بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

(باب ٦)

*( معجزاته في استجابة دعائه في احياء الموتى ، والتكلم معهم )*

*( وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع )*

١ ـ جا ، ما : المفيد ، عن علي بن بلال ، عن النعمان بن أحمد ، عن إبراهيم بن عرفة ، عن أحمد بن رشيد بن خيثم (١) ، عن عمه سعيد ، عن مسلم الغلابي قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : والله يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير ولا غنم يغط ، ثم أنشأ يقول :

أتيناك يا خير البرية كلها

لترحمنا مما لقينا من الازل

أتيناك والعذراء يدمي لبانها

وقد شغلت ام البنين (٢) عن الطفل

وألقى بكفيه الفتى اسكانة

من الجوع ضعفا لا يمر ولا يحلي

ولا شئ مما يأكل الناس عندنا

سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل

وليس لنا إلا إليك ، فرارنا

وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاصحابه : إن هذا الاعرابي بشكو قلّة المطر وقحطا شديدا ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فكان فيما حمده به أن قال : « الحمد الله الذي علا في السماء فكان عاليا ، وفي الارض قريبا دانيا ، أقرب إلينا من حبل الوريد » ورفع يديه إلى السماء وقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا ،

__________________

(١) هكذا في الكتاب ، والصحيح : خيثم بتقديم المثلثة على الياء كمافى التقريب.

(٢) في المجالس : ام الصبى.

١

عاجلا غير رائث ، نافعا غير ضار ، تملا به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي به الارض بعد موتها فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالاكليل ، وألقت السماء بأرواقها وجاء أهل البطاح يصيحون (١) : يا رسول الله الغرق الغرق ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم حوالينا ولا علينا » فانجاب السحاب عن السماء ، فضحك رسول الله (ص) وقال : لله در أبي طالب ، لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله؟ فقام عمر فقال : عسى أردت يا رسول الله :

وما حملت من ناقة فوق ظهرها

أبر وأوفى ذمة من محمد

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس هذا من قول أبي طالب هذا من قول حسان بن ثابت ، فقام علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : كأنك أردت يا رسول الله.

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ربيع اليتامى عصمة للارامل

تلوذ به الهلاك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة وفواضل

كذبتم وبيت الله : يبزى (٢) محمد

ولما نماصع دونه ونقاتل

ونسلمه حتى نصرع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال رسول الله : أجل ، فقام رجل من بني كنانة فقال :

لك الحمد والحمد ممن شكر

سقينا بوجه النبي المطر

دعا الله خالقه دعوة

وأشخص منه إليه البصر

فلم يك إلا كألقى الرداء

وأسرع حتى أتانا الدرر

دفاق العزائل جم البعاق

أغاث به الله عليا مضر

فكان كما قاله عمه

أبوطالب ذا رواء أغر (٣)

به الله يسقي صيوب الغمام

فهذا العيان وذاك الخبر

__________________

(١) في المصدر : يضجون.

(٢) في المجالس : نبزى ، وهو الموافق لما في سيرة ابن هشام. وفيه وفى السيرة ايضا : ولما نطاعن. قوله : يبزى أى يقهر ونماصع أى تقاتل ونجالد.

(٣) في المجالس : إذ رآه أغر.

٢

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا كناني بواك الله بكل بيت قلته بيتا في الجنة (١).

قب : مرسلا مثله (٢) ثم قال : والسبب في ذلك أنه كان قحط في زمن أبي طالب ، فقالت قريش : اعتمدوا اللات والعزى ، وقال آخرون : اعتمدوا المناة (٣) الثالثة الاخرى فقال ورقة بن نوفل : أنى تؤفكون وفيكم بقية إبراهيم ، وسلالة إسماعيل أبوطالب؟ فاستسقوه فخرج أبوطالب وحوله اغيلمة من بني عبدالمطلب ، وسطهم غلام كأنه شمس دجنة تجلت عنها غمامة (٤) ، فأسند ظهره إلى الكعبة ولاذ بإصبعه؟ وبصبصت الاغلمة حوله فأقبل السحاب في الحال فأنشأ أبوطالب اللامية (٥).

بيان : قال الجزري : في حديث الاستسقاء لقد أتيناك ومالنا بعير يئط ، أي يحن ويصيح ، يريد مالنا بعير أصلا ، لان البعير لابد أن يئط ، وقال : الغطيط : الصوت الذي يخرج مع نفس النائم ، ومنه الحديث : والله ما يغط لنا بعير ، غط البعير : إذا هدر في الشقشقة ، فإن لم يكن في الشقشقة فهو هدير ، والازل : الشدة والضيق. وقال في قوله : يدمي لبانها : أي يدمي صدرها لامتهانها نفسها في الخدمة حيث لا تجد ماتعطيه من يخدمها من الجدب و شدة الزمان ، وأصل اللبان في الفرس ، موضع اللبب من الصدر ، ثم استعير للناس ، وقال في قوله : ما يمر وما يحلي ، أي ما ينطق بخير ولاشر من الجوع والضعف ، وقال : الحنظل العامي منسوب إلى العام ، لانه يتخذ في عام الجدب ، كما قالوا للجدب : السنة ، و العلهز بكسر العين وسكون اللام وكسرالهاء قال : هو شئ يتخذونه في سني المجاعة ، يخلطون الدم بأوبار الابل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه ، وقيل : كانوا يخلطون فيه القردان ، ويقال للقراد الضخم : علهز ، وقيل : العلهز شئ ينبت ببلاد سليم ، له أصل كأصل البردي (٦) والفسل هو الردي الرذل من كل شئ ، قال : ويروى بالشين المعجمة ، أي الضعيف ،

__________________

(١) مجالس المفيد : ١٧٨ ـ ١٨٠. امالى ابن الشيخ : ٤٥ ـ ٤٧.

(٢) وفيه اختلاف كثير في اللفظ والمعنى ، ولم يذكر حديث الكنانى.

(٣) في المصدر : مناة الثالثة بحذف حرف التعريف.

(٤) غمامها خ ل.

(٥) مناقب آل ابى طالب ١ : ١١٩.

