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظرنا إلى زوبعة (٣) قد ارتفعت فأثارت الغبار ، وما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقفت بحذاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم برز منها شخص كان فيها ، ثم قال : يا رسول الله إني وافد قومي وقد استجرنا بك فأجرنا ، وابعث معي من قبلك من يشرف على قومنا ـ فإن بعضهم قد بغى علينا ، ليحكم بيننا وبينهم بحكم الله وكتابه ، وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة أن أرده إليك في غداة غد سالما إلا أن تحدث علي حادثة من عند الله ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أنت؟ ومن قومك؟ قال : أنا عطرفة (٤) بن شمراخ أحد بني نجاح ، وأنا وجماعة من أهلي كنا نسترق السمع ، فلما منعنا من ذلك آمنا ، ولما بعثك الله نبيا آمنا بك على ما علمته ، وقد صدقناك ، وقد خالفنا بعض القوم وأقاموا على ما كانوا عليه ، فوقع بيننا وبينهم الخلاف وهم أكثر منا عددا وقوة ، وقد غلبوا على الماء والمراعي وأضروا بنا وبدوابنا ، فابعث معي من يحكم بيننا بالحق ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها ، قال : فكشف لنا عن صورته فنظرنا فإذا شخص عليه شعر كثير ، وإذا رأسه طويل ، طويل العينين ، عيناه في طول رأسه صغير الحدقتين ، وله اسنان السباع ، ثم إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ عليه العهد والميثاق على أن يرد عليه في غد من يبعث به معه ، فلما فرغ من ذلك التفت إلى أبي بكر فقال : سرمع أخينا عطرفة ، وانظر إلى ماهم عليه واحكم بينهم بالحق ، فقال : يا رسول الله وأين هم؟ قال : هم تحت الارض ،

__________________

(١) في المصدر : عبدربه.

(٢) في المصدر : عن أبى هاشم الرمانى.

(٣) الزوبعة : ريح ترتفع بالتراب أوبمياه البحار وتستدير كأنها عمود.

(٤) عرفطة خ ل في المواضع.

٨٦

فقال أبوبكر : وكيف اطيق النزول تحت الارض؟ وكيف أحكم بينهم ولا احسن كلامهم ثم التفت إلى عمر بن الخطاب فقال له : مثل قوله لابي بكر ، فأجاب بمثل جواب أبي بكر ثم أقبل على عثمان وقال له : مثل قوله لهما : فأجابه كجوابهما ، ثم استدعى بعلي عليه‌السلام وقال له : يا علي سر مع أخينا عطرفة ، وتشرف على قومه وتنظر إلى ماهم عيه ، وتحكم بينهم بالحق ، فقام أمير المؤمنين عليه‌السلام مع عطرفة وقد تقلد سيفه ، قال سلمان : فتبعتهما إلى أن صار إلى الوادي ، فلما توسطاه تنظر إلي أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : قد شكر الله تعالى سعيك يا با عبدالله فارجع ، فوقفت أنظر إليهما فانشقت الارض ودخلا فيها.

ورجعت (١) وتداخلني من الحسرة ما الله أعلم به ، كل ذلك إشفاقا على أمير المؤمنين ، وأصبح النبي (ص) وصلى بالناس الغداة ، وجاء وجلس على الصفا وحف به أصحابه وتأخر أميرالمؤمنين عليه‌السلام وارتفع النهار ، وأكثر الناس الكلام إلى أن زالت الشمس ، وقالوا : إن الجني احتال على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أراحنا الله من أبي تراب ، و ذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا ، وأكثرو الكلام إلى أن صلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الاولى وعاد إلى مكانه وجلس على الصفا ، ومازال يحدث أصحابه (٢) إلى أن وجبت صلاة العصر ، وأكثر القوم الكلام وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فصلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العصر وجاء وجلس على الصفا ، وأظهر الفكر في أمير المؤمنين عليه‌السلام وظهرت شماتة المنافقين بأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكادت الشمس تغرب فتيقن القوم أنه قد هلك وإذا قد انشق الصفا وطلع أمير المؤمنين عليه‌السلام منه ، وسيفه يقطر دما ، ومعه عطرفة ، فقام إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقبل بين عينيه وجبينيه ، وقال له : ما الذي حبسك عني إلى هذا الوقت؟ فقال عليه‌السلام : صرت إلى جن كثير قدبغوا على عطرفة وقومه من المنافقين ، فدعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا علي ، وذلك أني دعوتهم إلى الايمان بالله تعالى والاقرار بنبوتك ورسالتك فأبوا ، فدعوتهم إلى أداء الجزية فأبوا ، فسألتهم أن يصالحوا عطرفة وقومه فيكون بعض المرعى لعطرفة وقومه وكذلك الماء فأبوا ذلك كله ، فوضعت سيفي فيهم وقتلت

__________________

(١) في المصدر : وعادت إلى ما كانت ، وعلى هذا فالضمير للارض.

