بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

يا رسول الله استسقيت لنا فلم نسق ثم استسقيت لنا فسقينا ، قال : إني دعوت وليس لي في ذلك نية ، ثم دعوت ولي في ذلك نية (١).

٤٨ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن عبدالرحمن بن محمد الاسدي ، عن سالم بن مكرم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : مر يهودي بالنبي (ص) فقال : السام عليك فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) : عليك ، فقال أصحابه : إنما سلم عليك بالموت : قال الموت عليك؟! قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وكذلك رددت ، ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله ، قال : فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثم لم يلبث أن انصرف ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ضعه ، فوضع الحطب ، فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود ، فقال : يا يهودي ما عملت (٣) اليوم؟ قال : ما عملت عملا إلا حطبي هذا احتملته (٤) فجئت به ، وكان معي كعكتان (٥) فأكلت واحدة ، وتصدقت بواحدة على مسكين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بها دفع الله عنه ، وقال : إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الانسان (٦).

٤٩ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن رزيق أبي العباس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أتى قوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله إن بلادنا قد قطحت وتوالت السنون علينا ، فادع الله تبارك وتعالى يرسل السماء علينا ، فأمر رسول الله (ص) بالمنبر فاخرج واجتمع الناس فصعد رسول الله (ص) ودعا ، وأمر الناس أن يؤمنوا ، فلم يلبث أن هبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد أخبر الناس أن ربك قد وعدهم أن يمطروا يوم كذا وكذا ، وساعة كذا وكذا ، فلم يزل الناس ينتظرون (٧) ذلك اليوم

__________________

(١) اصول الكافى ٢ : ٤٧٤.

(٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خ ل.

(٣) أى شئ عملت اليوم خ ل.

(٤) حملته خ ل.

(٥) الكعك ، خبز يعمل مستديرا من الدقيق والحليب والسكر أو غير ذلك ، الواحدة كعكة.

(٦) فروع الكافى ١ : ١٦٢ و ١٦٣.

(٧) في هامش نسخة المصنف : يتلومون. ما. أقول : الموجود في المجالس : يتتبعون وهو

الصحيح.

٢١

وتلك الساعة حتى إذا كانت تلك الساعة أهاج الله عزوجل ريحا فأثارت سحابا ، وجللت السماء وأرخت عزاليها ، فجاء اولئك النفر بأعيانهم إلى النبي (ص) فقالوا : يا رسول الله ادع الله لنا أن يكف السماء عنا ، فإنا قد كدنا أن نغرق ، فاجتمع الناس ودعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر الناس أن يؤمنوا على دعائه ، فقال له رجل من الناس : يا رسول الله أسمعنا فإن كل ما تقول ليس نسمع ، فقال : قولوا : اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم صبها في بطون الاودية وفي نبات الشجر (١) ، وحيث يرعى أهل الوبر ، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا (٢).

ما : الحسين بن عبدالله (٣) بن إبراهيم ، عن التلعكبري ، عن محمد بن همام بن سهل (٤) ، عن الحميري ، عن الطيالسي ، عن رزيق (٥) بن الزبير الخلقاني عنه عليه‌السلام مثله (٦).

٥٠ ـ قب ، يج ، عم : من معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أبابراء ملاعب الاسنة كان به استسقاء (٧) فبعث إليه لبيد بن ربيعة ، وأهدى له فرسين ونجائب ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا أقبل هدية مشرك ، قال لبيد : ما كنت أرى أن رجلا من مضر يرد هدية أبي براء ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو كنت

__________________

(١) في المجالس : منابت الشيخ ، أقول : الصحيح بنات الشجر : وهى الاشجار الناعمة الصغيرة أو هى العشب والنبات وقد تقدم قبلا شرح بعض ألفاظ الحديث.

(٢) روضة الكافى : ٢١٧ و ٢١٨.

(٣) هكذا في نسخة المصنف ، وفيه وهم ، والصحيح : الحسين بن عبيد الله ، وهو ابن الغضائرى المعروف

(٤) فيه وهم ، والصحيح كما في المصدر : سهيل مصغرا ، والرجل هو أبوعلى محمد بن أبى بكر همام بن سهيل الكاتب الاسكافى شيخ أصحابنا ومتقدمهم الثقة.

(٥) ذكره الشيخ في الفهرست في باب الزاى خلافا لرجاله ولفهرست النجاشى حيث فيهما رزيق بالراء وهو الظاهر من غيرهما أيضا : والحديث يدل على اتحاد أبى العباس ، رزيق وابن الزبير الخلقانى ، ويؤيد ما احتمل في التعليقة من اتحادهما. والخلقانى بضم الخاء وسكون اللام : نسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها.

(٦) مجالس الشيخ : ٧٦.

(٧) في امتاع الاسماع : كانت به الدبيلة ، والدبيلة : خراج ودمل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها.

٢٢

قابلا هدية من مشرك لقبلتها (١) قال : فإنه يستشفيك من علة أصابته في بطنه (٢) ، فأخذ حثوة من الارض فتفل عليها ثم أعطاه ، وقال : دفها بماء ثم أسقه إياه ، فأخذها متعجبا يرى أنه قد استهزئ به ، فأتاه فشربها واطلق من مرضه كأنما انشط من عقال (٢).

بيان : دفت الدواء وغيره بللته بماء أو بغيره ، وقال : نشطت الحبل : عقدته ، و أنشطته : حللته.

(باب ٧)

آخر وهو من الباب الاول ، وفيه ما ظهر من اعجازه صلى‌الله‌عليه‌وآله

*(في بركة أعضائه الشريفة ، وتكثير الطعام والشراب)*

١ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى الصوفي ، عن عبدالرحمن بن شريك ، عن أبيه ، عن عبدالله بن عاصم بن عبدالرحمن بن أبي عمرة ، عن أبيه (٤) قال : كنا بازاء الروم إذ أصاب الناس جوع فجاءت الانصار إلى رسول الله فاستأذنوه في نحر الابل ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عمربن الخطاب فقال : ماترى؟ فإن الانصار جاؤوني يستأذنوني في نحر الابل؟ فقال : يا نبي الله فكيف لنا إذا القينا العدو غدا رجالا جياعا؟ فقال : ما ترى؟ قال : مر أباطلحة فليناد في الناس بعزمة منك : لا يبقى أحد عنده طعام إلا جاء به ، وبسط الانطاع ، فجعل الرجل يجئ بالمد ونصف المد (٥) ، فنظرت إلى جميع ماجاؤوا به ، فقلت : سبعة و عشرون صاعا؟! ثمانية (٦) وعشرون صاعا؟! لا يجاوز الثلاثين واجتمع الناس يومئذ إلى

__________________

(١) ألفاظ الحديث من اعلام الورى ، والمناقب خال عن قوله : قال لبيد إلى هنا.