(٦) البردى : نبت رخو ينبت في ديار المصر كثيرا يمضغ أصله كقصب السكر ويتخذ منه القرطاس وقيل : له ورق كخوص النخل ، فارسية : لوخ.

٣

يعني الفشل مدخره وآكله ، فصرف الوصف إلى العلهز ، وهو في الحقيفة لآكله ، وقال بأرواقها ، أي بجميع ما فيها من الماء ، والارواق الاثقال ، أراد مياهها المثقلة للسحاب. انتهى.

والبطاح بالكسر جمع الابطح وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى ، والدرر بالكسر جمع درة ، يقال : للسحاب درة أي صب واندفاق ، وقال الجزري ، الدفاق : المطر الواسع الكثير ، والعزائل ، أصله العزالى هي مثل الشائك والشاكي ، والعزالى جمع العزلاء وهو فم المزادة الاسفل فشبه اتساع المطر واندفافه بالذي يخرج من فم المزادة ، والبعاق بالضم : المطر الغزير الكثير الواسع ، والرواء بالضم المد : المنظر الحسن انتهى.

وقال الفيروز آبادي عليا مضر بالضم والقصر : أعلاها. والاغر الابيض والشريف والصوب والصيوب ، الانصباب ، والدجن : إلباس الغيم الارض وأقطار السماء ، والدجنة بالضم (١) وبضمتين مع تشديد النون : الظلمة ، والاغلمة من جموع الغلام.

أقول : سيأتي شرح أبيات أبي طالب في باب أحواله عليه‌السلام.

٢ ـ جا ، ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن الحسين (٢) بن الهاد بن حمزة أبوعلي من أصل كتابه ، عن الحسن بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، عن محمد بن سليمان الاصفهاني عن عبدالرحمن الاصفهاني (٣) ، عن عبدالرحمن بن أبى ليلى ، عن علي بن أبى طالب قال : دعاني النبى (ص) وأنا أرمد العين ، فتفل في عيني ، وشد العمامة على رأسي ، وقال : « اللهم أذهب عنه الحر والبرد » فما وجدت بعدها حرا ولا بردا (٤).

__________________

(١) وسكون الجيم. ويقال ايضا : الدجنة بكسرتين ، وفتح الدال مع كسر الجيم.

(٢) في الامالى : الحسن بن الهاد ، وفى المجالس : الحسن بن حماد ، ولعل الاخير صحيح وهو الحسن بن حماد المترجم في التقريب : ١٠٤. قوله : أبوعلى فيه تصحيف والصحيح : أبي على ، و في الاصل : حدثنى الحسن... أبوعلى ، فبدل حدثنى بقوله : عن الحسن ، ونسى أن يجر الكنية.

(٣) في الامالى : عبدالله الاصفهانى ، ففيه وهم ، والصحيح ما في الصلب ، والرجل هو عبد الرحمن بن عبدالله الاصفهانى الكوفى الجهنى ، (ويقال له : الجدلى ايضا كان يتجر إلى اصبهان) لرواية ابن أخيه محمد بن سليمان عنه ، وروايته عن عبدالرحمن بن أبى ليلى ، راجع تهذيب التهذيب ٦ : ٢١٧.

(٤) مجالس المفيد : ١٨٧ و ١٨٨. أمالى ابن الشيخ : ٥٥.

٤

٣ ـ ما : المفيد ، عن الحسين بن محمد التمار ، عن محمد بن القاسم ، عن موسى بن محمد الخياط ، عن إسحاق بن إبراهيم الخراساني ، عن شريك ، عن عبدالله بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : أصابنا عطش في الحديبية ، فجهشنا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فبسط يديه بالدعاء فتألق (١) السحاب ، وجاء الغيث فروينا منه.

قال أبوالطيب : قال الاصمعي : الجهش أن يفزع الانسان إلى الانسان ، قال أبوعبيدة : وهو مع فزعه (٢) كأنه يريد البكاء ، وفي لغة اخرى : أجهشت إجهاشا فأنا مجهش ، ومنه قول لبيد :

قامت تشكي إلي النفس مجهشة

وقد حملتك سبعا بعد سبعينا

فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا

وفي الثلاث وفاء للثمانينا (٣)

توضيح : قال الجوهري : الجهش أن يفزع الانسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء ، كالصبي يفزع إلى امه وقد تهيأ للبكاء ، يقال : جهش إليه يجهش ، وفي الحديث أصابنا عطش فجهشنا إلى رسول الله ، وكذلك الاجهاش ، يقال : جهشت نفسي وأجهشت ، أي نهضت ، ثم ذكر بيتا من الشعر ، وقال : همعت عينه تهمع همعا وهموعا وهمعانا أي دمعت ، وقال : تألق البرق : لمع.

٤ ـ ير : أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن حماد بن أبي طلحة ، عن أبي عوف ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دخلت عليه فألطفني ، وقال : إن رجلا مكفوف البصر أتى النبى (ص) فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرد علي بصري ، قال : فدعا الله فرد عليه بصره ، ثم أتاه آخر فقال : يا رسول الله ادع الله لي أن يرد علي بصري ، قال : فقال : الجنة أحب إليك أو يرد عليك بصرك؟ قال : يا رسول الله وإن ثوابها الجنة؟ فقال : الله أكرم من أن يبتلي عبده المؤمن بذهاب بصره ثم لا يثيبه الجنة (٤).

__________________

(١) فتألف خ ل وهو الموجود في المصدر.

(٢) أقول : هذا هو الصحيح وأما في النسختين المطبوعتين : « هيمعة فزعة » فهو تصحيف « هى مع فزعه » كما في المصدر المطبوع وهو ايضا تصحيف « هو مع فزعه » كما عرفت والمعنى : قال ابوعبيدة : الجهش ان يفزع الانسان إلى الانسان وهو مع فزعه ذلك على هيئة الباكى كانه يريد البكاء.

(٣) أمالى ابن الشيخ : ٨٠.

(٤) بصائر الدرجات : ٧٧.