(٢) في المصدر : يحدث اصحابه بالحديث.

٨٧

منهم ثمانين (١) ألفا ، نظروا إلى ما حل بهم طلبوا الامان والصلح ، ثم آمنوا ، وزال الخلاف بينهم (٢) ، وما زلت معهم إلى الساعة ، فقال عطرفة (٣) : يا رسول الله جزاك الله وأمير المؤمنين عنا خيرا (٤).

بيان : الزوبعة : رئيس من رؤساء الجن ، ومنه سمي الاعصار زوبعة (٥) ، قاله الجوهري.

٥ ـ سن : عبدالله بن الصلت ، عن أبي هدية (٦) ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان ذات يوم جالسا على باب الدار ومعه على بن أبي طالب عليه‌السلام إذ أقبل شيخ فسلم على رسول الله (ص) ، ثم انصرف ، فقال : رسول الله (ص) لعلي عليه‌السلام : أتعرف شيخ؟ فقال علي عليه‌السلام : ما أعرفه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا إبليس ، فقال علي عليه‌السلام : لوعلمت يارسول الله لضربته ضربة بالسيف فخلصت امتك منه ، قال : فانصرف إبليس إلى علي عليه‌السلام فقال له : ظلمتني يا أبا الحسن ، أما سمعت الله عزوجل يقول : « وشاركهم في الاموال والاولاد » (٧) فوالله ما شركت أحدا أحبك في امه (٨).

٦ ـ ع : الحسين بن محمد بن سعيد ، عن فرات بن إبراهيم ، عن محمد بن علي بن معتمر عن أحمد بن علي الرملي ، عن أحمد بن موسى ، عن يعقوب بن إسحاق : المروزي ، عن عمر (٩) ابن منصور ، عن إسماعيل بن أبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبيه ، عن أبي هارون العبدي

__________________

(١) في المصدر : زهاء ثمانين ألفا.

(٢) في المصدر : ثم آمنوا وصاروا اخوانا وزال الخلاف بينهم.

(٣) عرفطة خ ل.

(٤) عيون المعجزات : ٣٦ ـ ٣٩.

(٥) والمراد بها في الحديث هو المعنى الثانى.

(٦) هكذا في النسخة ، ولعله بالباء الموحدة ، والحديث مرسل جدا ، لان رواية ابن الصلت الراوى عن الامام الجواد عليه‌السلام من أنس بن مالك بواسطة واحدة غريبة جدا.

(٧) الاسراء : ٦٤.

(٨) المحاسن : ٣٣٢ ، وفيه : ما شاركت.

(٩) في المصدر : عمرو بن منصور.

٨٨

عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : كنا بمنى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ بصرنا برجل ساجد وراكع ومتضرع ، فقلنا : يا رسول الله ما أحسن صلاته؟! فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو الذي أخرج أباكم من الجنة ، فمضى إليه علي عليه‌السلام غير مكترث (١) فهزه هزة أدخل أضلاعه اليمنى في اليسرى ، واليسرى في اليمنى ، ثم قال : لاقتلنك إنشاء الله ، فقال : لن تقدر على ذلك إلى أجل معلوم من عند ربي ، مالك تريد قتلي؟ فوالله ما أبغضك ، أحد إلا سبقت نطفتي إلى رحم امه قبل نطفة أبيه ، ولقد شاركت مبغضيك في الاموال والاولاد وهو قول الله عزوجل في محكم كتابه : « وشاركهم في الاموال والاولاد » الخبر (٢).

٧ ـ ب : محمد بن عبدالحميد ، عن أبي جميلة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول سليمان « هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب (٢) » قلت فاعطي الذي دعا به؟ قال : نعم ، ولم يعط بعده إنسان ما اعطي نبي الله من غلبة الشيطان فخنقه إلى إبطه (٤) حتى أصاب لسانه (٥) يد رسول الله ، فقال رسول الله (ص) : لولا ما دعا به سليمان عليه‌السلام لاريتكموه (٦).