(٢) في المناقب : يستشفيك من الاستسقاء.

(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ١٠١. إعلام الورى : ١٩ ط ١ و ٣٨ ط ٢.

(٤) في المصدر : عاصم بن عبدالرحمن بن أبى عمرة عن أبيه ، ولعله الصحيح ، لان عاصم لم يدرك النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٥) زاد في المصدر : وثلث المد.

(٦) في المصدر : أو ثمانية.

٢٣

رسول الله (ص) وهم يومئذ أربعة آلاف رجل ، فدعا رسول الله (ص) بأكثر (١) دعاء ما سمعته قط ، ثم أدخل يده في الطعام ، ثم قال للقوم : لا يبادرن أحدكم صاحبه ، ولا يأخذن أحدكم حتى يذكر اسم الله ، فقامت أول رفقة ، فقال : اذكروا اسم الله ، ثم خذوا ، فأخذوا فملا واكل وعاء وكل شئ ، ثم قام الناس فأخذوا (٢) كل وعاء وكل شئ ، ثم بقي طعام كثير ، فقال رسول الله (ص) : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والذي نفسي بيده لا يقولها (٣) أحد إلا حرمه الله على النار (٤).

قب : أبوهريرة وأبوسعيد وواثلة بن الاسقع وعبدالله بن عاصم وبلال وعمر بن الخطاب مثله (٥).

٢ ـ فس : عن جابر قال : علمت في غزوة الخندق أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مقوى ، أى جائع ، لما رأيت على بطنه الحجر ، فقلت : يا رسول الله هل لك في الغداء؟ قال : ما عندك يا جابر؟ فقلت : عناق وصاع من شعير ، فقال : تقدم وأصلح ما عندك ، قال جابر : فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير ، وذبحت العنز وسلختها ، وأمرتها أن تخبز وتطبخ و تشوي ، فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : بأبي (٦) وأمي أنت يا رسول الله قد فرغنا ، فاحضر مع من أحببت ، فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى شفير الخندق ثم قال : يا معشر (٧) المهاجرين والانصار أجيبوا جابرا ، وكان في الخندق سبع مأة رجل ، فخرجوا كلهم ، ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والانصار إلا قال : أجيبوا جابرا ، قال جابر : فتقدمت وقلت لاهلي : قد والله أتاك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما لا قبل لك به ، فقالت : أعلمته

__________________

(١) بأكبر خ ل.

(٢) في المصدر : فأخذوا وملاء واكل وعاء.

(٣) لا يقولهما خ ل.

(٤) امالى ابن الشيخ : ١٦٣.

(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٨٩ ، وألفاظه يغاير ألفاظ الامالى كثيرا وذكر أنه كان في

غزوة تبوك راجعه

(٦) في المصدر : بأبى أنت وامى.

(٧) في المصدر : يا معاشر المهاجرين.

٢٤

أنت ما عندنا (١)؟ قال : نعم ، قالت : فهو أعلم بما أتى ، قال جابر : فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر في القدر ثم قال : اغرفي وأبقي ، ثم نظر في التنور ثم قال : أخرجي وأبقي ، ثم دعا بصحفة فثرد فيها وغرف ، فقال : يا جابر أدخل علي عشرة عشرة ، فأدخلت عشرة فأكلوا حتى نهلوا ، وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم ، ثم قال : يا جابر علي بالذراع ، فأتيته بالذراع فأكلوه ، ثم قال : أدخل عشرة فأدخلتهم (٢) حتى أكلوا ونهلوا ، وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم ثم قال : علي بالذراع ، فأكلوا وخرجوا ، ثم قال : أدخل علي عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ، وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم ، ثم قال : يا جابر علي بالذراع ، فأتيته فقلت : يا رسول الله كم للشاة من الذراع؟ قال : ذراعان ، فقلت : و الذي بعثك بالحق لقد آتيتك بثلاثة ، فقال : أما لو سكت يا جابر لاكل الناس كلهم من الذراع ، قال جابر : فأقبلت ادخل عشرة عشرة فيأكلون حتى أكلوا كلهم ، وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما (٣).

بيان : قال الجوهري : مالي به قبل ، أي طاقة ، والصحفة كالقصعة. وثردت الخبز : كسرته

٣ ـ ص : الصدوق ، عن أبيه ، عن حبيب بن الحسن ، عن محمد بن عبدالحميد العطار عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي صلوات الله عليهم قال : خرجنا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزاة وعطش الناس ، ولم يكن في المنزل ماء ، وكان في إناء قليل ماء ، فوضع أصابعه فيه فتحلب منها الماء حتى روي الناس والابل والخيل ، فتزود الناس ، وكان في العسكر اثنا عشر ألف بعير ، ومن الخيل اثنا عشر ألف فرس ، و من الناس ثلاثون ألفا (٤).

يج : مرسلا مثله ، وذكر أنه كان في غزوة تبوك.

__________________

(١) بما عندنا خ ل.

(٢) فدخلوا خ ل. وفى المصدر : فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير.

(٣) تفسير القمى : ٥١٨ و ٥١٩.

(٤) قصص الانبياء : مخطوط.

٢٥

٤ ـ ص : الصدوق ، عن محمد بن هارون ، عن موسى بن هارون ، عن حماد بن زيد ، عن هشام (١) عن محمد عن أنس قال : أرسلتني ام سليم ـ يعني امه ـ على شئ صنعته و هو مد من شعير طحنته وعصرت عليه من عكة (٢) كان فيها سمن ، فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن معه فدخل عليها ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أدخل (٣) علي عشرة عشرة ، فدخلوا فأكلوا وشبعوا حتى أتى عليهم ، قال : فقلت لانس : كم كانوا؟ قال : أربعين (٤).