٥

٥ ـ ير : العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي ابن إسماعيل الميثمي ، عن كريم قال : سمعت من يرويه قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا فذكر اللحم وقرمه إليه فقام رجل من الانصار وله عناق ، فانتهى إلى امرأته فقال : هل لك في غنيمة؟ قالت : وماذاك؟ قال : إني سمعت رسول الله (ص) يشتهي اللحم ، قالت : خذها ولم يكن لهم غيرها ، وكان رسول الله (ص) يعرفها ، فلما جاء بها ذبحت وشويت ، ثم وضعها النبي (ص) فقال لهم : كلوا ولا تكسروا عظما ، قال : فرجع الانصاري وإذا هي تلعب على بابه (١).

بيان : القرم بالتحريك شدة شهوة اللحم ، والعناق بالفتح : الانثى من ولد المعز.

٦ ـ ير : إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن أسباط ، عن بكر بن جناح ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد ام أمير المؤمنين جاء علي إلى النبي (ص) فقال له رسول الله (ص) : يا أبا الحسن مالك؟ قال : امي ماتت ، قال : فقال النبي (ص) : وامي والله ، ثم بكى. وقال : وااماه ، ثم قال لعلي عليه‌السلام : هذا قميصي فكفنها فيه ، وهذا ردائي فكفنها فيه ، فإذا فرغتم فآذنوني ، فلما اخرجت صلى عليها النبي (ص) صلاة لم يصل قبلها ولا بعدها على أحد مثلها ، ثم نزل على قبرها (٢) فاضطجع فيه ، ثم قال لها : يا فاطمة ، قالت : لبيك يا رسول الله ، فقال : فهل وجدت ما وعد ربك حقا؟ قالت : نعم ، فجزاك الله خيرا ، وطالت مناجاته في القبر ، فلما خرج قيل : يا رسول الله لقد صنعت بها شيئا في تكفينك إياها ثيابك ودخولك في قبرها وطول مناجاتك وطول صلاتك ما رأيناك صنعته بأحد قبلها ، قال : أما تكفيني إياها فإني لما قلت لها : يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم (٣) ، فصاحت وقالت : واسوأتاه فلبستها ثيابي ، وسألت الله في صلاتي عليها بأن لا يبلى أكفانها حتى تدخل الجنة ، فأجابني إلى ذلك ، وأما دخولي

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٧٧.

(٢) إلى قبرها خ ل.

(٣) الظاهر أن الصحيح ، يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم عراتا. كما استظهر ذلك في هامش المصدر.

٦

في قبرها فإني قلت لها يوما : إن الميت إذا ادخل قبره وانصرف الناس عنه دخل عليه ملكان : منكر ونكير فيسئلانه ، فقالت : واغوثاه بالله ، فما زلت أسأل ربي في قبرها حتى فتح لها بابا من قبرها إلى الجنة ، وجعله روضة من رياض الجنة (١).

٧ ـ يج : روي عن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لعلي بن الحسين عليه‌السلام : أسألك عن شئ أنفي عني به ما قد خامر نفسي ، قال : ذلك لك ، قلت أسألك عن الاول والثاني ، فقال : عليهما لعائن الله ، كلاهما مضيا والله كافرين مشركين بالله العظيم ، قلت فالائمة منكم يحيون الموتى ، ويبرؤن الاكمه والابرص ، ويمشون على الماء؟ فقال عليه‌السلام : ما أعطى الله نبيا شيئا إلا وقد أعطى محمدا (ص) وأعطاه ما لم يعطهم ولم يكن عندهم ، فكل ما كان عند رسول الله (ص) فقد أعطاه أمير المؤمنين ، ثم الحسن ، ثم الحسين عليهم‌السلام ، ثم إماما بعد إمام إلى يوم القيامة مع الزيادة التي في كل سنة ، وفي كل شهر ، وفي كل يوم ، إن رسول الله (ص) كان قاعدا فذكر اللحم ، فقام رجل من الانصار إلى امرأته وكان لها عناق ، فقال لها : هل لك في غنيمة؟ قالت : وما ذلك؟ قال : إن رسول الله يشتهي اللحم ، فنذبح له عنزها هذا ، قالت : خذها شأنك وإياها ، ولم يملكا غيرها ، وكان رسول الله يعرفهما (٢) فذبحها وسمطها وشواها وحملها إلى رسول الله (ص) ، فوضعها بين يديه ، فجمع أهل بيته ومن أحب من أصحابه ، فقال : كلوا ولا تكسروا لها عظما ، وأكل معهم الانصاري ، فلما شبعوا وتفرقوا رجع الانصاري وإذا العناق تلعب على بابه. وروي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا غزالا فأتى ، فأمر بذبحه ففعلوا وشووه وأكلوا لحمه ولم يكسروا له عظما ، ثم أمر أن يوضع جلده ويطرح عظامه وسط الجلد ، فقام الغزال حيا يرعى.

بيان : قال الجوهري : سمطت الجدي أسمطه وأسمطه سمطا : إذا نظفته من الشعر بالماء الحار لتشويه.

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٨٢.

(٢) وتقدم في خبر البصائر : « وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعرفها » وعلى اى فالمعنى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعرف أنهما لم يملكا غيرها.

٧

٨ ـ عم ، يج : من معجزات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن امرأة أتت (١) بصبي لها ترجو بركته بأن يمسه ويدعو له ، وكان برأسه عاهة فرحمها والرحمة صفته ، فمسح بيده على رأسه فاستوى شعره وبرئ داؤه ، فبلغ ذلك أهل اليمامة فأتوا مسيلمة بصبي فسألوه ، فمسح رأسه فصلع ، وبقي نسله إلى يومنا هذا صلعا (٢).

٩ ـ عم ، يج : روي أن رجلا من أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله اصيب بإحدى عينيه في بعض مغازيه فسالت (٣) حتى وقعت على خده ، فأتاه مستغيثابه ، فأخذها فردها مكانها ، فكانت أحسن عينيه منظرا ، وأحدهما بصرا (٤).

١٠ ـ يج : روي أنه أتاه صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل من جهينة يتقطع من الجذام ، فشكى إليه ، فأخذ قدحا من الماء فتفل فيه ، ثم قال : امسح به جسدك ففعل فبرئ حتى لم يوجد منه شئ.