٨ ـ فس : « وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن » إلى قوله : « فلما قضى » أي فرغ « ولو إلى قومهم منذرين » إلى قوله : « اولئك في ضلال مبين » : فهذا كله حكاية عن الجن ، وكان سبب نزول هذه الآية أن رسول الله (ص) خرج من مكة إلى سوق عكاظ ومعه زيد بن حارثة يدعو الناس إلى الاسلام ، فلم يجبه أحد ولم يجد (٧) من يقبله ، ثم رجع إلى مكة فلما بلغ موضعا يقال له : وادي مجنة. تهجد بالقرآن في جوف الليل فمر به نفر من الجن ، فلما سمعوا قراءة رسول الله (ص) استمعواله ، فلما سمعوا قراءته قال

__________________

(١) اكترث للامر به. ولا يكترث له : لا يعبأ به ولا يباليه.

(٢) علل الشرائع : ٥٨ و ٥٩. والاية في الاسراء : ٦٥.

(٣) ص : ٣٥.

(٤) سارية خ ل. أقول : وفى المصدر : سوابطه.

(٥) بلسانه خ ل.

(٦) قرب الاسناد : ٨١.

(٧) ولم يجد أحدا خ ل.

٨٩

بعضهم لبعض : «أنصتوا» يعني اسكتوا «فلما قضى» أي فرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من القراءة « ولو إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا ما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوابه » إلى قوله : «اولئك في ضلال مبين» فجاءوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلموا وآمنوا وعلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شرائع الاسلام فأنزل الله (١) على نبيه «قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن» السورة كلها ، فحكى الله قولهم وولى رسول الله (ص) عليهم منهم ، وكانوا يعودون إلى رسول الله (ص) في كل وقت ، فأمر أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن يعلمهم ويفقههم فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان (٢).

٩ ـ قب : ابن جبيرقال : توجه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تلقاء مكة وقام بنخلة في جوف الليل يصلي ، فمر به نفر من الجن فوجدوه يصلي صلاة الغداة ويتلو القرآن فاستمعوا إليه ، وقال آخرون : امر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن ينذر الجن فصرف الله إليه نفرا من الجن من نينوى.

قوله : « وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن » : وكان بات في وادي الجن وهو على ميل من المدينة ، فقال عليه‌السلام : إني امرت أن أقرأعلى الجن الليلة ، فأيكم يتبعني ، فاتبعه ابن مسعود وساق الحديث مثل ما رواه الطبرسي.

وروي عن ابن عباس أنهم كانوا سبعة نفر من جن نصيبين ، فجعلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رسلا إلى قومهم ، وقال زر بن حبيش : كانوا سبعة منهم زوبعة ، وقال غيره : وهم مسار و يسار وبشار والازد وخميع (٣).

١٠ ـ قب : لما سار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلي وادي حنين للحرب إذا بالطلائع قد رجعت والاعلام والاولوية قد وقفت ، فقال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا قوم ما الخبر؟ فقالوا : يا رسول الله حية عظيمة قد سدت علينا الطريق كأنها جبل عظيم ، لا يمكننا من المسير ، فسار

__________________

(١) في المصدر : فجاؤا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يطلبون شرائع الاسلام ، فأنزل الله اه

(٢) تفسير القمى : ٦٢٣ و ٦٢٤.

(٣) مناقب آل أبي طالب ١ ، ٤٤.

٩٠

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أشرف عليها ، فرفعت رأسها ونادت : السلام عليك يا رسول الله ، أنا الهيثم بن طاح بن إبليس ، مؤمن بك ، قد سرت إليك في عشرة آلاف من أهل بيتي حتى اعينك على حرب القوم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : انعزل عنا وسر بأهلك عن أيماننا ففعل ذلك وسار المسلمون (١).

أقول : سيأتي في باب عمل النيروز عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن يوم النيروز هو اليوم الذي وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام إلي وادي الجن ، فأخذ عليهم العهود والمواثيق ، وسيأتي أكثر أخبار هذا الباب في باب استيلاء أميرالمؤمنين صلوات الله عليه على الجن والشياطين.