٥ ـ يج : روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مر بامرأة يقال لها ام معبد لها شرف في قومها نزل بها فاعتذرت بأنه ما عندها إلا عنز لم تر لها قطرة لبن منذ سنة للجدب ، فمسح ضرعها (٥) ورواهم من لبنها ، وأبقى لهم لبنها (٦) وخيرا كثيرا ، ثم أسلم أهلها لذلك.

٦ ـ يج : روي أنه أتى امرأة من العرب يقال لها : ام شريك فاجتهدت في قراه وإكرامه ، فأخرجت عكة لها فيها بقايا سمن فالتمست فيها فلم تجد شيئا ، فأخذها فحركها بيده فامتلات سمنا عذبا ، وهي تعالجها قبل ذلك لا يخرج منها شئ ، فأروت القوم منها و أبقت فضلا عندها كافيا ، وبقى لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شرفا تتوارثه الاعقاب ، وأمر أن لا يشدوا رأس العكة.

٧ ـ عم ، يج : روي أن أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاحزاب صاروا بعرض العطب لفناء الازواد ، فهيأ رجل قوت رجل أو رجلين لا أكثر من ذلك ، فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فانقلبت القوم وهم الوف معه ، فدخل ، فقال : غطوا إناءكم فغطوه ، ثم دعا وبرك عليه فأكلوا جميعا وشبعوا ، والطعام بهيئته (٧).

__________________

(١) هشام بن محمد خ ل.

(٢) العكة بالضم : زقيق للسمن اصغر من القربة.

(٣) الخطاب لانس ، أو هو مصحف ادخلى.

(٤) قصص الانبياء : مخطوط.

(٥) فمسح بيده على ضرعها خ ل.

(٦) من لبنها خ ل.

(٧) اعلام الورى : ١٧ ط ١ ٣٦ ط ٢ ، والظاهر أن ألفاظ الحديث من الخرائج ، واما اعلام

٢٦

٨ ـ عم ، يج : روي أن أصحابه شكوا إليه في غزوة تبوك نفاد أزوادهم ، فدعا بفضلة زاد لهم فلم يوجد إلا بضع عشرة تمرة ، فطرحت بين يديه فمسها بيده ودعا ربه ، ثم صاح في الناس فانحفلوا ، وقال : كلوا بسم الله ، فأكل القوم وهم الوف ، فصاروا كأشبع ما كانوا ، وملاوا مزاودهم وأوعيتهم ، والتمرات بحالها كهيئتها يرونها عيانا لا شبهة فيه (١).

٩ ـ يج : روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ورد في غزاته هذه على ماء قليل لا يبل حلق واحد من القوم وهم عطاش ، فشكوا ذلك إليه ، فأخذ من كنانته سهما فأمر بغرزه (٢) في أسفل الركي ففار الماء إلى أعلى الركي فارتووا للمقام واستقوا للظعن ، وهم ثلاثون ألفا ، ورجال من المنافقين حضور متحيرين (٣)

يج : روي أن أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا معه في سفر فشكوا إليه أن لا ماء معهم ، وأنهم بسبيل هلاك ، فقال : كلا إن معي ربي (٤) ، عليه توكلي ، وإليه مفزعي ، فدعا بركوة فطلب ماء فلم يوجد إلا فضلة في الركوة ، وما كانت تروي رجلا ، فوضع كفه فيه فنبع الماء من بين أصابعه يجري ، فصيح في الناس فسقوا واستسقوا (٥) ، وشربواحتى نهلوا (٦) وعلوا وهم الوف ، وهو يقول : أشهد (٧) أني رسول الله حقا.

__________________

الورى فالفاظه فيه هكذا : ان اصحابه أرملوا وضاق بهم الحال ، وصاروا بمعرض الهلاك ، لفناء الازواد يوم الاحزاب ، فدعاه رجل من أصحابه إلى طعامه ، فاحتفل القوم معه فدخل وليس عند القوم الاقوت رجل أو رجلين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : غطوا اناءكم ، ثم برك عليه و قدمه والقوم الوف ، فأكلوا وصدروا كأن لم يسغبوا قط شباعا ورواء ، والطعام بحاله لم يفقدوا منه شيئا.

(١) اعلام الورى : ١٧ ط ١ و ٣٦ ط ٢ ، والظاهر أن الحديث مخرج من الخرائج وألفاظه في اعلام الورى يخالفه راجعه ، ويوجد في الخرائج حديث فيه تفصيل ذلك راجع ص ١٨٩.

(٢) أى باثباته وادخاله في أسفل الركى.

(٣) اعلام الورى : ١٧ و ١٨ ط ١ و ٣٦ ط ٢.

(٤) سيهدين خ.

(٥) واستقوا خ ل.

(٦) انهلوا خ ل.

(٧) اشهدوا خ ل.

٢٧

بيان : قال الجوهري : النهل : الشرب الاول ، وقد نهل بالكسر وأنهلته أنا ، لان الابل تسقى في أول الورد فترد إلى العطن (١) ، ثم تسقى الثانية وهي العلل فترد إلى المرعى ، يقال : عله يعله ويعله ، وعل بنفسه يتعدي ولا يتعدي ، وأعل القوم : شربت إبلهم العلل.

١١ ـ عم ، يج : روي أن قوما شكوا إليه ملوحة مائهم (٢) ، فأشرف على بئرهم وتفل فيها ، وكانت مع ملوحتها غائرة فانفجرت بالماء العذب (٣) ، فهاهي يتوارثها أهلها يعدونها أعظم مكارمهم (٤) ، وهذه البئر بظاهر مكة بموضع يسمى الزاهر ، واسمها العسيلة ، وكان مما أكد الله صدقه فيه أن قوم مسيلمة لما بلغهم ذلك سألوه مثلها ، فأتى بئرا فتفل فيها فغار ماؤها ملحا اجاجا كبول الحمير ، فهي بحالها إلى اليوم معروفة الاهل و المكان (٥).

قب : من لطائف القصص مثله (٦).

بيان : قال الفيروز آبادي : الزاهر : موضع بين مكة والتنعيم ، وقال : العسيلة كجهينة : ماء شرقي سميراء.