١١ ـ يج : روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إني قدمت من سفر لي فبينا بنية خماسية تدرج (٥) حولي في صبغها (٦) وحليها أخذت بيدها فانطلقت بها إلى وادي كذا فطرحتها فيه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : انطلق معي وأرني الوادي ، فانطلق مع رسول الله (ص) إلى الوادي فقال لابيها : ما اسمها؟ قال : فلانة. فقال : يا فلانة (٧) احيي بإذن الله ، فخرجت الصبية تقول : لبيك يا رسول الله وسعديك ، فقال : إن أبويك قد أسلما (٨) ، فإن أحببت أردك عليهما ، قالت : لا حاجة لي فيهما ، وجدت الله خيرا لي منهما.

قب : عن الحسين عليه‌السلام مثله (٩).

__________________

(١) في اعلام الورى : أتته.

(٢) إعلام الورى : ١٨ ط ١ و ٣٧ ط ٢.

(٣) في المصدر فسالت الدم.

(٤) إعلام الورى ١٩ ط ١ و ٣٨ ط ٢.

(٥) درج الصبى أو الشيخ : مشى.

(٦) في صنعها خ ل. وفى المناقب : تدرج حولى في حليها فاخذت.

(٧) أجيبينى خ ل ، وهو الموجود في المناقب.

(٨) في المناقب : إن أبويك قد أساءا.

(٩) مناقب آل أبى طالب ١ : ١١٤ ط النجف.

٨

١٢ ـ يج : روي أن سلمة بن الاكوع أصابه ضربة يوم خيبر ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فنفث فيه ثلاث نفثات ، فما اشتكاها حتى الممات ، وأصاب عين قتادة بن النعمان ضربة أخرجتها فردها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله موضعها فكانت أحسن عينيه.

١٣ ـ يج : روي أن شابا من الانصار كان له ام عجوز عمياء وكان مريضا فعاده رسول الله (ص) فمات ، فقالت : اللهم إن كنت تعلم أني هاجرت إليك وإلى نبيك رجاء أن تعينني على كل شدة فلا تحملن علي هذه المصيبة قال أنس : فما برحنا إلى أن كشف الثوب عن وجه فطعم وطعمنا.

١٤ ـ يج : روي أن اسامة بن زيد قال : خرجنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجته التي حجها حتى إذا كنا ببطن الروحاء نظر إلى امرأة تحمل صبيا ، فقالت : يا رسول الله هذا ابني ما أفاق من خنق منذ ولدته إلى يومه هذا ، فأخذه رسول الله (ص) وتفل في فيه ، فإذا الصبي قد برئ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) : انطلق انظر هل ترى من حش (٢)؟ قلت : إن الوادي ما فيه موضع يغطى عن الناس ، قال لي : انطلق إلى النخلات ، وقل : إن رسول الله يأمركن أن تدنين لمخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقل للحجارة مثل ذلك ، فوالذي بعثه بالحق نبيا لقد قلت لهن ذلك وقد رأيت النخلات يتقاربن والحجارة يتفرقن (٣) ، فلما قضى حاجته رأيتهن يعدن إلى موضعهن.

١٥ ـ يج : روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قدم المدينة وهي أوبأ (٤) أرض الله ، فقال : اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة ، وصححها لنا ، وبارك لنا في صاعهاو مدها ، وانقل حماها إلى الجحفة.

١٦ ـ يج : روي أن أبا طالب مرض فدخل عليه رسول الله (ص) فقال : يا ابن أخي

__________________

(١) أى قال صلى‌الله‌عليه‌وآله لاسامة بن زيد.

(٢) الحش مثلثة النخل المجتمع.

(٣) يتقربن خ ل.

(٤) من وبأ المكان : كثر فيه الوباء.

٩

ادع ربك (١) أن يعافيني ، فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله «اللهم اشف عمي» فقام كأنما انشط من عقال.

قب : عن سلمان مثله (٢).

١٧ ـ يج : روي أن عليا مرض وأخذ يقول : «اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني وإن كان متأخرا فارفعني (٢) ، وإن كان للبلاء فصبرني» فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهم اشفه اللهم عافه» ثم قال : قم ، قال علي عليه‌السلام : فقمت فما عاد ذلك الوجع إلي بعد (٤).

١٨ ـ يج : روي أن عبدالله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله فبرئ.

١٩ ـ يج : روى ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بابن لها فقالت : ابني هذا به جنون يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيحثوا علينا ، فمسح صلى‌الله‌عليه‌وآله صدره ودعا ، فتعثعث فخرج من جوفه مثل خرء الاسد فبرئ.

بيان : قال الفيروز آبادي : عثعث : حرك وأقام وتمكن وركن.

٢٠ ـ يج : روي أن معاذ بن عفراء جاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحمل يده وكانت قد قطعها أبوجهل ، فبصق عليه‌السلام وألصقها فلصقت.

٢١ ـ يج : روي أن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى رجلا يكف (٥) شعره إذا سجد فقال : « اللهم قبح (٦) رأسه » فتساقط شعره حتى ما بقي في رأسه شئ.

٢٢ ـ يج : روي أنه دعا لانس لما قالت امه ام سليم (٧) : ادع له فهو خادمك ،

__________________

(١) ربك الذى تعبده خ ل.

(٢) مناقب آل ابى طالب ١ : ٧٤ وفيه : فعاده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) فارفقنى خ ل.

(٤) من بعد خ ل.

(٥) يلف خ ل أقول وهما وزنا ومعنى واحد يقال لف او كف شعره إذا جمعه وضمه

(٦) اقبح خ ل.

(٧) هى أم سليم بنت ملحان بن خالد الانصارية ، يقال : اسمها سهلة أو رميلة أو رميثة أو

مليكة أو أنيثة.

١٠

قال : « اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته » قال أنس : أخبرني بعض ولدي أنه دفن من ولده أكثر من مأة.

٢٣ ـ يج : روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبصر رجلا يأكل بشماله ، فقال : كل بيمينك فقال : لا أستطيع ، فقال : لا استطعت ، قال : فما وصلت إلى فيه من بعد (١) ، كلما رفع اللقمة إلى فيه ذهبت في شق آخر.