(باب ١٠)

*(آخر ، وهو من الاول ، في الهواتف من الجن وغيرهم)*

*(بنبوته صلى‌الله‌عليه‌وآله)*

١ ـ قب : في حديث مازن بن العصفور الطائي أنه لما نحر عتيرة (٢) سمع من صنمه.

بعث نبي من مضر

فدع نحيتا من حجر

ثم نحر يوما آخر. عتيرة (٣) اخرى فسمع منه :

هذا نبي مرسل

جاء بخير منزل

أبوعبيس قال : سمعت قريش في الليل هاتفا على أبي قبيس يقول شعرا :

إذا أسلم السعدان يصبح بمكة

محمد لا يخشى خلاف المخالف

فلما أصبحوا قال : أبوسفيان : من السعدان سعد بكر (٤) وسعد تميم؟ ثم سمع في الليلة الثانية :

__________________

(١) مناقب آل ابى طالب ١ : ٨٨ ط النجف.

(٢) العتيرة : شاة كان العرب يذبحونها لالهتهم في شهر رجب.

(٣) بحيرة خ ل.

(٤) في المصدر : من السعدان؟ قيل : سعد بكر وسعد تميم.

٩١

أياسعد سعد الاوس كن أنت ناصرا

ويا سعد سعد الخزرجين غطارف

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا

على الله في الفردوس خير زخارف

فلما أصبحوا قال أبوسفيان : هو سعد بن معاذ وسعد بن عبادة.

قال تميم الداري : أدركني الليل في بعض طرقات الشام فلما أخذت مضجعي قلت : أنا الليلة في جوار هذا الوادي ، فإذا مناد يقول : عذبالله ، فإن الجن لا تجير أحدا على الله قد بعث نبي الاميين رسول الله ، وقد صلينا خلفه بالحجون ، وذهب كيد الشياطين ، و رميت بالشهب ، فانطلق إلى محمد رسول رب العالمين.

سعيد بن جبير قال : قال سواد بن قارب : نمت على جبل من جبال السراة فأتاني آت وضربني برجله وقال : قم ياسواد بن قارب. أتاك رسول من لوي بن غالب فلما استويت أدبرو هو يقول :

عجبت للجن وأرجاسها

ورحلها العيس بأحلاسها (١)

تهوي إلى مكة تبغي الهدى (٢)

ما صالحوها مثل أنجاسها

فعدت فنمت فضربني برجله فقال مثل الاول ، فأدبر قائلا :

عجبت للجن وتطلابها (٣)

ورحلها العيس بأقتابها (٤)

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما صادقوها مثل كذابها

فعدت فنمت فضربني برجله فقال مثل الاول فلما استويت أدبرو هو يقول :

عجبت للجن وأشرار ها

ورحلها العيس بأكوارها (٥)

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما مؤمنوها مثل كفارها

قال : فركبت ناقتي وأتيت مكة عند النبي وأنشدته :

__________________

(١) العيس : كرام الابل. وايضا الابل البيض يخالط بياضها سواد خفيف. والاحلاس جمع الحلس : كل ما يوضع على ظهر الدابة تحت السرج أو الرحل.

(٢) أى تطلبه.

(٣) وطلابها خ ل.

(٤) الاقتاب جمع القتب : الرحل.

(٥) الاكوار جمع الكور : رحل البعير أو الرحل بأداته.

٩٢

أتاني جن قبل هدء ورقدة

ولم يك فيما قد أتانا بكاذب

ثلاث ليال قوله كل ليلة :

أتاك رسول من لوي بن غالب

فأشهد أن الله لا رب غيره

وأنك مأمون على كل غائب

وكان لبني عذرة صنم يقال له : حمام ، فلما بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سمع من جوفه يقول :

يا بني هند بن حزام ، ظهر الحق وأودى (١) الحمام ، ودفع الشرك الاسلام ، ثم نادى بعد أيام لطارق يقول :

يا طارق يا طارق ، بعث النبي الصادق ، جاء بوحي ناطق ، صدع صادع بتهامة ، لناصريه السلامة ، ولخاذليه الندامة ، هذا الوداع مني إلى يوم القيامة ، ثم وقع الصنم لوجهه فتكسر ،

قال زيد بن ربيعة : فأتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بذلك ، فقال : كلام الجن المؤمنين ، فدعانا إلى الاسلام.