١٢ ـ يج : روي أن سلمان الفارسي أتاه فأخبر أنه قد كاتب مواليه على كذا و كذا ودية وهي صغار النخل كلها تعلق ، وكان العلوق أمرا غير مضمون عند العاملين على ماجرت به عادتهم ، لولا ما علم من تأييد الله لنبيه ، فأمر سلمان بضمان ذلك لهم ، فجمعها لهم ، ثم قام عليه‌السلام وغرسها بيده ، فما سقطت واحدة منها ، وبقيت علما معجزا يستشفى

__________________

(١) العطن : مبرك الابل ومربض الغنم حول الماء.

(٢) زاد في اعلام الورى : وانهم في جهد من الظماء وبعد المياه وأن لا قوة لهم على شربه فجاء معهم في جماعة أصحابه حتى أشرف.

(٣) في اعلام الورى : العذب الفرات.

(٤) في اعلام الورى : يعدونها أسنى مفاخرهم وأجل مكارمهم وانهم لصادقون ، وكان مما أكد الله به صدقه اه.

(٥) إعلام الورى : ١٨ ط ١ و ٣٦ ط ٢.

(٦) مناقب آل أبى طالب ١ : ١٠٢ و ١٠٣ ط النجف. وألفاظه تغاير المذكور راجعه.

٢٨

بتمرها (١) ، وترجى بركاتها ، وأعطاه تبرة من ذهب كبيضة الديك ، فقال : اذهب بها وأوف (٢) منها أصحاب الديون ، فقال متعجبا (٣) مستقلا لها : وأين تقع هذه مما علي؟ فأدارها على لسانه ثم أعطاها إياه وقد كانت في هيئتها الاولى ووزنها لا يفي بربع حقهم ، فذهب بها فأوفى القوم منها حقوقهم (٤).

توضيح : قوله : تعلق أي تحبل وتثمر ، والتبر بالكسر : ما كان من الذهب غير مضروب.

١٣ ـ يج : روى أنس قال : خرجت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السوق ومعي عشرة دراهم ، وأراد صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشتري عباءة ، ورأى جارية تبكي وتقول : سقط مني درهمان في زحام السوق ، ولا أجسر أن أرجع إلى مولاي ، فقال لي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطها درهمين ، فأعطيتها ، فلما اشترى صلى‌الله‌عليه‌وآله عباءة ، بعشرة دراهم وزنت ما بقي معي فإذا هي عشرة كاملة.

١٤ ـ قب ، يج : روي أن أبا هريرة قال : أتيت رسول الله (ص) يوما بتمرات فقلت : ادع الله لي بالبركة فيهن ، فدعا ثم قال : خذهن فاجعلهن في المزود ، إذا أردت شيئا فأدخل يدك فيه ولا تنثره ، قال : فلقد حملت من ذلك التمر أوسقا (٥) وكنا نأكل ونطعم ، وكان لا يفارق حقوي ، فارتكبت مأثما فانقطع وذهب ، وهو (٦) أنه كتم الشهادة لعلي عليه‌السلام ثم تاب فدعا له علي عليه‌السلام فصار كما كان ، فلما خرج إلى معاوية ذهب وانقطع (٧)

١٥ ـ يج : روي عن أياس بن سلمة ، عن أبيه قال : خرجت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا غلام حدث ، وتركت أهلي ومالي إلى الله (٨) ورسوله ، فقدمنا الحديبية مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) بثمرتها خ ل.

(٢) وأوف بها خ ل.

(٣) متعجبا به خ ل. في المصدر : متعجبا بها ، أقول : استقله : عده ورآه قليلا.

(٤) الخرائج : ١٨٣ ، أقول : والخرائج المطبوع سقط عنه كثير من الاحاديث المتقدمة والاتية.

(٥) أوسقا منه خ ل وفى المناقب : كذا وكذا وسقا.

(٦) وقيل : إنه.

(٧) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٤.

(٨) على الله خ ل.

٢٩

حتى قعد على مياهها وهي قليلة ، قال : فإما بصق فيها وإما دعا فما نزفت بعد (١).

١٦ ـ يج : روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخرج في الليلة ثلاث مرات إلى المسجد ، فخرج في آخر ليلة وكان يبيت عند المنبر مساكين ، فدعا بجارية تقوم على نسائه فقال : ائتيني بما عندكم ، فأتته ببرمة (٢) ليس فيها إلا شئ يسير ، فوضعها ، ثم أيقظ عشرة و قال كلوا بسم الله ، فأكلوا حتى شبعوا ، ثم أيقظ عشرة فقال : كلوا بسم الله ، فأكلوا حتى شبعوا ، ثم هكذا ، وبقي في القدر بقية ، فقال : اذهبي بهذا إليهم.

١٧ ـ يج : روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان رسول الله (ص) يأتي مراضع فاطمة فيتفل في أفواههم ويقول لفاطمة : لا ترضعيهم.

١٨ ـ يج : روي عن سلمان قال : كنت صائما فلم أقدر إلا على الماء ثلاثا ، فأخبرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، فقال : اذهب بنا ، قال : فمررنا فلم نصب شيئا إلّا عنزه ، فقال رسول الله لصاحبها : قربها ، قال : حائل (٣) ، قال : قربها ، فقربها فمسح موضع ضرعها فانسدلت ، قال : قرب قعبك ، فجاء به فملاه لبنا ، فأعطاه صاحب العنز فقال : اشرب ، ثم ملا القدح فناولني إياه فشربته ، ثم أخذ القدح فملاه فشرب.

١٩ ـ يج : روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في سفر فمر على بعير قد أعيا وأقام على أصحابه ، فدعا بماء فتمضمض منه في إناء وتوضأ وقال : افتح فاه ، وصبه في فيه (٤) وعلى رأسه ، ثم قال : «اللهم احمل جلاد وعامرا ورفيقهما» وهما صاحبا الجمل ، فركبوه وإنه ليهتز بمهم أمام الخيل (٥).

٢٠ ـ يج : روي أن عليا عليه‌السلام قال : دخلت السوق فابتعت لحما بدرهم وذرة بدرهم فأتيت بهما فاطمة عليها‌السلام حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت : لو أتيت أبي

__________________

(١) أى فما نفدت بعده.

(٢) البرمة : القدر من الحجر.

(٣) الحائل. كل انثى لا تحمل. والقعب : القدح.

(٤) صب في فيه من ذلك الماء خ ل.

(٥) يمشى أمام الخيل خ ل.