قب : سلمة ابن الاكوع ، عن أبيه مثله (٢).

٢٤ ـ قب ، يج : روى أبونهيك الازدي ، عن عمرو بن أخطب قال : استسقى النبي (ص) فأتيته بإناء فيه ماء وفيه شعرة فرفعتها ، فقال : « اللهم جمله جمله » قال : فرأيته بعد ثلاث وتسعين سنة ما في رأسه ولحيته شعرة بيضاء (٣).

٢٥ ـ يج : روي أن النابغة الجعدي أنشد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله :

بلغنا السماء عزة وتكرما

وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

فقال : إلى أين يا ابن أبي ليلى؟ قال : إلى الجنة يا رسول الله ، قال : أحسنت لا يفضض الله فاك ، قال الراوي : فرأيته شيخا له مأة وثلاثون سنة وأسنانه مثل ورق الاقحوان نقاء وبياضا ، قد تهدم جسمه إلا فاه.

بيان : الاقحوان بالضم : البابونج.

٢٦ ـ يج : روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج فعرضت له امرأة فقالت : يا رسول الله إني امرأة مسلمة ومعي زوج في البيت مثل المرأة ، قال : فادعي زوجك ، فدعته ، فقال لها : أتبغضينه؟ قالت : نعم ، فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لهما ووضع جبهتها على جبهته وقال : «اللهم ألف بينهما ، وحبب أحدهما إلى صاحبه» ثم كانت المرأة تقول بعد ذلك : ما طارف ولا تالد ولا والد أحب إلى منه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اشهد (٤) أني رسول الله.

__________________

(١) في المناقب ، فما نالت يمينه فاه بعد. أقول : وهذا آخر الحديث في المناقب.

(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٢.

(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٤ وفيه : جملك الله ، فرئى بعد ثلاث وتسعين سنة أسود الرأس

والجسد.

(٤) اشهدى خ ل ـ أقول : الحديث في المناقب ١ : ٧٣ مع اختلاف في ألفاظه. وكذلك

حديث النابغة وحديث عمرو بن الحمق.

١١

بيان : الطارف من المال : المستحدث ، وهو خلاف التالد.

٢٧ ـ يج : روي أن عمرو بن الحمق الخزاعي سقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «اللهم أمتعه بشبابه » ، فمرت له ثمانون سنة لم يرله شعرة بيضاء.

٢٨ ـ يج : وروي عن عطاء قال : كان في وسط رأس مولاي السائب بن يزيد شعر أسود ، وبقية رأسه ولحيته بيضاء ، فقلت : ما رأيت مثل ذلك ، رأسك هذا أسود ، وهذا أبيض ، قال : أفلا أخبرك قلت : بلى ، قال : إني كنت ألعب من الصبيان ، فمربي نبي الله (ص) فعرضت له وسلمت عليه ، فقال : وعليك من أنت؟ قال (١) : أنا السائب أخو النمر ابن قاسط ، فمسح رسول الله رأسي وقال : بارك الله فيك ، فلا والله لا تبيض أبدا (٢).

٢٩ ـ قب ، يج : روي أن عليا عليه‌السلام قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن ، فقلت : بعثتني يا رسول الله وأنا حدث السن لا أعلم (٣) بالقضاء ، قال : انطلق فإن الله سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ، قال علي عليه‌السلام : فما شككت في قضاء ، بين رجلين (٤).

٣٠ ـ قب ، يج : روى مرة بن جعبل (٥) الاشجعي قال : غزوت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض غزواته فقال : سريا صاحب الفرس ، فقلت : يا رسول الله عجفاء ضعيفة ، فرفع مخفقة عنده فضربها ضربا خفيفا ، فقال : اللهم بارك له فيها ، فقال : رأيتني ما أمسك رأسها أن تقدم الناس ، ولقد بعت من بطنها باثنى عشر ألفا (٦).

بيان : في القاموس : المخفقة كمكنسة : الدرة أوسوط من خشب.

٣١ ـ قب ، يج : روي أن جرهدا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين يديه طبق فأدلى (٧)

__________________

(١) هكذا في النسخ ، والصحيح : قلت.

(٢) ما ابيض خ ل.

(٣) لا علم لى خ ل. وفى المناقب : تبعثنى وأنا حدث السن ولا علم لى بالقضاء.

(٤) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٤.

(٥) في المناقب : جعيل ، أقول : ولم نجد ذكره في الصحابة.

(٦) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٣

(٧) فأدنى خ ل.

١٢

جرهد بيده الشمال ليأكل ، وكانت يده اليمنى مصابة ، فقال : كل باليمين ، فقال : إنها مصابة ، فنفث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها فما اشتكاها بعد.

٣٢ ـ يج : روى عن عثمان بن جنيد أنه قال : جاء رجل ضرير إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكى إليه ذهاب بصره ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ، ثم قل : « اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ليجلو عن بصري ، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي » قال ابن جنيد : فلم يطل بنا الحديث حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرر قط.

٣٣ ـ يج : روي أن أبيض بن جمال (١) قال : كان بوجهي حزاز يعني القوبا (٢) قد التمعت فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فمسح وجهه فذهب في الحال ولم يبق له أثر على وجهه.

٣٤ ـ يج : روي أن الفضل بن العباس قال : إن رجلا قال : يا رسول الله إني بخيل جبان نؤوم فادع لي ، فدعا الله أن يذهب جبنه ، وأن يسخي نفسه ، وأن يذهب كثرة نومه ، فلم يرأسخى نفسا ولا أشد بأسا ولا أقل نوما منه.

٣٥ ـ يج : عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «اللهم أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرهم نوالا» فوجد كذلك.

٣٦ ـ يج : روي أن عليا عليه‌السلام كان رمد العين يوم خيبر فتفل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عينيه ، ودعا له ، وقال : «اللهم أذهب عنه الحر والبرد» فما وجد حرا ولا بردا ، وكان يخرج في الشتاء في قميص واحد.