وسمع صوت الجن بمكة ليلة خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

جزى الله رب الناس خير جزائه

رسولا أتى في خيمتي ام معبد

فيما لقصي ما زوى الله عنكم

به من فعال لا يجازى بسودد

فأجابه حسان في قوله :

لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم

وقد سر من يسري إليه ويغتدي (٢)

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله

ويتلو كتاب الله في كل مشهد

وإن قال في يوم مقالة غائب

فتصديقها في ضحوة العيد أوغد

وهتف من جبال مكة يوم بدر :

أذل الحنيفيون بدرا بوقعة

سينقض منها ملك كسرى وقيصرا

أصاب رجالا من لوي وجردت

حرائر يضربن الحرائر حسرا

__________________

(١) أودى : هلك.

(٢) سرى اليه : سار اليه ليلا. اغتدى عليه : أتاه غدءة.

٩٣

ألا ويح من أمسى عدو محمد

لقد ضاق خزيا في الحياة وخسرا

وأصبح في هافي (١) العجاجة معفرا

تناوله الطير الجياع وتنقرا

فعلموا الواقعة وظهر الخبر من الغد.

ودخل العباس بن مرداس السلمي على وثن يقال له : الضمير ، فكنس ما حوله ومسحه وقبله ، فإذا صائح يصيح : يا عباس بن مرداس ،

قل للقبائل من سليم كلها :

هلك الضمير وفاز أهل المسجد

هلك الضمير وكان يعبد مرة

قبل الكتاب إلى النبي محمد

إن الذي جا بالنبوة (٢) والهدى

بعد ابن مريم من قريش مهتد

فخرج في ثلاثمأة راكب من قومه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تبسم ثم قال : يا عباس بن مرداس كيف كان إسلامك؟ فقص عليه القصة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : صدقت ، وسر بذلك صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وفي حديث سيار الغساني : لما قال له عمر : أكاهن أنت؟ فقال : قد هدى الله بالاسلام كل جاهل ، ودفع الحق كل باطل ، وأقام بالقرآن كل مائل القصة : فأخذت ظبية بذي العسف فإذا بهاتف :

يا أيها الركب السراع الاربعة

خلوا سبيل الظبية المروعه

فخليتها فلما جن الليل فإذا أنا بهاتف يقول.

خذها ولا تعجل وخذها عن ثقه

فإن شر السير سير الحقحقه

هذا نبي فائز من حققه

وقال عمرو بن جبلة الكلبي : عترنا عتيرة لعمرة ـ اسم صنم ـ فسمعنا من جوفه مخاطب سادنه عصام (٣) : يا عصام ، يا عصام ، جاء الاسلام ، وذهبت الاصنام ، وحقنت

__________________

(١) هامى خ ل.

(٢) في المصدر : جاء النبوة.

(٣) في المصدر : يخاطب سادنه. أقول : السادن الخادم والحاجب.

٩٤

الدماء ، ووصلت الارحام ، ففزعت من ذلك ، ثم عترنا أخرى فسمعنا يقول لرجل اسمه بكر :

يا بكر بن جبل ، جاءالنبي المرسل ، يصدقه المطعمون في المحل ، أرباب يثرب ذات النخل ، ويكذبه أهل نجد وتهامة ، وأهل فلج واليمامة.

فأتيا إلى النبي وأسلما وأنشد عمرو :

أجبت رسول الله إذ جاء بالهدى

فأصبحت بعد الحمد لله أوحدا

تكلم شيطان من جوف هبل بهذه الابيات :

قاتل الله رهط كعب بن فهر؟

ما أضل العقول والاحلاما

جاءنا تائه (١) يعيب علينا

دين آبائنا الحماة الكراما

فسجدوا كلهم وتنقصوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : هلموا غدا فسمع أيضا ، فحزن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك ، فأتاه جني مؤمن وقال : يا رسول الله أناقتلت مسعر ، الشيطان المتكلم في الاوثان ، فاحضر المجمع لاجيبه ، فلما اجتمعوا ودخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خرت الاصنام على وجوهها فنصبوها وقالوا : تكلم ، فقال :

أنا الذي سماني المطهرا

أنا قتلت ذا الفخور (٢) مسعرا

إذا طغى لما طغى واستكبرا

وأنكر الحق ورام المنكرا

بشتمه نبينا المطهرا

قد أنزل الله عليه السورا

من بعد موسى فاتبعنا الاثرا

فقالوا : إن محمدا يخادع اللات (٣) كما خادعنا.