٣٠

فدعوته ، فخرجت وهو مضطجع (١) يقول : أعوذ بالله من الجوع ضجيعا ، فقلت : يا رسول الله عندنا طعام فاتكأ علي ومضينا نحو فاطمة عليها‌السلام فلما دخلنا قال : هلمي طعامك يا فاطمة فقدمت إليه البرمة والقرص ، فغطى القرص وقال : « اللهم بارك لنا في طعامنا » ثم قال : اغرفي لعائشة فغرفت ، ثم قال : اغرفي لام سلمة ، فما زالت تغرف حتى وجهت إلى النساء التسع بقرصة قرصة ومرق ، ثم قال : اغرفي لابيك وبعلك ، ثم قال اغرفي وأهدي لجيرانك ففعلت ، وبقي عندهم ما يأكلون أياما.

٢١ ـ يج : روي أنه أقبل إلى الحديبية وفي الطريق وشل (٢) بقدر ما يروي الراكب والراكبين ، وقال : من سبقنا إلى الماء فلا يسقين ، فلما انتهى إلى الماء دعا بقدح فتمضمض فيه ثم صبه في الماء فشربوا وملاوا أداواهم ومياضيهم (٣) وتوضأوا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لئن بقيتم أو من بقي منكم ليسمعن يسقي (٤) ما بين يديه من كثرة مائه ، فوجدوا من ذلك ماقال.

٢٢ ـ يج : روي أن بنت عبدالله بن رواحة الانصاري مرت به أيام حفرهم الخندق فقال لها من تريدين؟ فقالت : أتي عبدالله بهذه التمرات ، فقال : هاتيهن ، فنثرت في كفه ثم دعا بالانطاع ، ثم نادى : هلموا فكلوا ، فأكلوا فشبعوا وحملوا ما أرادوا معهم ودفع ما بقي إليها.

٢٣ ـ يج : روي أنه كان في سفر فأجهد الناس جوعا ، فقال : من كان معه زاد فليأتنا فأتاه نفر بمقدار صاع ، بالازر والانطاع ، ثم صفف (٥) التمر عليها ودعا ربه ، فأكثر الله ذلك التمر حتى كان أزوادهم إلى المدينة.

٢٤ ـ يج : روي عن جابر قال : استشهد والدي بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم أحد وهو ابن مأتي سنة. وكان عليه دين ، فلقيني رسول الله (ص) يوما فقال : ما فعل دين أبيك؟

__________________

(١) وهو يقول خ ل وقد مر الحديث ص ٢٣٢ ج ١٧.

(٢) الوشل : الماء القليل يتحلب من صخر أو جبل.

(٣) الاداوى جمع الاداوة : اناء صغير من جلد. والمياضى جمع المضياة : المطهرة.

(٤) سقى خ ل.

(٥) صب خ ل.

٣١

فقلت : على حاله ، فقال : لمن هذا (١)؟ قلت : لفلان اليهودي ، قال : متى حينه؟ قلت : وقت جفاف التمر قال : إذا جف التمر فلا تحدث فيه حتى تعلمني ، واجعل كل صنف من التمر على حدة (٢) ، ففعلت ذلك وأخبرته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصار معي إلى التمر وأخذ من كل صنف قبضة بيده وردها فيه ، ثم قال : هات اليهودي فدعوته فقال له رسول الله : اختر من هذا التمر أي صنف شئت ، فخذ دينك منه ، فقال اليهودي : وأي مقدار لهذا التمر كله حتى آخذ صنفا بينه (٣)؟ ولعل كله لا يفي بديني ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اختر أي صنف شئت فابتدئ به ، فأومأ إلى صنف الصيحاني فقال : أبتدئ به فقال (٤) : بسم الله ، فلم يزل يكيل منه حتى استوفى منه دينه كله ، والصنف على حاله ما نقص منه شئ ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جابر هل بقي لاحد عليك شئ من دينه قلت : لا ، قال : فاحمل تمرك بارك الله لك فيه ، فحملته إلى منزلي وكفانا السنة كلها ، فكنا نبيع منه لنفقتنا ومؤونتنا ونأكل منه ونهب منه ونهدي إلى وقت التمر الجديد (٥) ، والتمر على حاله إلى أن جاءنا الجديد (٦).

٢٥ ـ يج : روي عن جابر قال : لما اجتمعت الاحزاب من العرب لحرب الخندق واستشار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المهاجرين والانصار في ذلك فقال سلمان : أن العجم إذا حزبها (٧) أمر مثل هذا اتخذوا الخنادق حول بلدانهم ، وجعلوا القتال من وجه واحد ، فأوحى الله إليه أن يفعل مثل ما قال سلمان ، فخط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الخندق حول المدينة ، وقسمه بين المهاجرين والانصار بالذراع ، فجعل لكل عشرة منهم عشرة أذرع ، قال جابر : فظهرت يوما من الخط لناصخره عظيمة لم يمكن كسرها ، ولا كانت المعاول تعمل فيها ، فأرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاخبره بخبرها ، فصرت إليه فوجدته مستلقيا وقد شد على بطنه الحجر ، فأخبرته بخبر الحجر ، فقام مسرعا فأخذ الماء في فمه فرشه على الصخرة ،

__________________

(١) ممن هو؟

(٢) على حاله خ ل.

(٣) حتى أختار صنفا منه خ ل.

(٤) افعل خ.

(٥ و ٦) الحديث خ ل.

(٧) حزبه أمر : أصابه واشتد عليه.