٣٧ ـ يج : روي أن أبا هريرة قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إني أسمع منك الحديث الكثير أنساه ، قال : أبسط رداك ، قال : فبسطته فوضع يده فيه ، ثم قال : ضمه فضممته ، فما نسيت كثيرا (٣) بعده :

__________________

(١) هكذا في النسخ ، ولكن ابن حجر ضبطه بالحاء المهملة وتشديد الميم : حمال.

(٢) القوباء : خشونة تحدث في ظاهر الجلد مع حكة ، ويكون لونها مرة مائلا إلى السواد ، و مرة مائلا إلى الحمرة ، ويطلق القوباء على البرص الاسود أيضا.

(٤) حديثا خ ل.

١٣

٣٨ ـ يج : روي أن أعرابيا قال : يارسول الله هلك المال ، وجاع العيال ، فادع الله لنا ، فرفع يده وما وضعها حتى ثار (١) السحاب أمثال الجبال ، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأينا المطر يتحادر (٢) على لحيته ، فمطرنا إلى الجمعة ، ثم قام أعرابي فقال : تهدم البناء ، فادع ، فقال : « حواليناولا علينا » فما كان يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا تفرجت حتى صارت المدينة مثل الجوبة ، وسال الوادي شهرا ، فضحك رسول الله (ص) فقال : لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه (٣).

بيان : قال الجزري : في حديث الاستسقاء حتى صارت المدينة مثل الجوبة ، هي الحفرة المستديرة الواسعة ، وكل منفتق بلا بناء جوبة ، أي حتى صار الغيم والسحاب محيطا بآفاق المدينة.

٣٩ ـ يج : روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نادى بالمشركين ، واستعانوا عليه دعا الله أن يجدب بلادهم ، فقال : «اللهم سنين كسني يوسف ، اللهم اشدد وطأتك على مضر» فأمسك المطر عنهم حتى مات الشجر ، وذهب الثمر ، وفني المواشي ، وعند ذلك وفد حاجب بن زرارة على كسرى فشكى إليه يستأذنه في رعي السواد ، فأرهنه قوسه (٤) ، فلما أصاب مضر البأس الشديد عاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بفضله عليهم ، فدعا الله بالمطر لهم.

قب : ابن عباس ومجاهد مثله (٥).

__________________

(١) أى ارتفع.

(٢) يتحادر أى ينزل.

(٣) حيث كان يقول : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للارامل

(٤) فارهنه فرسه خ ل.

(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٢ ، ألفاظ الحديث فيه هكذا : ابن عباس ومجاهد في قوله تعالى : « ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة » جاء خباب بن الارت فقال : يا رسول الله ادع ربك ان يستنصر لنا على مضر ، فقال : إنكم لتعجلون ، ثم قال بعد كلام له : « اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعل عليها سنين كسنى يوسف عليه‌السلام » وفى خبر : « اللهم سبعا كسنى يوسف » فقطع الله عنهم المطر حتى مات الشجر وذهب الثمر وأجدبت الارض وماتت المواشى واشتووا القد وأكلوا العلهز فعطفوه وعطف ورغب إلى الله فمطروا وامطر اهل المدينة مطرا خافوا الغرق و انهدام البنيان : فشكوا ذلك إليه فقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، فاطاف بها حولها مستديرا وهى في فجوته كالدارة.

١٤

٤٠ ـ يج : روي أنه كان جالسا إذ أطلق حبوته (١) فتنحى قليلا ، ثم مد يده كأنه يصافح مسلما ، ثم أتانا فقعد ، فقلنا : كنا نسمع رجع الكلام ، ولا نبصر أحدا ، فقال : ذلك إسماعيل ملك المطر إستأذن ربه أن يلقاني فسلم علي (٢) ، فقلت له : أسقنا ، قال ميعادكم كذا في شهر كذا ، فلما جاء ميعاده صلينا الصبح فقلنا (٣) لا نرى شيئا ، وصلينا الظهر فلم نرشيئا حتى إذا العصر ، نشأت سحابة (٤) فمطرنا فضحكنا ، فقال عليه‌السلام : مالكم؟ قلنا : الذي قال الملك ، قال : أجل مثل هذا فاحفظوا (٥).

٤١ ـ يج : روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث إلى يهودي في قرض يسأله ففعل ، ثم جاء اليهودي إليه فقال : جاءتك (٦) حاجتك؟ قال : نعم ، قال : فابعث فيما أردت ولا تمتنع من شئ تريده ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أدام الله جمالك ، فعاش اليهودي ثمانين سنة ما رئي في رأسه شعرة بيضاء.

٤٢ ـ يج : روي أنه في وقعة تبوك أصاب الناس عطش ، فقالوا يا رسول الله لو دعوت الله لسقانا؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو دعوت الله لسقيت ، قالوا : يا رسول الله ادع لنا ليسقينا ، فدعا فسالت الادوية : فإذا قوم على شفير الوادي يقولون : مطرنا بنوء (٧) الذراع وبنوء كذا ، فقال رسول الله : ألا ترون؟ فقال خالد : ألا أضرب أعناقهم؟ فقال رسول الله (ص) : لا ، يقولون (٨) هكذا ، وهم يعلمون أن الله أنزله.

__________________

(١) الحبوة بالفتح والضم : مايحتبى به أى يشتمل به من ثوب أو عمامة.

(٢) فيسلم على خ ل ،

(٣) فكنا خ ل.

(٤) أى رفعت.

(٥) أى امثال هذه المعجزة فاحتفظوا بها واستظهروها وانقلوها إلى من لم يروها ، أو احتفظوا بسائر ما ترونه وتسمعونه كما حفظتم هذه.

(٦) جاء بك خ ل.

(٧) النوء : النجم مال للغروب ، وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا : لابد من ان يكون عند ذلك مطر أو رياح ، فينسبون كل غيث إلى ذلك النجم فيقولون : مطرنا بنوء الثريا أو بنوء الدبران.

(٨) هم يقولون خ ل.