تاريخ الطبري : إنه روى الزهري في حديث جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : كنا جلوسا قبل أن يبعث رسول الله بشهر نحرنا جزورا ، فإذا صائح يصيح من جوف الصنم :

__________________

(١) التائه : المتكبر والضال.

(٢) في المصدر : ذا الفجور.

(٣) هكذا في الكتاب ومصدره ، ولعله مصحف هبل ، أو أن الجنى دخل جوف اللات.

٩٥

اسمعوا العجب ، ذهب استراق الوحي ، ويرمى بالشهب ، لنبي بمكة ، اسمه محمد ، مهاجرته إلى يثرب.

الطبري في حديث ابن إسحاق والزهري عن عبدالله بن كعب مولى عثمان أنه قال عمر : لقد كنا في الجاهلية نعبد الاصنام ، ونعلق (١) الاوثان حتى أكرمنا الله بالاسلام ، فقال الاعرابي : لقد كنت كاهنا في الجاهلية ، قال : فأخبرنا : ما أعجب ماجاءك به صاحبك؟ قال : جاءني قبل الاسلام جاء فقال : ألم تر إلى الجن أبالسها ، وإياسها من دينها ، ولحاقها بالقلاص وأحلاسها (٢) ، فقال عمر : إني والله لعند وثن من أوثان الجاهلية في معشر من قريش قد ذبح له رجل من العرب عجلا ، فنحن ننظر قسمه ليقسم لنا منه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت صوتا قط أنفذ منه ، وذلك قبل الاسلام بشهر أو سنة ، يقول : يا آل ذريح ، أمر نجيح ، رجل فصيح ، يقول : لا إله إلا الله.

ومنه حديث الخثعمي ، وحديث سعد بن عبادة ، وحديث سعد بن عمرو الهذلي (٣). وفي حديث خزيم بن فاتك الاسدي أنه وجد إبله بأبرق العزل ، القصة ، فسمع هاتفا.

هذا رسول الله ذو الخيرات

جاء بياسين وحاميمات

فقلت : من أنت؟ قال : أنا مالك بن مالك ، بعثني رسول الله إلى حي نجد ، قلت : لو كان لي من يكفني إبلي لاتيته فآمنت به ، فقال : أنا ، فعلوت بعيرا منها وقصدت المدينة والناس في صلاة الجمعة ، فقلت في نفسي : لا أدخل حتى ينقضي صلاتهم ، فأنا أنيخ راحلتي إذ خرج إلي رجل قال : يقول لك رسول الله : ادخل فدخلت ، فلما رآني قال : ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك إلى أهلك؟ قلت : لا علم لي به ، قال : إنه أداها سالمين (٤) ، قلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله (٥).

__________________

(١) في المصدر : ونعنق الاوثان.

(٢) القلاص جمع القلوص : الشابة من الابل أوالباقية على السير. والاحلاس جمع الحلس : كل ما يوضع على ظهر الدابة تحت السرج أو الرحل.

(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٦ ـ ٧٩.

(٤) في المصدر : أداها سالمة.

(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٨٩.

٩٦

بيان : العتيرة : شاة كانوا يذبحونها في رجب لآلهتهم ، والغطريف : السيد ، والحجون بفتح الحاء : جبل بمكة ، وهي مقبرة ، ويقال : رحلت البعير ، أي شددت على ظهره الرحل ، وهفا الشئ في الهواء : إذا ذهب ، والعجاجة : الغبار.

وقال الجزري : في حديث سلمان : شر السير الحقحقة ، هو المتعب من السير ، وقيل : هو أن تحمل الدابة على مالا تطيقه ، والفلج : موضع بين بصرة وضرية.