٣٢

ثم ضرب المعول بيده وسط الصخرة برقت منها برقة ، فنظر المسلمون فيها إلى قصور اليمن وبلدانها ، ثم ضربها ضربة اخرى فبرقت برقة اخرى نظر (١) المسلمون فيها إلى قصور العراق وفارس ومدنها ، ثم ضربها الثالثة فانهارت الصخرة (٢) قطعا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما الذي رأيتم في كل برقة؟ قالوا : رأينا في الاولى كذا ، وفي الثانية كذا ، وفي الثالثة كذا قال سيفتح الله عليكم ما رأيتموه ، قال جابر : وكان في منزلي صاع من شعير وشاة مشدودة فصرت إلى أهلي فقلت : رأيت الحجر على بطن رسول الله (ص) وأظنه جائعا ، فلو أصلحنا هذا الشعير وهذه الشاة ودعونا رسول الله (ص) إلينا كان لنا قربة عند الله ، قالت : فاذهب فأعلمه ، فإن أذن فعلناه ، فذهبت فقلت له : يا رسول الله إن رأيت أن تجعل غداءك اليوم عندنا ، قال : وما عندك؟ قلت : صاع من الشعير وشاة ، قال : أفأصير إليك مع من احب أو أنا وحدي؟ قال : فكرهت أن أقول : أنت وحدك قلت : بل مع من تحب ، وظننته يريد عليا عليه‌السلام بذلك ، فرجعت إلى أهلي فقلت : أصلحي أنت الشعير ، وأنا أصلح (٣) الشاة ، ففرغنا من ذلك ، وجعلنا الشاة كلها قطعا في قدر واحدة وماء وملحا ، وخبزت أهلي ذلك الدقيق ، فصرت إليه وقلت : يا رسول الله قد أصلحنا ذلك ، فوقف على شفير الخندق ونادى بأعلى صوته : يامعشر المسلمين أجيبوا دعوة جابر ، فخرج جميع المهاجرين والانصار ، فخرج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ والناس (٤) ولم يكن بمر بملا من أهل المدينة إلا قال : أجيبوا دعوة جابر فأسرعت إلى أهلي (٥) وقلت : قد أتانا مالا قبل لنا به ، و عرفتها خبر الجماعة ، فقالت : ألست قد عرفت رسول الله ما عندنا؟! قلت : بلى ، قالت ، فلا عليك هو أعلم بما يفعل ، فكانت أهلي أفقه مني ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الناس بالجلوس خارج الدار ، ودخل هو وعلي الدار ، فنظر في التنور والخبز فيه فتفل فيه وكشف القدر فنظر فيها ، ثم قال للمرأة : اقلعي من التنور رغيفا رغيفا ، وناوليني واحد

__________________

(١) فنظر خ ل.

(٢) أى انصدعت الصخرة وسقطت قطعا.

(٣) أسلخ خ ل.

(٤) والناس خلفه خ ل.

(٥) نحو أهلى خ ل.

٣٣

بعد واحد ، فجعلت تقلع رغيفا وتناوله إياه ، وهو وعلي يثردان في الجفنة ، ثم تعود المرأة إلى التنور فتجد مكان الرغيف الذي قلعته (١) رغيفا آخر ، فلما امتلات الجفنة بالثريد غرف عليها (٢) من القدر ، وقال : أدخل علي عشرة من الناس ، فدخلوا وأكلوا حتى شبعوا ، ثم قال : يا جابر ايتني بالذراع ، ثم قال : أدخل علي عشرة ، فدخلوا وأكلوا حتى شبعوا ، والثريد بحاله ، ثم قال : هات الذراع فأتيته به فقال : أدخل عشرة فأكلوا وشبعوا ، ثم قال : هات الذراع ، قلت : كم للشاة من ذراع؟ قال : ذراعان ، قلت : قدآتيت بثلاث أذرع ، قال : لو سكت لاكل الجميع من الذراع ، فلم يزل يدخل عشرة ، ويخرج عشرة حتى أكل الناس جميعا ، ثم قال : تعالى حتى نأكل نحن وأنت. فأكلت أنا ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام وخرجنا ، والخبز في التنور بحاله (٣) ، والقدر على حالها والثريد في الجفنة على حاله ، فعشنا أياما بذلك.

٢٦ ـ يج : روي أن أعرابيا جاء إليه فشكى إليه نضوب ماء بئرهم ، فأخذ حصاة أو حصاتين وفركها بأنامله ، ثم أعطاها الاعرابي وقال : ارمها بالبئر ، فلما رماها فيها فار الماء إلى رأسها.

بيان : نضب الماء نضوبا ، أي غار في الارض وسفل.

٢٧ ـ يج : روي عن زياد بن الحارث الصيدائي (٤) صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه بعث جيشا إلى قومي ، فقلت : يا رسول الله اردد الجيش وأنا لك بإسلام قومي (٥) ، فرده ، فكتبت إليهم كتابا فقدم وفدهم بإسلامهم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنك لمطاع في قومك ، قلت : بل الله

__________________

(١) اقتلعته خ ل.

(٢) غرف عليه خ ل.

(٣) على حاله خ ل.

(٤) هكذا في النسخة ، وفى المصدر الصيداوى ، وفيهما وهم والصحيح : الصدائى بضم الصاد

نسبة إلى صداء واسمه الحارث بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج ، وقيل : اسمه يزيد بن حرب بن

علة بن جلد بن مالك وهو مذحج وهى قبيلة من اليمن.

(٥) في المصدر : وأنا أضمن لك باسلام قومى.

٣٤

هداهم للاسلام ، فكتب إلي كتابا يؤمرني ، قلت : مر لي بشئ من صدقاتهم ، فكتب (١)

وكان في سفر له فنزل منزلا فأتاه أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم ، فقال : لا خير في الامارة لرجل مؤمن (٢) ، ثم أتاه آخر فقال : أعطني ، فقال من سأل الناس عن ظهر (٣) غني فصداع في الرأس وداء في البطن ، فقال : أعطني من الصدقة ، فقال : إن الله لم يرض فيها بحكم نبي ولا غيره حتى حكم هو فيها ، فجزاها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الاجزاء أعطيناك حقك.

قال الصيدائي (٤) : فدخل في نفسي من ذلك شئ فأتيته بالكتابين ، قال : فدلني على رجل اؤمره عليكم ، فدللته على رجل من الوفد ، ثم قلنا : إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا عليها ، وإذا كان الصيف قل ماؤها وتفرقنا على مياه حولنا ، وقد أسلمنا ، وكل من حولنا لنا أعداء ، فادع الله لنا في بئرنا أن لا تمنعنا ماءها فنجتمع عليها ولا نتفرق ، فدعا بسبع حصيات ففركهن في يده ودعا فيهن ثم قال : اذهبوا بهذه الحصيات فإذا أتيتم البئر فألقوا واحدة واذكروا اسم الله ، قال زياد ففعلنا ما قال لنا ، فما استطعنا بعد (٥) أن ننظر إلى قعر البئر ببركة رسول الله (٦).

بيان : قوله : بإسلام ، أي ضامن أو كفيل أو رهن بإسلام قومي.