١٥

٤٣ ـ يج : عن أنس قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل عليكم من هذا الباب خير الاوصياء وأدنى الناس منزلة من الانبياء ، فدخل علي بن أبى طالب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : «اللهم أذهب عنه الحر والبرد» فلم يجدهما حتى مات ، فإنه كان يخرج في قميص في الشتوة.

٤٤ ـ يج : روي أنه كان لبعض الانصار عناق فذبحها ، وقال لاهله : اطبخوا بعضا ، واشووا بعضا ، فلعل رسولنا يشرفنا ويحضر بيتنا الليلة ويفطر عندنا ، وخرج إلى المسجد ، وكان له ابنان صغيران ، وكانا يريان أباهما يذبح العناق ، فقال أحدهما للآخر : تعالى حتى أذبحك ، فأخذ السكين وذبحه ، فلما رأتهما الوالدة صاحت ، فعدى الذابح فهرب فوقع من الغرفة فمات ، فسترتهما وطبخت وهيأت الطعام ، فلما دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دار الانصاري نزل جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا رسول الله استحضر ولديه ، فخرج أبوهما يطلبهما فقالت : والدتهما : ليسا حاضرين ، فرجع إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبره بغيبتهما ، فقال : لابد من إحضارهما ، فخرج إلى امهما فأطلعته على حالهما فأخذهما إلى مجلس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا الله فأحياهما وعاشا سنين.

٤٥ ـ قب : الوافدي كتب النبي (ص) إلى بني حارثة بن عمرو يدعوهم إلى الاسلام ، فأخذوا كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فغسلوه ورقعوا به أسفل دلوهم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما لهم أذهب الله عقولهم » فقال : فهم أهل رعدة وعجلة وكلام مختبط وسفه.

وخاف النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من قريش فدخل بين الاراك فنفرت (١) الابل ، فجاء أبوثروان إليه وقال : من أنت؟ قال : رجل استأنس إلى إبلك قال : أراك صاحب قريش؟ قال : أنا محمد ، قال : قم والله لا تصلح إبل أنت فيها ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهم أطل شقاه وبقاه» قال عبدالملك : إني رأيته شيخا كبيرا يتمنى الموت فلا يموت ، فكان يقول له القوم : هذا بدعوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ولما كلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في سبي هوازن ردوا عليهم سبيهم إلا رجلين ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خيروهما ، أما أحدهما قال : إنى أتركه ، وأما الآخر فقال : لا أتركه ، فلما أدبر

__________________

(١) فتقرب خ ل.

١٦

الرجل قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهم أخس سهمه» فكان يمر بالجارية البكر والغلام فيدعه حتى مر بعجوز ، فقال : إني آخذ هذه فإنها أم حي فيفادونها مني بما قدروا عليه ، فقال عطية السعدي : عجوز يا رسول الله سيبة (١) بتراء مالها أحد ، فلما رأى أنه لا يعرضها أحد تركها.

وفي حديث جابر : إن امرأة من المسلمين قالت : اريد (٢) ما تريد المسلمة ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي بزوجها ، فجئ به ، فقال له في ذلك ، ثم قال لها : أتبغضينه؟ قالت : نعم والذي أكرمك بالحق ، فقال : أدنيا رؤوسكما ، فأدنيا فوضع جبهتها على وجهه ، ثم قال : «اللهم ألف بينهما ، وحبب أحدها إلى صاحبه» ثم رآها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تحمل الادم على رقبتها ، وعرفته فرمت الادم ثم قبلت رجليه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف أنت وزوجك؟

فقالت : والذي أكرمك بالحق ما في الزمان أحد أحب إلي منه.

وكان عند خديجة امرأة عمياء فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لتكونن عيناك صحيحتين ، فصحتا ، فقالت خديجة : هذا دعاء مبارك ، فقال : « وما أرسلناك إلا رحمة ».

ودعا صلى‌الله‌عليه‌وآله لقيصر فقال : ثبت الله ملكه كما كان.

ودعا على كسرى : « مزق الله ملكه » فكان كما قال.

جعفر بن نسطور الرومي كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك فسقط من يده السوط فنزلت عن جوادي فرفعته ودفعته إليه ، فنظر إلى وقال : يا جعفر مد الله في عمرك مدا ، فعاش ثلاثمأة وعشرين سنة.

وقوله للنابغة وقد مدحه : « لا يفضض الله فاك » فعاش مأة وثلاثين سنة ، كلما سقطت له سن نبتت له اخرى أحسن منها ، ذكره المرتضى في الغرر.

وعن ميمونة أن عمرو بن الحمق سقى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لبنا فقال : « اللهم أمتعه بشبابه » فمرت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء.

ومر النبي بعبد الله بن جعفر وهو يصنع شيئا من طين من لعب (٣) الصبيان ، فقال :

__________________

(١) في الصمدر : سبية. وفيه : لا يعرفها. وسيبة وزان ثيبة : المرأة التى لا ينظر إليها استعارة من سابت البعير إذا أهملت وتركت لا يركب عليها ولا تذبح ولا تباع اشفاقا عليها لما أدركت نتاج نتاجها

(٢) ما اريد خ ل.٠

(٣) اللعب : ما يلعب به.

١٧

ما تصنع بهذا؟ قال : أبيعة ، قال ما تصنع بثمنه؟ قال : أشتري رطبا فآكله ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهم بارك له في صفقة (١) يمينه» فكان يقال : ما اشترى شيئا قط إلا ربح فيه فصار أمره إلى أن يمثل به ، فقالوا : عبدالله بن جعفر الجواد ، وكان أهل المدينة يتداينون (٢) بعضهم من بعض إلى أن يأتي عطاء عبدالله بن جعفر.

أبوهريرة أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بتميرات فقلت : ادع لي بالبركة فيهن ، فدعا ، ثم قال : اجعلهن في المزود ، قال : فلقد حملت منها كذى وكذى وسقا (٣).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ابن عباس : «اللهم فقهه في الدين» الخبر ، فخرج بحرا في العلم وحبرا للامة.