٢ ـ أقول روى في المنتقى بإسناده عن يعقوب بن زيد بن طلحة أن رجلا مر على مجلس بالمدينة فيه عمر بن الخطاب ، فنظر إليه عمر فقال : أكاهن هو؟ فقال : يا أمير المؤمنين هدي بالاسلام كل جاهل ، ودفع بالحق كل باطل ، واقيم بالقرآن كل مائل ، واغني بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كل عائل ، فقال عمر : متى عهدك بها؟ يعني صاحبته ، قال : قبيل الاسلام أتتني فصرخت : يا سلام يا سلام ، الحق المبين ، والخير الدائم ، غير حلم النائم ، الله أكبر فقال رجل من القوم : يا أمير المؤمنين أنا احدثك بمثل هذا ، والله إنا لنسير في بادية ملساء لا يسمع فيها إلا الصدى (١) إذ نظرنا فإذا راكب مقبل أسرع من الفرس حتى كان منا على قدر ما يسمعنا صوته ، فقال : يا أحمد يا أحمد الله أعلى وأمجد ، أتاك ما وعدك ، من الخير يا أحمد ، ثم ضرب راحلته حتى أتى من ورائنا ، فقال عمر : الحمد لله الذي هدانا بالاسلام وأكرمنا به ، فقال رجل من الانصار : أنا احدثك يا أمير المؤمنين بمثل هذا وأعجب ، قال عمر : حدث ، قال : انطلقت أنا وصاحبان لي نريد الشام حتى إذا كنا بقفرة من الارض نزلنا بها ، فبينا نحن كذلك إذ لحقنا راكب فكنا أربعة قد أصابنا سغب (٢) شديد ، فالتفت فإذا أنا بظبية عضباء ترتع قريبا منا فوثبت إليها ، فقال الرجل الذي لحقنا : خل سبيلها لا أبالك ، والله لقد رأيتها ونحن نسلك هذا الطريق ونحن عشرة أو أكثر من ذلك فيخطف (٣) بعضنا فما هو إلا أن كان هذه الظبية ، فما يهيجها أحد ، فأبيت وقلت لعمرو الله (٤) لا اخليها ، فارتحلنا وقد شددتها معي حتى إذا ذهب سدف

__________________

(١) الصدى : مايرده الجبل أو غيره إلى المصوت مثل صوته.

(٢) السغب : الجوع.

(٣) في المصدر : فيختطف.

(٤) هكذا في النسخة ، والصحيح لعمر الله بلاوا وكما في المصدر.

٩٧

من الليل إذا هاتف يهتف بنا ويقول :

يا أيها الركب السراع الاربعه

خلوا سبيل النافر المفزعه

خلوا عن العضباء في الوادي معه

لا تذبحن الظبية المروعه

فيها لايتام صغار منفعه

قال : فخليت سبيلها ، ثم انطلقنا حتى أتينا الشام فقضينا حوائجنا ثم أقبلنا حتى إذا كنا بالمكان الذي كنا فيه هتف هاتف من خلفنا :

إياك لا تعجل وخذها من ثقه

فإن شر السير سير الحقحقه

قد لاح نجم وأضاء مشرقه

يخرج من ظلماء عسف موبقه

ذاك رسول مفلح من صدقه

الله أعلى أمره وحققه (١)

بيان : السدف بالضم : الطائفة من الليل ، والسدف محركة : سواد الليل.

٣ ـ ختص : أبومحمد ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الاصبغ بن نباتة قال : كنا مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يوم الجمعة في المسجد بعد العصر إذ أقبل رجل طوال كأنه بدوي ، فسلم عليه ، فقال له علي عليه‌السلام : ما فعل جنيك الذي كان يأتيك؟ قال : إنه ليأتيني إلى أن وقفت بين يديك يا أمير المؤمنين ، قال علي عليه‌السلام فحدث القوم بما كان منه ، فجلس وسمعنا له ، فقال : إني لراقد باليمن قبل أن يبعث الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا جني أتاني نصف الليل فرفسني (٢) برجله وقال : اجلس ، فجلست ذعرا ، فقال : اسمع ، قلت : وما أسمع؟ قال :

عجبت للجن وإبلاسها

وركبها العيس بأحلاسها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما طاهر الجن كأنجاسها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

وارم بعينيك إلى رأسها

قال : فقلت : والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث ، وما أفصح (٣) لي وإني

__________________

(١) المنتقى في مولود المصطفى : القسم الثالث : باب فيما كان من زمان نبوته ومدة إقامته بمكة.

(٢) رفسه : ضربه في صدره.

(٣) أى ما بين مراده ولا أوضحه.