٢٨ ـ قب : رأى صلى‌الله‌عليه‌وآله عمرة بنت رواحة تذهب بتميرات إلى أبيها يوم الخندق ، فقال : اجعليها على يدي ، ثم جعلها على نطع فجعل يربو حتى أكل منه ثلاثة آلاف رجل.

ومنه حديث علي بن أبي طالب عليه‌السلام وقد طبخ له ضلعا وقت بيعة العشيرة.

__________________

(١) في الصمدر : يومرنى عليهم. وفيه : فكتب لى بذلك.

(٢) في المصدر : إلا لرجل مؤمن.

(٣) في النهاية : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى أى ما كان عفوا قد فضل عن غنى ، وقيل : أراد ما فضل عن العيال ، والظهر قد يزاد في مثل هذا اشباعا للكلام وتمكينا ، كأن صدقته مستندة إلى ظهر قوى من المال.

(٤) الصحيح : الصدائى كما تقدم والمراد بالكتابين : ما كتبه صلى‌الله‌عليه‌وآله في تاميره وأخذ الصدقات.

(٥) في المصدر : بعد ذلك.

(٦) الخرائج : ٢٢١ و ٢٢٢. وقد مر الحديث في ج ١٧ ص ٢٣٤ و ٢٣٩ فراجعه.

٣٥

البخاري عن جابر الانصاري في حديث حفر الخندق : فلما رأيت ضعف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله طبخت جديا ، وخبزت صاع شعير ، وقلت : رسول الله (١)! تكرمني بكذى وكذى ، فقال : لا ترفع القدر من النار ، ولا الخبز من التنور ، ثم قال : يا قوم قوموا إلى بيت جابر فأتوا وهم سبعمأة رجل ، وفي رواية ثمانمأة ، وفي رواية ألف رجل ، فلم يكن موضع الجلوس ، فكان يشير إلى الحائط والحائط يبعد حتى تمكنوا ، فجعل يطعمهم بنفسه حتى شبعوا ، ولم يزل يأكل ويهدي إلى قومنا أجمع ، فلما خرجوا أتيت القدر فإذا هو مملو والتنور محشو.

روى أنس أنه أرسلني أبوطلحة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما رأى فيه أثر الجوع ، فلما رآني قال : أرسلك أبوطلحة؟ قلت : نعم ، فقال لمن معه : قوموا ، فقال أبوطلحة : يا ام سليم قد جاء رسول الله (ص) بالناس ، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ام سليم هلمي بما عندك ، فجاءت بأقراص من شعير ، فأمر به ففت (٢) ، وعصرت ام سليم عكة سمن ، فأخذها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم وضع يده على رأس الثريد ، وكان يدعو بعشرة عشرة فأكلوا حتى شبعوا ، وكانو سبعين أو ثمانين رجلا.

وروى أبوهريرة في أصحاب الصفة : وقد وضعت بين أيديهم صحفة ، فوضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يده فيها فأكلوا ، وبقيت ملاى فيها (٣) أثر الاصابع.

ومثله حديث ثابت البناني عن أنس في عرس زينب بنت جحش.

وروي أن ام شريك أهدت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عكة فيها سمن ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الخادم ففرغها وردها خالية ، فجاءت ام شريك ووجدت العكة ملاى فلم تزل تأخذ منها السمن زمانا طويلا ، وأبقى لها شرفا.

وأعطى صلى‌الله‌عليه‌وآله لعجوز قصعة فيها عسل فكانت تأكل ولا يفنى ، فيوما من الايام حولت ما كان فيها إلى إناء ففني سريعا ، فجاءت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبرته بذلك ، فقال

__________________

(١) في المصدر : يا رسول الله.

(٢) فأمر بها ففتت خ ل.

(٣) ما فيها خ ل.

٣٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الاول كان من فعل الله وصنعه ، والثاني كان من فعلك.

وقال جابر : إن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يستطعمه فطعمه وسق شعير ، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته ووصيفهما حتى كاله ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره ، فقال : لو لم تكليوه لاكلتم منه ، ولقام بكم.

جابر بن عبدالله والبراء بن عازب وسلمة بن الاكوع والمسوربن مخرمة : فلما : نزل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحديبية في ألف وخمسمأة وذلك في حر شديد قالوا : يا رسول الله ما بها من ماء ، والوادي يابس ، وقريش في بلدح (١) في ماء كثير ، فدعا بدلو من ماء فتوضأ من الدلو ومضمض فاه ، ثم مج فيه ، وأمر أن يصب في البئر ، فجاشت فسقينا واستقينا. وفي رواية ، فنزع سهما من كنانته فألقاه في البئر ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس على شفتها.

أبوعوانة وأبوهريرة أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ناجية بن عمر ونشابة وأمر أن يغرزها في البئر فامتلا البئر ماء ، فأتته امرأة وأنشأت :

يا أيها الماتح دلوي دونكا

إني رأيت الناس يحمدونكا

يثنون خيرا ويمجدونكا

أرجوك للخير كما يرجونكا

فأجابها ناجية :

قد علمت جارية بمائية (٢)

أني الماتح واسمي ناجيه

وطعنة ذات رشاش واهية

طعنتها تحت صدور العاتيه

وفي رواية أنه دفعها إلى البراء بن عازب فقال : أغرز هذا السهم في بعض قلب (٣) الحديبية ، فجاءت قريش ومعهم سبيل بن عمرو فأشرفوا على القليب ، والعيون تنبع تحت السهم ، فقالت : ما رأينا كاليوم قط ، وهذا من سحر محمد قليل ، فلما أمر الناس بالرحيل قال : خذوا حاجتكم من الماء ، ثم قال للبراء : اذهب فرد السهم ، فلما فرغوا وارتحلوا

__________________

(١) بلدح : واد قبل مكة من جهة المغرب.

(٢) في المصدر : يمانية وفى سيرة ابن هشام : المائح في الموضعين.

(٣) القلب جمع القليب : البئر.

٣٧

أخذ البراء السهم فجف الماء كأنه لم يكن هناك ماء.

أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني في بعض غزواته وقد نفد الماء يا علي قم وائت بتور (١) ، قال : فأتيته فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور ، فقال : انبع فنبع.