في نزهة الابصار : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لسعد : «اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته» وذلك أنه كان يرمي ، فيقال : إنه تخلف يوم القادسية عن الوقعة لفترة عرضت له ، فقال فيه شاعر :

ألم تر أن الله أظهر دينه

وسعد بباب القادسية معصم

رجعنا وقدآمت نساء كثيرة

ونسوة سعد ليس فيهن أيم

فبلغ ذلك سعدا فقال ، اللهم أخرس لسانه ، فشهد حربا فأصابته رمية فخرس من ذلك لسانه.

ورأى رجلا بالمدينة راكبا على بعير يشتم عليا عليه‌السلام ، فقال : اللهم إن كان هذا الشيخ وليا من أوليائك فأرنا قدرتك فيه ، فنفر به بعيره فألقاه فاندقت رقبته.

وسمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسيره إلى خيبر سوق (٤) عامر بن الاكوع بقوله :

__________________

(١) الصفقة : ضرب اليد على اليد في البيع وذلك علامة وجوب البيع. أو وضع أحد المتبايعين يده في الاخر عند البيع ، وقد تطلق الصفقة على عقد البيع.

(٢) في المصدر : يقترض.

(٣) الوسق بالفتح : ستون صاعا وهو ثلاثمأة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز ، وأربعمأة و ثمانون رطلا عند أهل العراق.

(٤) السوق بالفتح : حث الماشية على السير والمراد ههنا : الحداء.

١٨

لا هم لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : برحمة الله (١) ، قال رجل : وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به ، وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما استغفر قط لرجل يخصمه إلا استشهد.

وكان الناس يحفرون الخندق وينشدون سوى سلمان رضي‌الله‌عنه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم أطلق لسان سلمان ولو على بيتين من الشعر » فأنشأ سلمان رضي‌الله‌عنه.

مالي لسان فأقول شعرا

أسأل ربي قوة ونصرا

على عدوي وعدو الطهرا

محمد المختار حاز الفخرا

حتى أنال في الجنان قصرا

مع كل حوراء تحاكي البدرا

فضج المسلمون ، وجعل كل قبيلة يقول : سلمان منا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان منا أهل البيت (٢).

بيان : قوله : سيبة ، لعل المراد بها السائبة التي لا وارث لها ، والبتراء : التي لا ولد لها ، قولها : ما تريد المسلمة : أي الجماع.

٤٦ ـ قب : عن الصادق عليه‌السلام في خبر إنه ذكر قوة (٣) اللحم عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ما ذقته منذ كذا ، فتقرب إليه فقير بجدي كان له فشواه وأنفذه إليه فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلوه ولا تكسروا عظامه ، فلما فرغوا أشار إليه وقال : انهض بإذن الله ، فأحياه فكان يمر عند صاحبه كما يساق.

وأتى أبوأيوب بشاة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عرس فاطمة عليها‌السلام ، فنهاه جبرئيل عن ذبحه (٤) ، فشق ذلك عليه فأمر صلى‌الله‌عليه‌وآله : يزيد بن جبير (٥) الانصاري فذبحه بعد

__________________

(١) يرحمه‌الله خ ل.

(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٢ ـ ٧٥.

(٣) قرم خ ل.

(٤) في المصدر : عن ذبحها ، وكذا الضمائر الاتية الراجعة إلى الشاة كلها في المصدر مؤنثة.

(٥) في المصدر : لزيد بن جبير. أقول : يأتى في الشعر ما يؤيد المتن ولم نعرف ابن جبير هذا في الصحابة ، ولعله مصحف بزيد بن جارية.

١٩

يومين ، فلما طبخ أمر ألا يأكلوا إلا بسم الله ، وأن لا يكسروا عظامه ، ثم قال : إن أبا أيوب رجل فقير ، إلهي أنت خلقتها ، وأنت أفنيتها ، وإنك قادر على إعادتها ، فاحيها يا حي لا إله إلا أنت فأحياه الله وجعل فيها بركة لابي أيوب ، وشفاء المرضى في لبنها ، فسماها أهل المدينة المبعوثة ، وفيها قال عبدالرحمن بن عوف أبياتا منها :

ألم يبصروا شاة ابن زيد (١) وحالها

وفي أمرها للطالبين مزيد

وقد ذبحت ثم استجر (٢) إهابها

وفصلها فيما هناك يزيد

وأنضج منها اللحم والعظم والكلى

فهلهله بالنار وهو هريد

فأحيا له ذو العرش والله قادر

فعادت بحال ما يشاء يعود

وفي خبر عن سلمان : أنه لما نزل صلى‌الله‌عليه‌وآله دار أبي أيوب لم يكن له سوى جدي وصاع من شعير ، فذبح له الجدي وشواه ، وطحن الشعير وعجنه وخبزه ، وقدم بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمر بأن ينادي : ألا من أراد الزاد فليأت إلى دار أبي أيوب ، فجعل أبوأيوب ينادي ، والناس يهرعون كالسيل حتى امتلات الدار ، فأكل الناس بأجمعهم والطعام لم يتغير ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أجمعوا العظام فجمعوها فوضعها في إهابها ، ثم قال : قومي بإذن الله تعالى ، فقام الجدي فضج الناس بالشهادتين (٢).

بيان : قوله : فهلهله ، أي طبخه رق ، من قولهم : هلهل النساج الثوب : إذا أرق نسجه وخففه ، وفي بعض النسخ فخلخله ، يقال : خلخل العظم : إذا أخذ ما عليه من اللحم ، ويقال : هرد اللحم ، أي أنعم إنضاجه أو طبخه حتى تهرأ.

٤٧ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : لما استسقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسقي الناس حتى قالوا : إنه الغرق ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيده وردها : «اللهم حوالينا ولا علينا» قال : فتفرق السحاب ، فقالوا

__________________

(١) أراد أبا أيوب لانه خالد بن زيد بن كليب الانصارى الخزرجى.

(٢) في المصدر : استجز والاهاب بالكسر : الجلد.

(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ١١٤ وفى النسختين المطبوعتين اثبات حديث آخر ذيل الحديث من المناقب أوله : أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لما غزونا خيبر ، الحديث وقد مر نقلة من المناقب ص ٣٦٥ ج ١٧ واما في نسخة المصنف ( قده ) فقد خط عليه لعدم مناسبته الباب.

٢٠