٩٨

لارجو أن يفصح لي ، فأرقت (١) ليلتي وأصبحت كئيبا ، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال : اجلس ، فجلست ذعرا ، فقال : اسمع ، فقلت : وما أسمع؟ قال :

عجبت للجن وأخبارها

وركبها العيس بأكوارها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما مؤمنو الجن ككفارها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

بين روابيها (٢) وأحجارها

فقلت : والله لقد حدث في ولد هاشم أو يحدث ، وما أفصح لي وإني لارجو أن يفصح لي ، فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا ، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله ، وقال : أجلس ، فجلست وأنا ذعر ، فقال : اسمع ، قلت : وما أسمع؟ قال :

عجبت للجن وألبانها

وركبها العيس بأنيابها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ماصادقو الجن ككذابها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

أحمد أزهر خير أربابها

قلت : عدو الله أفصحت ، فأين هو؟ قال : ظهر بمكة يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فأصبحت ورحلت ناقتي ووجهتها قبل مكة ، فأول ما دخلتها لقيت أبا سفيان وكان شيخا ضالا ، فسلمت عليه وساءلته عن الحي ، فقال : والله إنهم مخصبون ، إلا أن يتيم أبي طالب قد أفسد علينا ديننا ، قلت : وما اسمه؟ قال : محمد ، أحمد ، قلت ، وأين هو؟ قال : تزوج بخديجة بنت خويلد فهو عليها نازل ، فأخذت بخطام ناقتي ثم انتهيت إلى بابها فعقلت ناقتي ، ثم ضربت الباب فأجابتني : من هذا؟ فقلت : أنا أردت محمدا ، فقالت : اذهب إلى عملك ، ما تذرون محمدا يأويه ظل بيت ، قد طردتموه وهر بتموه وحصنتموه ، اذهب إلى عملك ، قلت : رحمك الله إني رجل أقبلت من اليمن ، وعسى الله أن يكون قد من علي به ، فلا تحرميني النظر إليه ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله رحيما ، فسمعته يقول : ياخديجة افتحي الباب

__________________

(١) أرق : ذهب عنه النوم في الليل.

(٢) الروابى جمع الرابية : ما ارتفع من الارض.

٩٩

ففتحت فدخلت فرأيت النور في وجهه ساطعا ، نور في نور ، ثم درت خلفه فإذا أنا بخاتم النبوة معجون على كتفه الايمن ، فقبلته ثم قمت بين يديه وأنشأت أقول :

أتاني نجي (١) بعد هدء ورقدة

ولم يك فيما قد تلوت (٢) بكاذب

ثلاث ليال قوله كل ليلة

أتاك رسول من لوي بن غالب

فشمرت عن ذيلي الازار ووسطت

بي الذعلب (٣) الوجناء بين السباسب

فمرنا بما يأتيك ياخير قادر (٤)

وإن كان فيما جاء شيب الذوائب

وأشهد أن الله لا شئ غيره

وأنك مأمون على كل غائب

وأنك أدنى المرسلين وسيلة

إلى الله يا ابن الاكرمين الاطائب

وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة

إلى الله يغني (٥) عن سواد بن قارب

وكان اسم الرجل سواد بن (٦) قارب ، فرحت (٧) والله مؤمنا به صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم خرج إلى صفين فاستشهد مع أمير المؤمنين عليه‌السلام (٨).

بيان : العيس بالكسر : الابل البيض يخالط بياضها شئ من الشقرة ، والاحلاس جمع حلس وهو كساء يطرح على ظهر البعير ، قوله : إلى رأسها ، الضمير راجع إلى القبيلة ، والاكوار جمع الكور بالضم ، وهو الرحل بأداته ، والهدء : السكون ، والذعلب : الناقة القوية ، والوجناء : الناقة الصلبة وسباسب جمع سبسب (٩) ، قوله : شيب الذوائب ، أي قبلنا و صدقنا بما يأتيك به الوحي من الله وإن كان فيه امور شداد وتشيب منها الذوائب ، ورأيت في بعض الكتب مكان الشعر الاول :

__________________

(١) نجيى خ ل.

(٢) قد بلوت خ ل.

(٣) قال الجزرى في النهاية : في حديث سواد بن قارب : الذعلب الوجناء ، الذعلب والذعلبة : الناقة السريعة.

(٤) يا خير من مشى خ ل.

(٥) سواك بمغن خ ل.

(٦) وقد سماه الجزرى سواد بن مطرف.

(٧) فرجعت خ ل.

(٨) الاختصاص : مخطوط.

(٩) والسبب : القفر والمفازة.

١٠٠