وفي رواية سالم بن أبي الجعد وأنس : فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون فشربنا ووسعنا (٢) ، وذلك في يوم الشجرة ، وكانوا (٣) في ألف وخمسمأة رجل.

وشكى أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه في غزوة تبوك من العطش ، فدفع سهما إلى رجل فقال : انزل فاغرزه في الركي ، ففعل ففار الماء ، فطما (٤) إلى أعلى الركي فارتوى منه ثلاثون ألف رجل في دوابهم.

ووضع عليه‌السلام يده تحت وشل بوادي المشقق (٥) فجعل ينصب في يديه فانخرق الماء حتى سمع له حس كحس الصواعق ، فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لئن بقيتم أو بقي منكم أحد ليسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه قيل : وهو إلى اليوم كما قاله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وفي رواية أبي قتادة : كان يتفجر الماء من بين أصابعه لما وضع يده فيها حتى شرب الجيش العظيم ، وسقوا وتزودوا في غزوة بني المصطلق.

وفي رواية علقمة بن عبدالله : أنه وضع يده في الاناء فجعل الماء يفور من بين أصابعه فقال : حي (٦) على الوضوء والبركة من الله فتوضأ القوم كلهم.

__________________

(١) التور : اناء صغير.

(٢) في المصدر : وشبعنا.

(٣) خلا المصدر عن لفظة(في).

(٤) طما الماء : ارتفع وملاء الركى.

(٥) المشقق : واد في طريق تبوك ، قال ياقوت في معجم البلدان : قال ابن اسحاق في غزوة تبوك : وكان في الطريق ماء يخرج من وشل ما يروى الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له : المشقق اه. ثم ذكر الحديث بتفصيله.

(٦) أى هلموا وأقبلوا على الوضوء.

٣٨

وفي حديث أبي ليلي : شكونا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من العطش ، فأمر بحفرة فحفرت فوضع عليها نطعا ، ووضع يده على النطع ، وقال : هل من ماء؟ فقال لصاحب الاداوة : صب الماء على كفي واذكر اسم الله ، ففعل فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله (ص) حتى روي القوم وسقوا ركابهم.

وشكى إليه الجيش في بعض غزواته فقدان الماء ، فوضع صلى‌الله‌عليه‌وآله يده في القدح فضاق القدح عن يده ، فقال للناس : اشربوا فشرب الجيش وأسقوا وتوضؤوا وملؤوا المزاود (١).

محمد بن المنكدر : سمعت جابرا يقول : جاء رسول الله (ص) يعودني وأنا مريض لا أعقل ، فتوضأ وصب علي من وضوئه ، فعقلت ، الخبر.

وشكى إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله طفيل العامري الجذام فد عابر كوة ثم تفل فيها وأمره أن يغتسل به ، فاغتسل فعاد صحيحا.

وأتاه صلى‌الله‌عليه‌وآله حسان بن عمرو الخزاعي مجذوما فدعا له بماء فتفل فيه ثم أمره فصبه على نفسه ، فخرج من علته ، فأسلم قومه.

وأتاه صلى‌الله‌عليه‌وآله قيس اللخمي وبه برص فتفل عليه فبرئ.

محمد بن خاطب (٢) : انكب القدر على ساعدي في الصغر ، فأتت بي امي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالت : فتفل في في ومسح على ذراعي وجعل يقول ويتفل : « اذهب البأس رب الناس! واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقما » فبرئ بإذن الله :

الفائق : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح على رأس غلام وقال : عش قرنا ، فعاش مأة. وإن امرأة أتته صلى‌الله‌عليه‌وآله بصبي لها للتبرك ، وكانت به عاهة ، فمسح يده على رأس الصبي فاستوى شعره وبرئ داؤه.

__________________

(١) مناقب آل أبى طالب ١ : ٨٩ ـ ٩٢.

(٢) هكذا في النسخة والمصدر ، والظاهر أنه مصحف حاطب بالحاء المهملة ، والرجل هو محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر الجمحى الكوفى ، صحابى صغير مات سنة ٧٤. راجع التقريب : ٤٤٠.

٣٩

وروى ابن بطة أن الصبي كان المهلب ، وبلغ ذلك أهل اليمامة فأتت امرأة مسيلمة بصبي لها فمسح رأسه فصلع ، وبقي نسله إلى يومنا هذا.

وقطع يد أنصاري وهو عبدالله بن عتيك في حرب احد فألزقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونفخ عليه فصار كما كان.

وتفل صلى‌الله‌عليه‌وآله في عين علي عليه‌السلام وهو أرمد يوم خيبر فصح من وقته. وفقئ في احد عين قتادة بن ربعي أو قتادة بن النعمان الانصاري فقال : يا رسول الله الغوث الغوث ، فأخذها بيده فردها مكانها فكانت أصحهما ، وكانت تعتل الباقية ولا تعتل المردودة ، فلقب ذا العينين ، أي له عينان مكان الواحدة ، فقال الخرنق الاوسي :

ومنا الذي سالت على الخد عينه

فردت بكف المصطفى أحسن الرد

فعادت كما كانت لاحسن حالها

فياطب ما عيني ويا طيب ما يدي

واصيبت رجل بعض أصحابه فمسحها بيده فبرأت من حينها ،

وأصاب محمد بن مسلمة يوم قتل كعب بن الاشرف مثل ذلك في عيني ركبتيه (١) ، فمسحه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيده فلم تبن من اختها.

وأصاب عبدالله بن انيس مثل ذلك في عينه فمسحها فما عرفت من الاخرى.

عروة بن الزبير ، عن زهرة قال : أسلمت فاصيب بصرها ، فقالوا لها : أصابك اللات والعزى ، فرد صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها بصرها ، فقالت : قريش : لو كان ماجاء محمد خيرا ما سبقتنا إليه زهرة ، فنزل : « وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه » الآية (٢).

وأنفذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عبدالله بن عتيك إلى حصن أبي رافع اليهودي فدخل عليه بغتة فإذا أبورافع في بيت مظلم لا يدري أين هو ، فقال : أبارافع! قال : من هذا؟ فأهوى نحو الصوت فضربه ضربة وخرج ، فصاح أبورافع ، ثم دخل عليه فقال : ما هذا الصوت يا أبا رافع

__________________

(١) احدى عينى ركبتيه ظ.

(٢) الاحقاف : ١١.

٤٠